حذر خبراء بيئيون، اليوم الثلاثاء، من خطر جفاف الاهوار ونفوق وهلاك ثرواتها الحيوانية والسمكية وبكونها أبرز معالم العراق الطبيعية الموغلة بالقدم.
ومع حلول الذكرى السادسة لإدراج الأهوار العراقية على قائمة التراث العالمي الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة للعلم والثقافة والتربية (اليونسكو، تتزايد المخاوف من حدوث جفاف كامل في الأهوار العراقية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وشح الأمطار بفعل ظاهرة التغير المناخي التي تضرب مفاعيلها العراق بقوة منذ سنوات.
ويعد العراق خامس الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية العالمية وفق وزارة البيئة العراقية.
وتأتي المياه إلى الأهوار من نهري دجلة والفرات، اللذين يوفران بيئة طبيعية للأسماك والطيور والحيوانات، وتعد الأهوار نقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وإفريقيا، فضلا عن مناظرها وطبيعتها الخلابة، التي تجعلها من أبرز المناطق السياحية العراقية.
ولا يقتصر فقط على تدمير واحدة من والإخلال بالتوازن البيئي لمناطق عراقية شاسعة، بل يمتد ليشمل حدوث هجرات جماعية لسكان مناطق الأهوار نحو مدن ومناطق عراقية أخرى، مما يقود لإندثار مجتمع الأهوار من جهة.
ويتسبب الأمر بضغوط كبيرة ديمغرافيا واقتصاديا وخدميا على المدن والبلدات والقرى، التي يقصدها سكان الأهوار، إذ يعتمدون غالبا على مياه الأهوار لرعي وسقي جواميسهم وصيد السمك والزراعة وخاصة زراعة الأرز .
وقال الخبير المناخي والبيئي العراقي، أيمن هيثم في تصريح صحفي تابعته وكالة النبأ، ان "العراق يعيش ظروفا بيئية قاسية جدا نتيجة قلة التساقط المطري بل وانعدامه في بعض مناطقه خلال العامين الماضيين، بسبب أزمة الجفاف التي تتفاقم عاما بعد آخر، إضافة لقلة الإمدادات المائية لنهري دجلة والفرات، بفعل تجاوز دول الجوار (دول المنبع ) تركيا وإيران على الحصص المائية العراقية من خلال بناء عدد ضخم من السدود في جنوب شرق الأناضول، وقطع معظم روافد نهر دجلة من الجانب الإيراني وحرفها عن مسارها الطبيعي نحو الأراضي الإيرانية".
وتابع الى، ان "الأمر الذي انعكس بأقصى تأثيراته السلبية على البيئة العراقية ملحقا الضرر بأكثر من 70 بالمئة من الأراضي الصالحة للزراعة في عموم العراق، خصوصا في مناطق الوسط والجنوب، وجفاف الخزانات المائية السطحية مثل بحيرة حمرين التي تمد ما يقارب 65 بالمئة من الأراضي الزراعية في محافظة ديالى بالمياه".
واوضح هيثم، ان "بيئة الأهوار العراقية تتعرض لأسوأ سيناريو بيئي منذ عام العام 2003 ، فالأهوار تتمركز في 3 محافظات وهي، ذي قار، ميسان والبصرة، والتي ضمت في شهر يوليو من العام 2016 إلى لائحة التراث العالمي لليونسكو".
وتابع، "وعلى إثر ذلك استبشر العراقيون خيرا بدخول عامل الحماية الدولية التي ستتولى دور المدافع عن هذه البقعة الحيوية من العراق، في ظل غياب الدور الحكومي تماما عن المشهد منذ عقود، لكن الأهوار وصلت إلى حالة يرثى لها، إذ جفت في 20 يوليو الجاري، أهوار ذي قار بنسبة 85 بالمئة من مساحتها وبواقع 80 سم عن مستواها الطبيعي، وأهمها هور أبو زرك في قضاء الاصلاح شرق الناصرية، وأهوار ميسان بنسبة 90 بالمئة أهمها وأكبرها هور الحويزة وبركة أم النعاج..".
هجرة السكان
واضاف، الى، ان "نتائج هذا الانحدار في الواقع البيئي كارثية، حيث بدأ العديد من سكان الأهوار بالهجرة من مناطقهم بعد خسارة مصادر رزقهم بفعل فقدان المياه وتبدد الثروة السمكية وهلاك أعداد كبيرة من المواشي، باتجاه مناطق المياه شمالا، التي هي أيضا مهددة بالجفاف باستمرار نسب الواردات المائية الضئيلة، وهذه الهجرة لن تؤثر على الوضع البيئي فقط بل ستسبب ضغط سكاني على مراكز المدن و الأقضية والنواحي، فضلا عن التغير الديمغرافي الذي يرافق عمليات الهجرة والانتقال لنظام التجمعات حول مصادر المياه الطبيعية".
وينتقد المتحدث الدور الحكومي، ويقول: "اقتصر الأمر مع الأسف على تحويل ملف الأهوار من وزارة الموارد المائية لوزارة الهجرة والمهجرين للسيطرة على هجرة الأهواريين".
ونوه الى، إن "العراق يفقد علامته الفارقة وأحد أندر الأنظمة البيئية على مستوى العالم، لما تحتويه هذه البيئة من تنوع أحيائي واسع واستمرار بصمات الإرث الحضاري في طبيعة أسلوب حياة سكان الأهوار، لذا من الضروري التحرك الدولي للضغط على كل من تركيا وإيران لإعادة المياه للعراق بصورة عامة ولأهوار وسط وجنوب العراق، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حضارة وادي الرافدين".
وكانت منظمة اليونسكو بمناسبة إدراجها في لوائحها، قد وصفت الأهوار العراقية بأنها فريدة من نوعها باعتبارها واحدة من أكبر المسطحات المائية الداخلية في العالم في بيئة جافة وشديدة الحرارة، وأنها تمثل ملاذا بيولوجيا متنوعا وموقعا تاريخيا لحضارة ما بين النهرين.
والأهوار حتى قبل موجات الجفاف الحالية، كانت قد تعرضت لضرر فادح بعد أن أمر النظام السابق بتجفيفها عام 1990، لمنع معارضيه من الاختباء فيها وتوظيف طبيعتها التضاريسية لصالحهم.
اضف تعليق