تزايد الحديث في الآونة الأخيرة حول الوباء المفترض، الذي اصطلح على تسميته "المرض أكس".
و"المرض أكس"، هو تهديد افتراضي غير معروف، يسعى العلماء لدراسة التدابير المضادة له، بما في ذلك اللقاحات والاختبارات، لنشرها في حال تفشيه في المستقبل.
وخلال الأيام الماضية، تكثف التداول بمصطلح "المرض أكس"، عبر مواقع التواصل حول العالم، بالتزامن انطلاق المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (15-19 يناير/ كانون الثاني)، وعلى برنامجه اجتماع بعنوان "الاستعداد للمرض إكس"، الذي عقد الأربعاء الماضي.
وتناولت الجلسة "الجهود الجديدة اللازمة لإعداد أنظمة الرعاية الصحية للتحديات المتعددة المقبلة إذا أردنا أن نكون مستعدين لوباء أكثر فتكاً"، بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي. ويشارك فيها رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، ووزيرة الصحة البرازيلية نيسيا ترينداد ليما، ورئيس مجلس إدارة شركة الأدوية العملاقة أسترازينيكا ميشيل ديماري، والرئيس التنفيذي لشركة رويال فيليبس روي جاكوبس، ونائب الرئيس التنفيذي لسلسلة المستشفيات الهندية أبولو بريثا ريدي.
ويأتي الاجتماع بعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن ازدياد في انتشار حالات الإصابة الجديدة بفيروس كوفيد - 19 بعد فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وصرح أدهانوم غيبريسوس أنه تم الإبلاغ عن وفاة ما يقرب من 10 آلاف شخص الشهر الماضي، وأن خمسين دولة حول العالم، سجلت ارتفاعاً بنسبة 42 بالمئة، في حالات دخول المستشفيات للإصابة بالفيروس.
ما هو المرض أكس؟
"المرض أكس" ليس وباءً حقيقياً بعد، ولا يستخدم للإشارة إلى فيروس مكتشف حديثاً، بل هو مصطلح بات يستخدم من قبل الهيئات الصحية للإشارة إلى وباء افتراضي، تتجهّز الدول لمجابهته، في حال ظهوره.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، جمعت منظمة الصحة العالمية أكثر من 300 عالم للنظر في أدلة حول إمكانية تسبب أكثر من 25 نوعاً من البكتيريا والعائلات الفيروسية في تفشي الأمراض.
وأطلقت المنظمة عملية على مستوى العالم، "لتحديث قائمة مسببات الأمراض ذات الأولوية، التي يمكن أن تتسبب في تفشي الأمراض أو الجوائح، لتوجيه الاستثمار العالمي والبحث والتطوير، لا سيما في اللقاحات والفحوصات والعلاجات".
وفي هذا الإطار، استخدم تعبير "المرض إكس" للإشارة إلى عامل ممرض غير معروف يمكن أن يتسبب في وباء دولي خطير. فهو ليس مرضاً محدّداً، بل مفهوم يستخدم في إطار البحث المستمر والترصد والتأهب لتحديد الأوبئة المحتملة في المستقبل والاستجابة لها.
وقالت الرئيسة التنفيذية لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة جيني هاريس إن المصطلح يستخدم لأن العلماء "لا يعرفون ما هو العامل التالي الذي سيسبب جائحة"، ويمثل الحرف أكس الطبيعة غير المعروفة لمثل هذا المرض، والحاجة إلى التأهب واليقظة.
وتأتي هذه الجهود كنوع من الإقرار بأنه على الرغم من التقدم العلمي وجهود المراقبة، سيكون هناك دائماً احتمال ظهور أمراض جديدة ذات خصائص لا يمكن التنبؤ بها، وتفشيها على مستوى.
ويعتقد الكثير من الخبراء أن المرض أكس، يمكن أن يكون فيروساً تاجياً مثل سارس-كوفيد-2، الفيروس الذي يسبب كوفيد 19، أو سلالة جديدة من الأنفلونزا.
وقال الدكتور توماس روسو، خبير الأمراض المعدية في كلية الطب والعلوم الطبية الحيوية في جامعة بوفالو جاكوبس، إن هذا المفهوم للمرض أكس "كان أحد الدروس التي تعلمناها من جائحة كوفيد".
وأضاف: "بينما تكسر البشرية الحواجز بين البشر والأنواع الأخرى من خلال أسواق الحيوانات وإزالة الغابات، نحتاج إلى استمرار المراقبة والدراسات وتحسين الأمن البيولوجي في جميع أنحاء العالم".
وحذر روسو من أن المرض أكس يمكن أن يتحول أيضاً إلى عامل جديد كلّياً، ربما يسبب مرضاً غير معروف حتى بين الحيوانات.
مع اقتراب انعقاد اجتماع الغد في دافوس، أثيرت زوبعة حول مصطلح "المرض أكس" على مواقع التواصل، خصوصاً في الولايات المتحدة. وحذر مستخدمون من أن الاستعدادات للمرض غير المعروف "يمكن تشبه إجراءات الإغلاق التي فرضت خلال جائحة كوفيد 19".
ونالت تلك الإجراءات انتقادات واسعة في الأوساط اليمينية الأمريكية والأوروبية، إذ يصدّق بعض المستخدمين نظريات مفادها أن وباء كورونا "كان مخططاً له".
وقالت مونيكا كراولي، المساهمة السابقة في قناة فوكس نيوز ومساعدة وزير الخزانة للشؤون العامة خلال إدارة دونالد ترامب، في تغريدة على منصة أكس (تويتر سابقاً) بأن "العدوى الجديدة ستسمح لقادة العالم بتنفيذ عمليات الإغلاق العام، وتقييد حرية التعبير، وتدمير المزيد من الحريات". وأضافت "عندما يخبرك أعداؤك بما يخططون له، صدّقهم واستعد".
يعتقد الكثير من الخبراء أن المرض أكس، يمكن أن يكون فيروساً تاجياً مثل سارس-كوفيد-2، الفيروس الذي يسبب كوفيد 19، أو سلالة جديدة من الأنفلونزا.
ما هو موقف منظمة الصحة العالمية؟
تصنّف منظمة الصحة العالمية المرض أكس كمرض ذي أولوية في حملتها للتوعية، إلى جانب كوفيد-19، وحمى القرم-الكونغو النزفية، ومرض فيروس الإيبولا، ومرض فيروس ماربورغ، وحمى لاسا، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، ومرض فيروس نيباه، ومرض فيروس الهينيبا، وحمى الوادي المتصدع، وفيروس زيكا.
وأضيف المرض أكس إلى القائمة في عام 2018، مع سعي المنظمة إلى فتح مناقشات حول معالجة جائحة عالمية في المستقبل.
وأعطت منظمة الصحة العالمية الأولوية للبحث والتطوير في سياق الطوارئ لجميع هذه الأمراض، مشيرة إلى أن المخطط "يسعى صراحة إلى تعزيز الاستعداد المبكر للبحث والتطوير الشامل الذي يرتبط أيضاً بمرض أكس غير المعروف".
ما هي أسباب ظهور المزيد من الأوبئة في المستقبل؟
قال البروفيسور أندرو بولارد، رئيس مجموعة أكسفورد للتطعيم، لشبكة سكاي نيوز، إنه من المحتمل أن تكون هناك أوبئة في المستقبل بسبب عوامل تشمل تغير المناخ.
وأضاف "من المستحيل بالطبع تحديد متى قد يحدث ذلك بالضبط، لكن الظروف التي نراها أمامنا تجعل الأمر مرجحاً للغاية".
وأوضح أسباب احتمال ظهور المزيد من الأوبئة في المستقبل بالقول: "نحن نعلم أن تغير المناخ يؤدي إلى ظهور بكتيريا وفيروسات جديدة في بيئتنا. ولدينا أيضاً التوسع الحضري. نتيجة لانتقال البشر أكثر إلى مواطن الحيوانات، فإننا نزيد من خطر حدوث ذلك".
وقال إنه كما رأينا مع كوفيد-19، فإن الازدحام يؤدي إلى تفشي الأوبئة: "نحن حالياً حوالي 8 مليارات شخص على هذا الكوكب. وعلى مدى السنوات الثلاثين الآتية أو نحو ذلك سنصبح أكثر من 10 مليارات".
وأضاف "هذا يعني أنه سيكون من المرجح تزيد الأوبئة خلال هذا القرن".
المصدر: بي بي سي عربية
خ. س
اضف تعليق