اجتمعت أسباب عدة لتزيد من مخاوف الحكومة الإيرانية من تراجع صادراتها الزراعية إلى العراق، عوامل داخلية وخارجية جعلت طهران تقترب من خسارة السوق العراقي، فالعقوبات الأميركية المفروضة عليها، وتشديد إجراءات الحوالات المالية بالدولار من بغداد إلى الخارج لغرض الاستيراد كل أسهمت في ذلك.
عن الأسباب الداخلية أكد رئيس لجنة الزراعة في البرلمان الإيراني، محمد جواد عسكري، أن إيران بدأت بخسارة أسواقها في الخارج لأسباب محلية، تتعلق بوجود مشاكل في التشريعيات القانونية عطّلت القطاع الخاص، الأمر الذي يكشف عدم اقتصار تراجع التصدير على أزمة تمويل الدولار في العراق.
وقال عسكري في حديث صحافي، إن تركيا استحوذت بسهولة على السوق العراقية بدلاً من إيران، مشيراً إلى أن المملكة السعودية هي الأخرى بدأت تستحوذ على الأسواق المجاورة في إنتاج المنتجات الزراعية، وهذا خطر جسيم بالنسبة للاقتصاد الإيراني.
وبيّن أن صادرات المنتجات الزراعية الإيرانية انخفضت إلى حد ما، خاصة فيما يتعلق بالفواكه والخضروات المجففة. وحمّل عسكري جهاز الضرائب الإيرانية مسؤولية تراجع صادرات المنتجات الزراعية، قائلا: "يخطئ جهاز شؤون الضرائب في بعض جوانب تصدير المنتجات الزراعية، مما يؤدي إلى عدم التحفيز في تصدير المنتجات الزراعية".
وحسب وسائل إعلام إيرانية، فإن صادرات المنتجات الغذائية والزراعية الإيرانية إلى دول المنطقة، سجلت نحو 5.6 مليارات دولار للعام الماضي، بنمو 6.5 % عن العام الذي سبقه، وتصدر العراق حينها قائمة الأسواق العشرة الأولى المستوردة للمنتجات الزراعية والغذائية الإيرانية بمليار و784 دولارا.
في السياق قال الخبير الاقتصادي منار العبيدي، إن بيانات الجانب الإيراني حول إجمالي حجم صادراته إلى العراق بلغت بحدود 11 مليار دولار تمثل نسبة كبيرة منها صادرات غاز وكهرباء سنويا، فيما تتوزع بقية النسب إلى المنتجات الصناعية والزراعية المصدرة للعراق خلال العام الماضي 2023.
وبحسب أرقام العبيدي، فإن الفواكه والخضروات مثلت نسبة 10 بالمائة من مجمل الصادرات الإيرانية الأخرى إلى العراق، والتي تشمل المواد الإنشائية والصناعات البلاستيكية بالإضافة إلى المشتقات النفطية والغاز.
وبيّن العبيدي أن مخاوف إيران تزايدت بسبب العقوبات ووجود الفرق السعري للحوالات النقدية بين التحويل عبر المنصة وبين الحوالات في السوق الموازي، والذي أدى إلى البحث عن مصادر وجهات أخرى غير إيران.
وأوضح أن التجار العراقيين يتجهون نحو تركيا لأنها قريبة من الحدود، وغير معرضة للعقوبات الأميركية، مما يسهل عمليات التحويل المالي، فضلاً عن جودة المنتج التركي.
وشدد على أهمية ضبط المنافذ الحدودية بين العراق وإيران والحد من عمليات التهريب والتهرب الجمركي، من أجل معرفة حجم التبادل التجاري بشكل كبير والمساهمة في تقديم حلول جذرية لمشكلة التعاملات التجارية واستخدام نظام مبادلة السلع أو إنشاء مناطق حرة للتبادل التجاري بين البلدين.
ووفق الخبير الاقتصادي فإن قيمة الصادرات العراقية إلى إيران وحجمها غير معلومين، لأن معظم هذه البضائع تتم إعادة تصديرها عبر منافذ غير رسمية أو من خلال عمليات التهريب بالطرق غير الرسمية.
أما عضو اتحاد الغرف التجارية حسن الشيخ، فكشف عن أن صادرات المحاصيل الزراعية القادمة إلى العراق من إيران تتم وفق عمليات التهريب والطرق غير القانونية عبر المنافذ غير الرسمية، وأن هناك شركات عراقية أوقفت الاستيراد من إيران واتجهت لأسواق أخرى.
وقال الشيخ إن المحاصيل الزراعية الإيرانية قريبة من المنتجات العراقية، وتستورد لأنها تتناسب مع ذوق الفرد العراقي الذي يرغب بالمحاصيل والمنتجات الطازجة، وهذا يعود للأجواء المتداخلة والحدود الطويلة بين البلدين.
وأضاف أن المنتجات التركية تخضع للتدخل البشري من خلال زراعتها عن طريق المزارع الزجاجية والبلاستيكية، واستخدامات المواد والتركيبات الكيميائية التي تفقدها خصائصها الطبيعية، لكن السوق يخضع للفارق السعري والتسهيلات المقدمة في عمليات الاستيراد والتصدير.
وبحسب معطيات الشيخ، فإن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، انعكست بشكل مباشر على حركة التبادل التجاري مع العراق، وأن هناك شركات تجارية كانت تتعامل مع إيران بشكل مباشر انسحبت من السوق الإيرانية واتجهت إلى أسواق أخرى خوفاً من تعرضها هي الأخرى لعقوبات الخزانة الأميركية.
وأشار الباحث الاقتصادي، علي العامري، إلى تأثير حصر الحوالات المالية الخارجية من العراق ومراقبتها من قبل البنك الفيدرالي الأميركي على التجارة الإيرانية الخارجية.
وقال العامري، إن عمليات التحويل المالي الخارجي التي كانت تقوم بها بنوك عراقية إلى إيران، تعرضت لانتكاسة شديدة بعد حظر تعامل تلك البنوك بالدولار بموجب العقوبات، مما دفع إلى أن يقتصر التحويل المالي لإيران عبر الحوالات السوداء وعمليات التهريب.
وأكد العامري أن التجارة الخارجية لإيران تأثرت إلى حد كبير، ليس على مستوى المحاصيل والمنتجات الزراعية فحسب، إنما على نطاق واسع يشمل الصناعات والمشتقات النفطية والغاز.
المصدر: العربي الجديد
خ. س
اضف تعليق