تشهد بلدان العالم في مثل هذا اليوم من كل عام الاحتفال بالعيد العالمي للعمال، ولا يتخلف العراق عن الركب العالمي في ذلك، فقد نُظمت العديد من الفعاليات وانهالت عبارة التهنئة من القادة السياسيين العراقيين للعمال والمطالبات بإنصافهم وضمان حقوقهم، فيما تصطدم الطبقة العاملة بواقع مرير وظروف اقتصادية صعبة وتحديات كثيرة ما تزال تشكل عائقا أمام ضمان حقوقهم.

كثير من العمال لم يهتموا كثيرا لهذه المناسبة وخرجوا لممارسة عملهم كما في الأيام المعتادة لجلب قوت يومهم، ففي أغلب المحافظات وثقت وسائل إعلام محلية صورا لعاملين في البناء والنجارة والحدادة ومختلف المهن وهم يمارسون عملهم بشكل طبيعي.

في العراق تتزايد جحافل العاطلين عاما بعد آخر، وسط اجتياح العمالة الأجنبية مختلف قطاعات الحياة في البلاد، وغياب المعالجات الحكومية في وضع حلول كفيلة تتيح تطويق مشكلة البطالة المستعصية.

كل عام تنضم أعداد كبيرة من الطلاب العراقيين المتخرجين من مختلف الجامعات الحكومية والخاصة في أنحاء البلاد إلى من سبقوهم في رحلة البحث عن فرصة في سوق العمل، في تحد كبير يواجه الشباب ويهدد مستقبلهم.

ويعاني العمال العراقيون من عدم وجود اجازات واضحة او حقوق، او حد ادنى للرواتب في المصانع والشركات والمؤسسات التي يعملون بها، عدم وجود وقت محدد احيانًا تمتد ساعات عملهم لأكثر من 10 او 12 ساعة، كذلك عدم وجود تدرج وظيفي وزيادات سنوية، ولاتوجد معايير واضحة تحدد حقوق العامل في حال تعرض لاصابة اثناء العمل تمنعه من العمل مجددًا، غياب الحقوق المفترضة لأبنائه وعائلته في حال توفي بشكل مفاجئ، على العكس من الموظف الحكومي الذي يرث أبنائه وعائلته راتبه بعد وفاته.

في محافظة ديالى يعيش 90% من العمال تحت خط الفقر ولقد لجأ الكثير منهم إلى برنامج الرعاية الاجتماعية في محاولة يائسة لطلب المساعدة بعدما أغلقت أبواب المصانع والمعامل وسرحت عمالها، وفق تصريح لرئيس اتحاد نقابات العمال في المحافظة ثائر السلطان لوسائل إعلام محلية.

يذهب السلطان إلى الحديث عن أن ما تتعرض له الصناعة العراقية مؤامرة مقصودة الأهداف وهناك من لا يريد أن تكون هناك أي تنمية في البلاد لإدامة زخم الاستيراد والاعتماد عليه في تغطية الاحتياجات وتتحول البلاد إلى سوق استهلاكية لمنتجات الدول الأخرى.

يتفق النائب في البرلمان العراقي سالم العنبكي مع رأي السلطان، في أن واقع الصناعة في العراق مؤلم مع الاحصائيات الكبيرة بعدد المعامل والمصانع المتوقفة على مستوى البلاد، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق أي خطة تنموية حقيقية دون تنمية الصناعة.

وأضاف، أن توقف عجلة الإنتاج في الالاف من المعامل بعد 2003 يحتاج إلى إعادة نظر وخطة معالجة حقيقية لبيان الأسباب التي تعرقل إحياء خطوط الإنتاج.

من جهته، أشار الخبير الاقتصادي باسم الربيعي إلى أن في ديالى هناك من 300-400 معامل ومصنع توقف عن العمل بعد 2003 بعضها مصانع مشهورة بغزارة الإنتاج ومنها الألبان وكانت تحقق الاكتفاء على مستوى المحافظة وتدعم محافظات أخرى لافتا إلى أن توقفها تسبب في تسريح الالاف من العمال.

وأضاف، أن هناك أشبه بما يسمى فيتو غير معلن لحجب أصوات المصانع في العراق وهذا ما يفسر بقاء الالاف من المصانع والمعامل متوقفة عن العمل والاعتماد بشكل شبه كلي على الاستيراد

تكشف هذه الأرقام حجم التحدي الذي يواجه البلاد، مع غياب الإرادة الحقيقية في وضع حلول من شأنها إعادة الحياة للعشرات الآلاف من من المصانع والمعامل المتوقفة عن العمل في مختلف محافظات البلاد.

ع.ع

اضف تعليق