وكالة النبأ/ متابعة
على ما يبدو ان العراق بات قريب من تجاوز تداعيات العقوبات الأميركية على عدد من المصارف، حسب ما أفادت المواقف الرسمية.
وقال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إن التعاملات المالية بالدولار الأميركي "تسير بالاتجاه الصحيح".
أعلن محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، الخميس، التوصل إلى اتفاق مع وزارة الخزانة الأميركية بشأن إعادة النظر في العقوبات المفروضة على بنوك عراقية، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
وقالت الوكالة إن بيانا صادرا عن رئيس اللجنة المالية البرلمانية عطوان العطواني أشار إلى أن اللجنة استضافت العلاق لمناقشة عدة ملفات منها "عقوبات الخزانة الأميركية على المصارف المحلية ومدى تأثيرها على السياسة النقدية والمالية والعمل المصرفي في البلاد".
ونقل البيان عن العلاق القول في هذا الصدد "إن هناك "اجتماعات متواصلة مع الخزانة الأميركية، وتم التفاهم على إعادة النظر بالعقوبات المفروضة على المصارف العراقية".
وأضاف العلاق وفقا للبيان أن "هكذا قرارات يجب ألا تصدر مستقبلا إلا بعد مناقشة واطلاع البنك المركزي العراقي كونه المعني بمراقبة نشاطها".
وعزى محافظ البنك المركزي "عدم استقرار سعر الصرف إلى وجود تجارة غير شرعية يقوم بها صغار التجار وبعض المضاربين التي تمول عبر سحب الدولار الكاش من السوق".
واستقبل السوداني، اليوم الثلاثاء، وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد، وقال إن "عملية الإصلاح المالي والاقتصادي التي تبنتها الحكومة، لا يمكن أن تحدث من دون نظام مصرفي رصين منسجم مع العالم".
وأوضح رئيس الحكومة، وفقاً لبيان صحافي، أن المصارف العراقية تسير على الطريق الصحيحة في تعاملاتها الخاصة بالتحويلات المالية، وأن تنسيق السياسة المالية والنقدية مع البنك المركزي مستمرّ، مع الحفاظ على استقلالية البنك.
إصلاح مالي
وجدد السوداني الحديث عن "ما قامت به الحكومة خلال الفترة الماضية من إجراءات ساعدت في معرفة نقاط الخلل في النظام المصرفي وعملت على إصلاحها".
في المقابل، أشاد وفد اتحاد المصارف العربية بـ"إجراءات الحكومة في إصلاح القطاع المصرفي؛ كونها إجراءات واضحة تستهدف تمتين وتعزيز عمل هذا القطاع".
وأعرب الوفد العربي عن "تقديره لخطوات الحكومة الداعمة للقطاع الخاص، وتعزيز دوره في التنمية المستدامة والشراكات الدولية والإقليمية".
وقال علي طارق المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية الذي حضر اللقاء مع رئيس الوزراء، لـ"الشرق الأوسط"، إنه "ناقش تطوير العلاقات المصرفية العراقية العربية والأجنبية، بما ينعكس بشكل إيجابي على الخدمات المصرفية المحلية".
مجبر لا مخير
من جانبه، رأى أستاذ المال في كلية الإدارة بالجامعة المستنصرية صادق البهادلي، أن العراق "مجبر ولا خيار أمامه" بالنسبة لقيامه بالإجراء الصحيح المتعلق بالتعاملات المالية الخارجية.
وقال البهادلي لوسائل اعلام عربية، إن "البنك الفيدرالي الأميركي يتحكم تقريبا بجميع أموال العراق المتأتية من ريوع النفط، وهي تباع بالدولار الأميركي ولا يسمح الفيدرالي بخروج الدولار إلى بلدان أخرى من دون التأكد من الجهات التي تصلها تلك الأموال".
ورأى البهادلي أن "الإصلاحات في مجال التحويلات الخارجية لا بد أن تقترن بنظام مصرفي رصين، وهذا لم يحدث حتى الآن مع الأسف"، وقال: "ما زال نظامنا المصرفي متخلفا بطريقة كبيرة، لذلك انعكس نظام التحويلات الخارجية الجديد سلبا على عمل معظم التجار والمستوردين المحليين".
"القضية المالية والمصرفية معقدة تماما في العراق"، كما قال البهادلي الذي استدل بقرار الرئيس الأميركي جو بايدن، أخيراً، مواصلة العمل بقرار حماية أموال العراق الذي اتخذه الرئيس الأسبق جورج بوش قبل 21 عاما.
وقال بايدن، خلال توقيعه المرسوم الذي مدد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق لعام آخر: "ما تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق".
وسبق أن قامت وزارة الخزانة الأميركية بوضع عدة مصارف عراقية على اللائحة السوداء ومنعت تعاملها بالدولار الأميركي بذريعة قيام تلك المصارف بتهريب العملة وعمليات غسل للأموال.
نقاش سياسي
وعلق مصدر سياسي على صلة بنقاشات سياسية بشأن العقوبات الأميركية، بأن "القوى السياسية التي لديها مصالح مالية مرتبطة بالمصارف توصلت أخيراً إلى قناعة بأن عليها التكيف مع واقع النفوذ المالي لواشنطن في العراق، لذلك ساعدت على تخفيف آثار التعاملات المشبوهة بما فيها غسل الأموال والاستيرادات الوهمية".
وفي مقابل حديث رئيس الوزراء عن سير المصارف العراقية بالطريق الصحيحة بالنسبة للحوالات والتعاملات المالية، أبدت لجنة الخدمات في البرلمان الاتحادي عن استغرابها ما وصفتها بـازدواجية القرارات" التي يصدرها البنك المركزي بشأن عملية التحويلات الخارجية.
وقالت اللجنة في بيان صحافي، إن "تلك السياسة تشير بكل جوانبها إلى هدر المال العام وتحقيق التخمة لعدد قليل من المستفيدين والتي بمجملها لم تحقق شيئا للعراق وشعبه، ما جعل العراق يخسر سنوياً مليارات الدولارات بسبب فروقات تحويل العملة الصعبة إلى الخارج والتي قدمت خدمة على طبق من ذهب لمافيات الفساد دون أي منفعة للصالح العام".
وذكرت اللجنة أن "واحدة من المفارقات المضحكة المبكية" كما وصفتها هي "تحقيق مصارف أجنبية أرباحا بمليارات الدنانير من تحويلات العملة الصعبة من العراق للخارج دون تقديم أي خدمة أو منفعة للصالح العام".
ع. ش
اضف تعليق