بعد أيام من الجدل والسخط العراقي حول مقترح قانون “شراء الحرية” والذي يتضمن منح المحكوم بعقوبة الحبس ثلاث سنوات الحق بطلب استبدال المتبقي من مدة محكوميته بمبلغ مالي كغرامة تم تقديرها بعشرة آلاف دينار عن كل يوم، وذلك لتقليل من الإكتظاظ في السجون، استبعدت القانونية النيابية، اليوم الأحد، تمرير القانون لاحتوائه العديد من الفقرات الجدلية.

وتعاني السجون العراقية من إهمال كبير ومن غياب للدور الرقابي المنوط بالجهات الحكومية وكذلك تلك المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري الحديث عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.

إذ قال عضو اللجنة، محمد جاسم الخفاجي في حوار تابعته “وكالة النبأ ، إن “العقوبة السالبة للحرية تعني الحبس وتحد من حرية الفرد وتسمى هكذا وفق القانون”، مبينا ان “قانون شراء الحرية يشمل عقوبة الحبس فقط”.

واوضح أن “هذا القانون حسب المقترح الوارد سابقاً من مجلس القضاء الأعلى يشمل الحبس لمدة ثلاث سنوات فما دون وتشمله وفق شروط أيضاً بأن يدفع غرامة مالية عن كل يوم متبقٍّ من محكوميته كأن تكون سنتين مثلاً”.

وأضاف أن “مشروع القانون يشترط أن يكون أكمل جزءا من محكوميته ولا يشمل جميع العقوبات وإنما العقوبات المرتكبة قبل تشريعه”، مبيناً أن “القانون ينصُّ على أن يدفع المحكوم مبلغاً مالياً عن كل يوم والمبلغ المقترح في القانون هو 10 آلاف دينار وهو مبلغ يعدُّ غير دقيق ويحتاج إلى إعادة النظر فيه لأن أصل فكرة العقوبة سوف تختفي.”

وتابع أن “الفكرة من القانون أن يشمل المحكومين من الفقراء وتقليص أعداد المسجونين إذ لدينا اكتظاظ بالسجون وأن جزءاً من الاكتظاظ بسبب عدم تنفيذ حكم الإعدام بآلاف من المشمولين به وفق قرارات قضائية باتة”.

وبيَّن الخفاجي، أن “القانون المقترح لم يتم قراءته إلى الآن وهنالك اعتراضات عليه منها أنه ينفي صفة العقوبة، بينما رأى معترضون آخرون أنه سيكون بديلاً لقانون العفو وبتشريعه لن نحتاج إلى تشريع قانون العفو، وهذا الأخير هو أشمل”.

وأشار الى أنه “من المستبعد في الوقت الحالي قراءته القراءة الأولى”، لافتا إلى أن “القانون عبارة عن مسودة واردة من مجلس القضاء الأعلى قبل أربع سنوات تم التعديل عليها داخل اللجنة القانونية ومرت عليه عدد من التعديلات وقدم باسم مجموعة من النواب”.

ووفقًا للشروط المذكورة، فأن المحكوم بـ3 سنوات وبعد قضاء سنة من محكوميته، فأن شراء السنتين المتبقيتين من محكوميته تقابل دفع اكثر من 7 ملايين دينار عراقي.

وكانت رئاسة مجلس النواب وافقت، في 2 آيار مايو الجاري، على إدراج مقترح “شراء الحرية” على جدول أعمالها بهدف تقليل الاكتظاظ في السجون.

وكان الباحث القانوني، أحمد يعرب الباوي، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أنه “بعد فشل الكتل السياسية المنضوية تحت قبة البرلمان في إقرار قانون العفو العام جاء اليوم مقترح قانون شراء الحرية وهو قانون موازٍ أو بديل عنه”، مبينا أن “هذا المقترح لن يعالج الأزمة الحقيقية، بل يمكن أن يكون ضارا أكثر من نفعه، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه مطبق في بعض دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن البيئة المجتمعية العراقية تختلف جذريا عن البيئة في تلك الدول”.

وتتجاوز الطاقة الاستيعابية للسجون في العراق الـ 300 بالمئة، في الوقت الذي ينفق فيه العراق 291 مليون دينار يوميا على الارهابيين المحكومين بالإعدام على مدى السنوات الخمس الماضية، بحسب تصريحات حكومية.

ويبلغ عدد السجون في عموم البلاد يبلغ 30 سجنا، تضم نحو 60 ألف سجين بين محكوم وموقوف بجرائم جنائية أو بقضايا “الإرهاب”، ومن بين السجناء 1500 امرأة و1500 سجين عربي، إضافة إلى سجن آخر فدرالي يعرف بسجن “سوسة” في محافظة السليمانية ضمن إقليم كردستان العراق المرتبط بوزارة العدل الاتحادية.

وكان وزير العدل خالد شواني اعلن في 4 أبريل نيسان الجاري، عن إفراغ مدينة الكاظميَّة بشكل تام من السجون، مؤكدا أن اكتظاظ السجون سينتهي بحلول عام 2026.

وما من إحصائية رسمية عن عدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين، وفق مراقبين.

وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، نهاية العام الماضي، وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة “عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد”، مبينا أنّه ما بين يناير كانون الثاني الماضي وأغسطس آب الماضي توفّي 49 معتقلاً، 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.

وفي تموز يوليو 2023، أقرت وزارة العدل العراقية بانتشار أمراض في السجون، بسبب الاكتظاظ الكبير فيها، مبينة أنها تسعى إلى التنسيق مع وزارة الصحة لمتابعة أوضاع السجناء الصحية، وسط دعوات لإيجاد حلول للواقع المؤلم في داخل السجون.

ا.ب

اضف تعليق