يحظى العراق بموقع استراتيجي مهم، من خلال إطلالته على الخليج العربي الذي لا يعتبر ممرا مائيا فحسب، بل منطقة غنية بالنفط والثروات الطبيعية، فيما يعتبر حلقة وصل بين قارتي آسيا وأوروبا، وخصوصا بعد بروز الصين كلاعب اقتصادي كبير، وتسليط الأنظار عليه بعد الإعلان عن مشروع طريق التنمية الذي يربط الشرق بالغرب.

ويمتلك العراق ثلاثة موانئ تجارية ضخمة تتمتع أحواضها والممرات المائية الموصلة إليها بأعماق متوسطة، وتتمتع هذه الموانئ بقدرات وإمكانيات متميزة وطاقة خزنية ضخمة على الرغم من قصر طول الساحل العراقي الذي يبلغ 29 ميلا بحريا، قياسا بسواحل الدول المجاورة للعراق، إلا أن الغوارق المنتشرة في المياه العراقية تشكل عائقا أمام دخول السفن إلى الموانئ مطمئنة.

ويقول خبير الحدود والمياه الدولية جمال الحلبوسي، إن “هذه الغوارق معظمها كانت بسبب الحروب التي خاضها النظام السابق، حيث تعرضت العديد من السفن للقصف وغرقت في المياه العراقية وشكلت مصدر قلق للبواخر القادمة إلى الموانئ العراقية”.

ويضيف “بعض الغوارق الموجودة في المياه الإقليمية هناك مشكلة في انتشالها، حيث أنها تقع في خطوط حدودية مع الكويت في خور عبد الله، ومع إيران أيضا، كما أن انتشال هذه الغوارق يحتاج الى تخصيصات مالية وجزء من هذه التخصيصات ينبغي أن يكون من موارد الموانئ، بما معناه أن إدارة الموانئ ينبغي أن تأخذ بنظر الاعتبار عملية صيانة الممرات من المخلفات وتخصيص مبالغ كافية لذلك”.

ويتابع “هذه الغوارق لها آثار سلبية على البيئة الإقليمية، منها التأثير السلبي على مياه البحار وهذا الأمر يخلق مشكلة كبيرة في الموانئ والبحار، وهناك اهتمام متفاوت بشأن التلوث البيئي في المياه الإقليمية والموانئ شبه متروكة بسبب زخم العمل التجاري فيها من استقبال البواخر وتفريغ شحناتها”.

ويستدرك الحلبوسي “ولكن في جميع الأحوال هذا لا يمنع من القيام بمعالجة صحيحة لهذه الغوارق والحد من التأثير البيئي وتأمين المرور الآمن للبواخر والسفن في مياهنا الإقليمية”.

ويمتلك العراق منفذا بحريا وحيدا في محافظة البصرة، وفيه ثمانية موانئ هي: أم قصر التجاري الشمالي، وأم قصر التجاري الجنوبي، وخور الزبير، وأبو الفلوس، والمعقل، والبصرة النفطي، وخور العمية النفطي، وميناء الفاو الكبير الذي ما زال قيد الإنشاء.

من جانبه، يوضح المتخصص بدراسة المياه الإقليمية مالك المالكي، أن “الغوارق الموجودة في المياه الإقليمية منشترة بداية شط العرب وصولا إلى خور عبد الله، ولحسب إحصائية قسم الإنقاذ البحري هناك 113 غارقا مختلفا”.

ويؤكد المالكي، “لغاية الآن لا توجد حلول فعالة على الرغم من أن الدولة قد تعاقدت مع الكثير من الشركات، لكنها لم تتمكن من انتشال تلك الغوارق، فمثلا توجد ناقلتيّ النفط الضخمتين العراقيتين، الرميلة، وعين زالة، وكلاهما غرقتا في العام 1991 في مياه خور عبد الله بين جزيرتيّ بوبيان ووربة الكويتيتين، وكانتا محملتان بالنفط حين تم قصفهما خلال ما أطلق عليه في حينها (حرب الناقلات) بين العراق وإيران”.

ويشدد على أن “هذه الغوارق تمثل مصدر تلويث لمياه البحار، ولغاية الآن لم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة من انتشالها على الرغم من وجود شركات كفوءة مختصة بهذا المجال لكن المحسوبيات تعرقل ذلك”.

ويذكر المالكي، أن “قسم الإنقاذ البحري وظيفته الأساسية هي انتشال الغوارق من المياه العراقية لتسهيل حركة الملاحة البحرية، بالإضافة إلى أن هذه الغوارق تشكل تهديدا للبيئة والأسماك والحياة البحرية لكونها مصدر تلوث بما تحمله من حمولات”.

وكان المتحدث باسم الشركة العامة لموانئ العراق أنمار الصافي، قد أوضح في شباط فبراير 2022، أن قسم الإنقاذ البحري هو المسؤول عن انتشال الغوارق سواء كانت داخل مياه شط العرب أو المياه الإقليمية أو في الأجزاء الأخرى من المياه البحرية في خور عبد الله، وخور الزبير، وقناة شط العرب، لافتا إلى أن هذا القسم يضع سنويا خطة لانتشال الغوارق في ضوء الأهداف المسجلة والأماكن المحددة وفق توقيتات زمنية.

كما أعلن المدير العام للموانئ فرحان الفرطوسي في كانون الأول ديسمبر 2023، في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، أن الرافعات التابعة لقسم الإنقاذ البحري تواصل أعمال رفع الغوارق والمخلفات البحرية في مياه شط العرب، مبينا أنه تم انتشال غارق يتجاوز وزنه 1000 طن.

اضف تعليق