أثار ارتفاع درجات الحرارة خلال صيف 2024 قلقاً متزايداً بشأن تفاقم مستويات التلوث في العراق، إذ حلّت البلاد في المرتبة الثانية عالميًا في قائمة أكثر الدول تلوثاً لعام 2023، بحسب تقرير شركة "أي كيو إير" السويسرية المتخصصة في قضايا تنقية الهواء، مسجلةً تلوثًا بمعدل 80.1 ميكروغرام في المتر المكعب.

تأثير الحرارة على التلوث

يشير الخبير الجوي حسين صالح إلى أن العراق يعاني من ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة هذا الصيف، خصوصًا في مناطق الجنوب التي تشهد طقسًا شديد الحرارة منذ حزيران الماضي.

ويتوقع صالح أن تسجل درجات الحرارة أرقاماً قياسية في شهري تموز وآب.

ولمواجهة هذه الأزمة، اتخذت الحكومة العراقية قرارًا في الشهر الماضي بتقليص ساعات العمل في المؤسسات الحكومية بواقع ساعة واحدة يوميًا، بهدف التخفيف عن الموظفين وتقليل استهلاك الطاقة الكهربائية.

ووفقًا لبيان حكومي، يبدأ الدوام الرسمي في المؤسسات الحكومية في السابعة صباحاً وينتهي عند الواحدة ظهراً، مع منح المحافظين صلاحية تعطيل الدوام الرسمي في الأيام التي تصل فيها درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية.

ارتفاع الحرارة وزيادة التلوث

ويؤكد الخبير البيئي أحمد حسن أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من حدة التلوث، مشيرًا إلى أن زيادة استخدام مولدات الكهرباء الأهلية التي تعمل بالوقود، نتيجة انقطاع الكهرباء الحكومي، يؤدي إلى زيادة الملوثات في الأحياء السكنية.

ويضيف حسن: "ارتفاع درجات الحرارة يساهم في تفاقم الحرائق، ما يزيد من تلوث الهواء والمياه، ويؤدي إلى زيادة معدلات تبخر المياه من الأنهار والبحيرات والسدود، مما يركز الملوثات ويؤثر سلباً على جودة المياه".

المخاطر الصحية المرتبطة بالتلوث

وأوضح أخصائي الأمراض المعدية، عمار الحيالي، أن الظروف المناخية القاسية تهيئ بيئة مثالية لتكاثر البكتيريا والفيروسات والطفيليات، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض بين السكان.

وأشار الحيالي إلى أن "أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية، فضلاً عن الإجهاد الحراري وضربات الشمس، تظهر بشكل واضح في المستشفيات والمراكز الصحية خلال فصل الصيف".

كما أضاف أن "تعطل أجهزة التبريد بسبب انقطاع الكهرباء يزيد من حالات التسمم الغذائي، بالإضافة إلى انتشار الأمراض المرتبطة بتلوث المياه مثل الكوليرا".

البنية التحتية والتصحر

ويعاني العراق من تدهور كبير في البنية التحتية ونقص في الخدمات الحكومية، مما يزيد من تأثيرات التلوث وارتفاع درجات الحرارة.

ويشير الخبير البيئي صالح الشمري إلى أن التصحر يشكل تحدياً بيئياً كبيراً في العراق، نتيجة لعوامل متعددة منها تغير المناخ، والاستخدام غير المستدام للأراضي، وإزالة الغابات، فضلاً عن تبعات الحروب وتدهور الموارد المائية.

دعوات للتعاون الدولي

ويدعو الشمري إلى ضرورة التعاون الدولي لدعم العراق في مواجهة التحديات البيئية المتزايدة.

وقال: "التصحر والتلوث لا يؤثران فقط على العراق، بل يمتدان إلى الدول المجاورة عبر العواصف الترابية". محذرًا من "كوارث بيئية تهدد السكان والزراعة والمياه والإنتاج الحيواني والتنوع البيولوجي".

وأكد على أهمية دعم العراق لتدارك التدهور البيئي الخطير والحفاظ على بيئته التي تعتبر جزءًا من البيئة الإقليمية والدولية.



م.ال

اضف تعليق