يبدو أن ظاهرة التسول في العراق قد اتخذت نطاقاً أوسع وحجماً أكبر، لاسيما مع تحقيق المتسول إيرادات يومية مجزية، حيث تحولت ظاهرة التسول إلى مهنة، تدار من قبل أشخاص متنفذين يعملون في الخفاء لتنظيم عمل المتسولين.
وبالرغم من العقوبات التي حددها القانون العراقي والتي تصل إلى الحبس شهراً واحداً للمتسول في الطرقات العامة، وشدّدها في حالة تصنّع المتسول الإصابة أو الإعاقة، إلا أن هذه العقوبة لم تحدّ من انتشار المتسولين في شوارع بغداد وتقاطعاتها، حيث كشفت إحصائية “مرعبة”، اليوم الثلاثاء، عن أعداد المتسولين الملقى القبض عليهم خلال فترة 7 أشهر من العام الجاري في قاطع الرصافة فقط.
ويعد التسول جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي، رقم 111 لعام 1969، حيث تضمنت المادة 390 منه اعتبار التسول جريمة جنحة يعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على سنة، هذا بالنسبة للبالغين، أما الأحداث الذين يمارسون التسول فيتم إيداعهم في دور الإيواء والتشغيل، وهي بطبيعة الحال دون المستوى المطلوب.
إذ ذكرت الإحصائية الصادرة عن وزارة الداخلية، أن “مجموع المتسولين الذين تم القبض عليهم خلال الفترة من 2024/1/1 ولغاية 2024/7/20، بلغ 2291 متسولاً في عموما قاطع الرصافة فقط”.
وأضافت أن “وزارة الداخلية تقوم بحملات مكثفة لاعتقال المتسولين والاجانب المخالفين لشروط الإقامة بشكل يومي”.
وساهمت أسباب كثيرة في زيادة ظاهرة التسول، منها الأزمات السياسية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على المواطنين، حيث لم تنخفض نسبة الفقر منذ أكثر من 10 سنوات، عن 20 بالمئة، على الرغم من الخطط والمبادرات التي تُطلق من قبل الحكومة إلا أنها لم تعالج جذور المشكلة، وبالتالي هي مستمرة.
وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي، أشار في 23 آذار مارس الماضي، إلى رفض متسول لفرصة عمل بمطعم مقابل 500 ألف دينار شهريا (نحو 335 دولارا) لأنه يكسب 60 ألفا (نحو 40 دولارا) باليوم.
وأكد مدير قسم مكافحة التسول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، هيثم عادل، في 14 كانون الثاني يناير الماضي، أن “لجنة تم تشكيلها قبل عامين قامت بإعداد مسودة المشروع، وأنها الآن قيد الإقرار وسيتم عرضها على رئيس الوزراء للبت فيها”.
وأوضح أن “الخطة تحدد مهام متعددة من حيث الأداء والقيادة والمتابعة وتقييم الأداء وتحليل مناطق القوة والضعف”، مشيرا إلى أن “الوزارة تلقت تكليفا في عام 2015 بتشكيل قسم مختص في مكافحة التسول، كما شكلت لجانا في المحافظات بالتعاون مع مختلف الوزارات والمؤسسات لتعزيز جهود مكافحة التسول”.
وكانت مستشارة رئيس الوزراء للرعاية الاجتماعية، سناء الموسوي، قد كشفت في آب أغسطس 2023، عن توجه حكومي لشمول المتسولين برواتب الرعاية التي تقدمها الدولة، إلا أنه لم يطبق حتى الآن.
ولا توجد إحصائيات رسمية، إلا أن الواقع يشي بأرقام مفزعة وحسب إحصاءات وزارة التخطيط العراقية، فقد كشفت في نيسان أبريل 2023، عن أن نسبة الفقر في البلاد تبلغ 22 بالمئة، في بلد يربو عدد سكانه على 43 مليونا، إلا أن الحكومة أكدت، اقترابها من مكافحة ظاهرة التسول.
تجدر الإشارة إلى أن وافدين من جنسيات أجنبية وتحديدا من إيران وأفغانستان وباكستان والهند ودول أخرى، يدخلون إلى العراق خلال مواسم الزيارات الدينية ويتوجهون إلى المحافظات والمدن الدينية كالنجف وكربلاء والكاظمية والأعظمية وسامراء، ويقيمون هناك بشكل غير قانوني ويمارسون التسول، وبين فترة وأخرى تعلن الأجهزة الأمنية عن اعتقال مجموعة من هؤلاء وترحيلهم إلى بلدانهم.
وكشف المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، في آذار مارس 2023، عن وجود ثلاثة أنواع من المتسولين: الأول هم المتسولون المحتاجون، وهؤلاء أشخاص يكونون تحت خط الفقر، ويقومون بالتسول لتوفير أدنى مستوى من احتياجاتهم الفعلية، أما النوع الثاني فهم الأشخاص من الجنسيات غير العراقية، ومن بينهم الهنود والسوريون، والنوع الثالث يتعلق بعصابات الجريمة المنظمة، التي تستغل المتسولين.
ا.ب
اضف تعليق