في مقابلة تلفزيونية بُثت في 31 أغسطس/ آب الماضي، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأكراد المسيطرين على شمال شرق سوريا إلى التفاوض مع النظام السوري والتخلي عن الاعتماد على الحماية الأميركية.

ورأى لافروف أن مستقبل الأكراد يكمن في وحدة سوريا، وليس في الارتباط بمصالح واشنطن.

دعوة لافروف تحمل رسائل أبعد من مجرد تسوية داخلية في سوريا؛ إذ تنسجم مع مشروع روسي واسع يسعى إلى إحداث تغيير في النظام العالمي، وتقليص الدور الأميركي على الساحة الدولية، فهل تعتبر هذه الدعوة رسالة موجهة لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، تحذيرًا من الانجراف وراء "العبثية الأميركية"؟

وفي ظل التحضيرات للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، تتزايد الانتقادات بشأن تراجع الهيمنة الأميركية عالمياً، اذ ان الولايات المتحدة فرضت عقوبات على كيانات روسية وصينية بتهمة التدخل في الانتخابات، مما دفع البعض للتساؤل عما إذا كانت أميركا تفقد مكانتها التي رسختها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991.

العولمة التي بشّر بها الرئيس جورج بوش الأب عام 1992 تحولت إلى "أمركة" فرضت من خلالها الولايات المتحدة هيمنتها الثقافية والاقتصادية عبر أدوات مثل الإنترنت والدولار الأميركي، لكن اليوم، تزداد المؤشرات على تراجع هذه الهيمنة، لا سيما بعد تدهور دورها في النزاعات الدولية مثل الصراع في غزة، الذي جعل واشنطن تبدو أكثر كطرف في النزاع بدلاً من وسيط.

الدول المناوئة للولايات المتحدة، مثل روسيا والصين، تحشد الآن تحالفات جديدة مثل مجموعة "بريكس" لمواجهة النفوذ الأميركي، في حين تستمر التحديات من فنزويلا إلى هندوراس، حيث ألغت الأخيرة معاهدة تسليم المجرمين مع الولايات المتحدة، مما يعكس تحولًا في مواقف حلفاء واشنطن التقليديين.

ومع التوترات العالمية المستمرة، يبرز التساؤل: هل نحن على أعتاب "وداع الأمركة" حقًا، أم أن المشهد الدولي سيشهد تصعيدًا مع اقتراب الانتخابات الأميركية المقبلة؟


م.ال

اضف تعليق