لا يحتكم أغلب أصحاب سيارة التاهو من المتنفّذين أو ممن يرتبطون بعلاقات مع شخصيات مهمة في السلطة أو البرلمان للنظام، ما يجعلهم "فوق القانون"، عند مرورهم في الحواجز الأمنية ومفارز المرور المنتشرة في شوارع العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى، فيما يتجنب رجال الأمن والمرور في العراق تطبيق القانون على هذا النوع من السيارات.

 وتُشخّص حوادث الاعتداء الكثيرة التي سجّلت في بغداد وغيرها، من قبل فتيات ارتكبن مخالفات، ومع ذلك اعتدينَ على ضباط أمن ومرور بالضرب والإهانة والتجاوز والتهديد عندما حاولوا محاسبتهن قانونياً، وأنّ نواباً ومسؤولين قدموا لهن الحماية الكاملة من المحاسبة القانونية، الأمر الذي انعكس سلباً على إمكانية تطبيق القانون على الجميع.

وتشهد شوارع العاصمة بغداد بوضوح، تمرداً على القانون من قبل أصحاب سيارات التاهو، فمعظمها مظللة ولا يُرى من بداخلها، كما أنها تقف في الأماكن غير المخصصة للوقوف، وترتكب المخالفات المرورية وتتجاوز السرعة المحددة في الشوارع، فضلاً عن أنها لا تمتثل لتعليمات الأمن في الحواجز الأمنية. ووفقاً لضابط في مرور بغداد، وهو برتبة مقدم، فإنّ "الشكاوى التي تم رفعها إلى وزارة الداخلية بشأن الاعتداءات من قبل أصحاب سيارات التاهو خاصة الفتيات، كثيرة، وإن الوزارة بدورها وعدت بمتابعتها".

 وقال مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "ما يتمتع به أغلب أصحاب تلك السيارات من علاقات ونفوذ عقّد من إمكانية تطبيق القانون عليهم، وإن عدم محاسبتهم على الاعتداءات التي سُجلت انعكس سلباً على عملنا".

وأضاف: "لقد تمادت الكثير من الفتيات بالتجاوز والإهانة على عدد من الضباط وأنه أثناء بعض تلك الحوادث يصل إلى الموقع مسؤولون ونواب... يمنعوننا من تطبيق القانون"، مبيناً أن "تلك الحوادث وعدم توفير الحماية القانونية لرجال الأمن والمرور انعكس سلباً على مستوى تطبيق القانون. اليوم بعض السيارات الفخمة أصبحت فوق القانون خاصة التاهو السوداء، فإن الجميع يتجنبون محاسبتها على المخالفات تجنباً للوقوع في مشكلات".

وكانت وزارة الداخلية العراقية، قد أعلنت اتخاذ إجراءات مشددة لمواجهة الاعتداءات على رجال المرور، مؤكدة المحاسبة القانونية بحق المعتدين، في خطوة تأتي لمنع الحماية السياسية للمعتدين، معتبرة تلك الاعتداءات استهدافاً لهيبة الدولة.

من جهته، أكد الناشط المدني زياد الدهلكي: "نشعر وكأننا مواطنون من الدرجة الثانية، بعدما رأينا التعامل المختلف من قبل رجال الأمن والمرور مع أصحاب تلك السيارات، في وقت نحاسب بشدة على المخالفة وحتى من دون مخالفة أحياناً"، مبيناً أن "المواطن يريد أن تكون هناك سلطة دولة وسلطة قانون تُطبّق على الجميع من دون استثناء، وعلى الجهات المسؤولة أن تتحمل مسؤوليتها إزاء ذلك".

وشدد: "كنا نرى سابقاً السيارات العسكرية وسيارات الفصائل تمر في الحواجز الأمنية وترتكب المخالفات المرورية ولا تتم محاسبتها، وهذا بات مألوفاً لدى الجميع، لكن عندما تكون السيارات المدنية الفخمة ومنها التاهو تحديداً فوق سلطة القانون، نجد صعوبة في تقبل ذلك، فهذا تمييز وتعامل بطبقية". وأشار إلى أن "انعكاسات ذلك خطيرة على المجتمع العراقي وليس فقط على رجال الأمن والمرور، إذ إن المواطن العادي البسيط يجد اليوم أن القانون سيف مسلط على رقبته هو فقط دون غيره من المتنفذين وممن يرتبطون بعلاقات معهم"، داعياً إلى "تطبيق سلطة القانون على الجميع بالتساوي".

ويؤكد قانونيون أن "القانون العراقي المعمول به يتعامل مع الجميع بالتساوي ومن دون استثناء"، وأنه "إذا ما تم تطبيقه فإنه يوفر الحماية الكافية لرجال الأمن والمرور من أي اعتداء ومن قبل أي شخص كان". وقال المحامي خلدون الزيادي، إن "أحكام المادة 102 من قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ، تبيح لرجل المرور القبض على من يعتدي عليه وتسليمه إلى الجهات المختصة، كون هذا الاعتداء من الجرائم المشهودة التي يمكن لضباط المرور القبض على مرتكبيها، كونهم أحد أعضاء الضبط القضائي المنصوص عليهم في قانون أصول المحاكمات الجزائية".

وأضاف أن "القانون واضح في المحاسبة ولا يتساهل مع أي شخص إذا ما توفرت الأدلة على إدانته، إلا أن المشكلة هي مع التسلّط على القانون من قبل المتنفذين، الذين يستخدمون نفوذهم وعلاقاتهم بحماية المعتدين، ولا نجد مقابل ذلك مواقف شديدة من قبل دوائر المعتدى عليهم بأخذ حقوقهم، وهنا يكون الضعف في تطبيق سلطة القانون". وشدد على أن "أي تساهل في تطبيق القانون أو تسوية أي ملف سواء بالتراضي والتنازل أو بالقوة، كأن يتم إجبار المعتدى عليه بتقديم تنازل عن القضية، هو أمر خطير ويعيق تطبيق القانون".

وكان وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، قد وجّه في أوقات سابقة كل دوريات الشرطة بأخذ دورهم برد الاعتداءات على رجال المرور، وإلقاء القبض على المعتدين حال مشاهدتهم لجريمة الاعتداء المشهودة، كما وجه أيضاً بتشكيل سرية في مديرية المرور العامة تسمى (سرية الواجبات الخاصة لمديرية المرور)، على أن تكون مجهزة بكامل العدة اللازمة لفرض سلطة القانون في الحالات اللازمة.

المصدر: العربي الجديد

ع.ع

اضف تعليق