منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، يعاني القطاع الصناعي الحكومي من توقف إنتاج جزء كبير من مصانعه، مما أدى إلى خلق بطالة مقنعة وزيادة العبء على الموازنة التشغيلية للدولة.

فبحسب الإحصاءات الرسمية، توقف 104 مصانع من أصل 294 تابعة لوزارة الصناعة، ما أدى إلى تفاقم الترهل الوظيفي، حيث يُستلم 66 ألف موظف رواتبهم الشهرية دون أي إنتاج فعلي.

ويعود السبب في هذه الأزمة إلى تدمير بعض المصانع، وتعطل خطوط الإنتاج بسبب التقادم، بالإضافة إلى منافسة المنتجات المستوردة، وتشمل المصانع المتوقفة قطاعات هامة مثل الحديد والصلب، صناعة السيارات، النسيج، والإسمنت.

في ظل هذه الأزمة، دعا خبراء الاقتصاد إلى ضرورة تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص كحل للخروج من الركود، مشددين على أن هذه الشراكات تساهم في تعزيز الإنتاج المحلي والاستفادة من خبرات القطاع الخاص.

وفي تصريح لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في سبتمبر الماضي، أكد عدم وجود نية لخصخصة الشركات الحكومية، بل تم التركيز على الشراكة مع القطاع الخاص لتحقيق قيمة مضافة وتعزيز الإنتاج.

ترهل وظيفي وبطالة مقنعة

وكشفت لجنة الاقتصاد في البرلمان العراقي عن الترهل الوظيفي الكبير في شركات وزارة الصناعة والمعادن، موضحة أن "المصانع الحالية تعاني من تقادم كبير، حيث تعود أحدثها إلى ثمانينيات القرن الماضي".

ولفت النائب موفق حسين إلى أن "النهوض بالصناعة العراقية يتطلب قرارات جريئة لتحديث المعامل، وإحداث شراكة فعالة مع القطاع الخاص".

في هذا السياق، صرح رئيس اللجنة المالية في البرلمان، عطوان العطواني، بأن رواتب الموظفين في المصانع المتوقفة تشكل عبئاً ثقيلاً على موازنة الدولة، حيث زادت التعيينات الحكومية الأخيرة الموازنة التشغيلية بحوالي 8 تريليونات دينار شهرياً (نحو 6 مليارات دولار).

شركات خاسرة وإدارة غير كفؤة

وأكد النائب ووزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار أن "الخصخصة تعد حلاً اقتصادياً سليماً لإنقاذ الشركات الحكومية من الإفلاس"، لكنه أوضح أن إجراءات الخصخصة في العراق جاءت مرتبطة بأجندات سياسية تهدف لتحقيق أرباح شخصية بعيداً عن المصلحة العامة.

وأشار عبد الجبار إلى أن "176 شركة حكومية، منها 132 شركة خاسرة، لا تحقق أي إنتاج يذكر، وتوظف أكثر من 480 ألف موظف يستلمون رواتبهم من خزينة الدولة دون إنتاج فعلي".

مستقبل الشراكة بين القطاعين العام والخاص

الخبير الاقتصادي كريم الحلو تحدث عن رغبة بعض الشركات العالمية في الاستثمار في العراق، إلا أن شروط الحكومة العراقية، التي تفرض إبقاء جميع الموظفين العاملين في المصانع القديمة، حالت دون تحقيق تلك الاستثمارات.

ودعا الحلو إلى تطبيق نموذج الاقتصاد المساهم، حيث يتم بيع أسهم الشركات العامة للمواطنين، على غرار الدول المتقدمة، مما يتيح تحديث وسائل الإنتاج وزيادتها وفقاً للتطورات التكنولوجية الحديثة.

وأوضح الحلو أن "غياب نظام التقاعد والضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص يمثل أحد العوائق الرئيسية أمام جذب الكفاءات إلى هذا القطاع"، داعياً إلى تحقيق المساواة بين العاملين في القطاعين العام والخاص لضمان حقوقهم.


م.ال

اضف تعليق