تعيش بلدان الشرق الأوسط على صفيح ساخن، حيث تتسارع الأحداث العسكرية بشكل غير مسبوق متسببة بخسائر بشرية واقتصادية فادحة، وسط عجز دولي واضح عن احتواء الكارثة، وفي وقت تشتعل فيه الحدود اللبنانية الجنوبية إثر التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل، تتواصل الحرب المدمرة على قطاع غزة، لتُسجل أرقامًا تثير القلق بشأن مستقبل المنطقة برمتها.
لبنان.. جنوبٌ منكوب ونزوح جماعي
باتت لبنان على وقع حربٍ بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أسفرت ضربات الاحتلال الإسرائيلية المتواصلة عن خسائر بشرية ومادية جسيمة، وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن حصيلة الشهداء ارتفعت إلى 2729 شخصًا، بينهم 706 نساء وأطفال، إضافة إلى 12772 جريحًا.
الهجمات استهدفت البنية التحتية بشكل مباشر، حيث تم تدمير 39 مستشفى و80 مركزًا طبيًا وإسعافيًا، فيما هُدم 1940 منزلًا بالكامل، و7,000 منزل متضرر جزئيًا، 220مؤسسة صناعية وتجارية.
وتسببت الحرب في القضاء على 3.2 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية بفعل الحرائق والقصف، إلى جانب منع المزارعين من زراعة 17 مليون متر مربع أخرى، وأدى ذلك إلى تدمير مواسم زراعية حيوية مثل الزيتون والتبغ.
وأدى النزاع إلى نزوح أكثر من 250 ألف شخص، يعيشون في مراكز إيواء تجاوزت طاقتها الاستيعابية، مع تحديات كبرى في توفير الغذاء والمأوى، خصوصًا مع دخول فصل الشتاء.
غزة: إبادة جماعية وأرقام كارثية
أما في قطاع غزة، فتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية تنفيذ غارات هي الأعنف منذ بدء الحرب قبل اكثر من عام عبى نشوبها، ووفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع:
- عدد الشهداء: 43,163 شخصًا، بينهم 17 ألف طفل و12 ألف امرأة.
- عدد المصابين: 101,510 أشخاص.
-الوحدات السكنية المدمرة كليًا: 150,000 وحدة.
-الوحدات السكنية المتضررة جزئيًا: 200,000 وحدة.
-المستشفيات الخارجة عن الخدمة: 34 مستشفى.
-كمية المتفجرات المستخدمة: 85 ألف طن.
الآثار الاقتصادية.. خسائر بمليارات الدولارات
وقدّر خبراء أن إجمالي الخسائر الاقتصادية في لبنان حتى الآن يتراوح بين 2 و10 مليارات دولار، فيما وصف الوضع في غزة بالكارثي مع شلل كامل للاقتصاد المحلي.
وأكد الخبير الاقتصادي منير يونس، أن "الخسائر تشمل الأضرار المباشرة كدمار البنية التحتية، وغير المباشرة الناتجة عن توقف عجلة الاقتصاد وتضرر سلاسل الإمداد".
انتهاكات صارخة للقانون الدولي
واتهم خبراء حقوقيون إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية من خلال استهداف المدنيين والبنى التحتية.
وأوضح المحامي بول مرقص، رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية، أن "هذه الانتهاكات تطال اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907، التي تمنع استخدام وسائل تسبب أضرارًا طويلة الأمد وشديدة التأثير على البيئة".
ورغم مشروعية مطالبة لبنان وغزة بالتعويضات، أشار مرقص إلى ضعف التحركات القانونية في كلا الطرفين لإعداد ملفات تضمن تحقيق العدالة.
مع استمرار النزاعات المسلحة واتساع نطاقها، يزداد الضغط على المجتمع الدولي لوقف القتال وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، اذ ان الحروب التي تبتلع أرواح الأبرياء وتدمر مستقبل شعوب بأكملها، تهدد بتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة منكوبة طويلة الأمد، ما لم تُتخذ خطوات جدية لإنهاء المعاناة وإعادة البناء، فهل ستنجح الجهود الدولية في وقف هذا النزيف؟
المصدر: وكالة النبأ
م.ال
اضف تعليق