احتفت الأمم المتحدة باليوم العالمي لذوي الإعاقة والذي وافق هذا العام، الأربعاء 3 ديسمبر - كانون الأول، فيما اختارت له شعارا بعنوان "تعزيز المجتمعات الشاملة لذوي الإعاقة لدفع التقدم الاجتماعي".
ويرمي الاحتفال بهذا اليوم إلى تسليط الضوء على أهمية إدماج ذوي الإعاقة بشكل كامل في المجتمع، وتسهيل مشاركتهم في جميع جوانب الحياة، وضمان حقوقهم في المساواة والاندماج الاجتماعي، وتعزيز الوعي والإدراك العام بالتحديات التي تواجههم في ممارسة حياتهم اليومية.
وتتراوح تقديرات نسب عدد السكان من ذوي الإعاقة في الدول العربية بين5% و15% من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم حوالي 450 مليون نسمة، وإذا اعتمدنا آلية تقدير هذا العدد من السكان فإن المواطنين العرب من ذوي الإعاقة سيتراوح بين 22.5 مليون و67.5 مليون شخص.
وتختلف أعداد ونسب ذوي الإعاقة في العالم العربي بشكل كبير حسب الدولة، وأوضاعها الاقتصادية والأمنية والسياسية. وتتأثر عملية حصر هذه الأعداد أيضا بعوامل مثل مدى صعوبة طرق الإحصاء وجمع البيانات، وتفاوت التصنيفات وتباين التعريفات، إضافة إلى مدى انتشار الأمراض المسببة للإعاقة، والحروب والأزمات السياسية، وارتفاع نسب الفقر والأمية، وقلة فرص العمل وصعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وانعدام الدعم الاجتماعي.
وطبقا لتقرير موقع المنصّة العربيّة للإدماج الرقمي التابعة لـ "لإسكوا" وهي اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة وتضم 21 دولة عربية، فإن القدرة على التنقل هي الإعاقة الأكثر انتشاراً في العالم العربي. كما يشكّل ضعف البصر ثاني أعلى نسبة.
وخلال السنوات القليلة الماضية عملت العديد من الحكومات العربية على تحديث ترسانة قوانينها المرتبطة بحماية ذوي الإعاقة، وتحسين مستوى وجودة البنى التحتية الداعمة لهم وزيادة الوعي المجتمعي باحتياجاتهم.
ورغم ذلك يظل الدعم المتوفر غالبا عاجزا عن تلبية احتياجاتهم بصورة كافية، مما يحد من مشاركتهم الفاعلة في المجتمع ويزيد من شعورهم بالعزلة.
ويعاني ذوو الإعاقة في العالم العربي من نظرة مجتمعية محيطة بهم متأثرة بالتمييز والوصم والشفقة، وهو ما يؤثر سلباً على فرصهم في التعليم والعمل والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، ويدفعهم إلى الشعور بالعزلة ويقلل من فرصهم في التواصل مع الآخرين ويؤثر سلبا على صحتهم النفسية.
ويعد التعليم أحد الجوانب الأساسية التي تؤثر سلبا على حياة ذوي الإعاقة، وتكمن المشكلة في أن العديد من الدول والحكومات العربية لا توفر البيئة الداعمة والتسهيلات اللازمة لبلوغهم مستويات تعليمية عالية بسبب افتقار العديد من المدارس للتجهيزات المناسبة، مثل المرافق المعدة لمستخدمي الكراسي المتحركة، أو الدعم الأكاديمي لذوي الاحتياجات الخاصة، الأمر الذي يحد من قدرتهم على التعلم والتطور.
وحتى إذا نال هؤلاء من التوفيق نصيبا في التحصيل والتعليم فإنهم يواجهون صعوبات كبرى في الحصول على فرص عمل ملائمة. فرغم النصوص القانونية التي تضمن لهم حقوقهم في التوظيف مثل سائر المواطنين، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه القوانين يظل ضعيفاً في كثير من الدول العربية، يضاف إلى ذلك انعدام الوعي لدى أصحاب العمل بقدرات ذوي الإعاقة ومؤهلاتهم، مما يقلل من فرصهم في الحصول على وظائف لائقة.
وتشكل الرعاية الصحية الحكومية بذوي الإعاقة عموما، العامل الأهم والضروري من أجل حياة كريمة، غير أن هذه الخدمات الصحية والطبية الحكومية في معظم الدول العربية لا تزال دون المستوى المطلوب وتتطلب استثمارات مهمة غير متوفرة لعديد من الحكومات العربية.
ويتطلب تحسين واقع ذوي الإعاقة في العالم العربي جهوداً مشتركة من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع بأسره لسن قوانين تحفظ حقوق ذوي الإعاقة وتضمن توفير الخدمات الضرورية لهم، كما أن برامج الوعي المجتمعي لتغيير النظرة السلبية تجاههم، وتقديم الدعم التعليمي والوظيفي لتعزيز اندماجهم في المجتمع لم تؤت مفعولها بعد.
م.ال



اضف تعليق