حذّر الخبير الاقتصادي منار العبيدي من تداعيات ارتفاع حجم الدين الداخلي للعراق على استقرار الاقتصاد الوطني، داعياً الحكومة إلى تبنّي رؤية اقتصادية شاملة ومتعددة الجوانب لمعالجة المشكلة قبل أن تتفاقم آثارها.
ويأتي التحذير بعد إعلان البنك المركزي العراقي قبل أيام عن ارتفاع حجم الدين الداخلي إلى أكثر من 91 تريليون دينار، وهو رقم أثار تساؤلات واسعة بشأن مدى خطورته على المالية العامة ومستقبل النمو الاقتصادي في البلاد.
وأوضح العبيدي في تدوينة عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الأربعاء، أن تقييم الدين الداخلي يجب أن يتم وفق مقاربة تحليلية شاملة تأخذ في الاعتبار جملة من العوامل المتداخلة، أبرزها نسبة الدين إلى الناتج المحلي، وكلفة الفائدة، وتأثيره في النشاط الاقتصادي والقطاع المصرفي.
وبيّن، أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي تبلغ نحو 39% استناداً إلى بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، وهي نسبة تعدّ أقل من المستوى الحرج المعتمد في العديد من الدول (50%)، لكنه حذّر من هشاشة هذه النسبة نتيجة اعتماد الاقتصاد العراقي على العائدات النفطية بنسبة تفوق 65%. وأضاف أن أي انخفاض في أسعار النفط سيؤدي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي، ما يرفع النسبة الفعلية للدين ويزيد من خطورته.
وأشار العبيدي إلى، أن ارتفاع معدلات الفائدة على أدوات الدين الداخلي يمثل تحدياً آخر، إذ طُرحت السندات الأخيرة بفائدة سنوية تقارب 10%، وهو ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الموازنة العامة، خصوصاً إذا تراجعت الإيرادات النفطية.
وبيّن، أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى ضغوط تمويلية متزايدة على المدى المتوسط والطويل.
كما حذّر من الأثر الانكماشي للديون الداخلية على النشاط الاقتصادي، موضحاً أن لجوء الدولة إلى الاقتراض من المصارف بفوائد مرتفعة يقلل من قدرة هذه المصارف على تمويل المشاريع الإنتاجية، ما ينعكس سلباً على القطاع الخاص ويحدّ من قدرته على الإسهام في النمو الاقتصادي.
وأضاف، أن خطورة الدين الداخلي تتعاظم عندما تُستخدم القروض لتغطية العجز التشغيلي بدلاً من توجيهها نحو مشاريع استثمارية أو بنى تحتية تخلق قيمة مضافة وفرص عمل.
وأكد، أن هذا الاستخدام غير المنتج يجعل الدين عبئاً هيكلياً يضعف إمكانات الدولة في تحقيق التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط.
وفي ما يتعلق بتأثير الدين على الجهاز المصرفي، أوضح العبيدي أن الديون الحكومية ارتفعت بنسبة 116% خلال عام واحد، لتصل إلى 13% من إجمالي موجودات الجهاز المصرفي بعد أن كانت 6% فقط في عام 2024.
واعتبر أن هذا التوسع السريع يزيد من انكشاف المصارف على المخاطر السيادية، ويحدّ من قدرتها على تمويل الأنشطة الاقتصادية الأخرى، ما يهدد استقرار النظام المالي ككل.
وختم العبيدي بالقول إن خطورة الدين الداخلي لا تتحدد بحجمه فقط، بل بكيفية إدارته وتوزيع أعبائه وكلفته على الاقتصاد، داعياً إلى تبنّي استراتيجية متكاملة لإدارة الدين العام تأخذ في الحسبان توازن الموازنة، وتنويع مصادر الإيرادات، وتحفيز القطاع الخاص، بما يضمن تحقيق استدامة مالية واقتصادية حقيقية.
م.ال
اضف تعليق