يعبر مصطلح "ضباب الحرب" عن الفوضى وعدم اليقين في ساحة المعركة، وفي كثير من الأحيان، لا يستطيع الناس أن يدركوا ما كان يحدث من حولهم إلا بعد فوات الأوان.

والآن، هناك المزيد من الوضوح بشأن حرب العراق في هيئة كتاب جديد من تأليف روجر بيترسون، أستاذ العلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي يتعمق في العمليات الميدانية للحرب، والديناميكيات السياسية، والتأثير الطويل الأمد حيث شنت الولايات المتحدة حرب العراق في عام 2003 وانتهت رسميًا في عام 2011، لكن بيترسون يحلل الوضع في العراق حتى يومنا هذا وينظر في ما يحمله المستقبل للبلاد.

بعد عقد من البحث، حدد بيترسون أربعة عوامل رئيسية لفهم وضع العراق:

أولاً، خلق الغزو الأمريكي حالة من الفوضى والافتقار إلى الوضوح فيما يتعلق بالتسلسل الهرمي بين الجماعات الشيعية والسنية والكردية.

ثانيا، في ظل هذه الظروف، برزت المنظمات التي تضم مزيجًا من الميليشيات والجماعات السياسية والجماعات الدينية إلى الواجهة واستولت على عناصر الدولة الجديدة التي كانت الولايات المتحدة تحاول إقامتها.

ثالثا، بحلول عام 2018 تقريبًا، أصبحت الجماعات الشيعية مهيمنة، وأسست تسلسلا هرميا، ومع هذه الهيمنة، انخفض العنف الطائفي. أخيرا، أصبحت المنظمات الهجينة التي تأسست قبل سنوات عديدة الآن متكاملة إلى حد كبير في الدولة العراقية.

كما توصل بيترسون إلى الاعتقاد بأن هناك أمرين بشأن حرب العراق لم يتم تقديرهما بشكل كامل ومدى تنوع الاستراتيجية الأميركية على مر الزمن في الاستجابة للظروف المتغيرة.

يقول بيترسون: "لم تكن هذه حربا واحدة، بل كانت هناك حروب عديدة مختلفة، وكان لدينا خمس استراتيجيات على الأقل من جانب الولايات المتحدة".

ورغم أن الهدف المعلن للعديد من المسؤولين الأميركيين كان بناء ديمقراطية فعّالة في العراق، فإن النزعة الطائفية الشديدة التي سادت المجتمع العراقي أدت إلى المزيد من الصراعات العسكرية بين الجماعات الدينية والعرقية، وعلى هذا فقد تغيرت الاستراتيجية العسكرية الأميركية مع تطور هذا الصراع المتعدد الأطراف.

ويوضح بيترسون: "أن ما حدث بالفعل في العراق، والشيء الذي لم تفهمه الولايات المتحدة والغربيون في البداية، هو إلى أي مدى سوف يتحول هذا الصراع على الهيمنة بين الشيعة والسنة والأكراد، لقد تصورت الولايات المتحدة أنها سوف تبني دولة، وأن الدولة سوف تضغط على المجتمع وتخترقه، ولكن المجتمع هو الذي خلق الميليشيات واستولى على الدولة".

ويضيف بيترسون أن محاولات بناء دولة فعّالة، سواء في العراق أو في أي مكان آخر، لابد وأن تعالج هذا العامل، "يفكر أغلب الناس من منظور المجموعات، إنهم يفكرون من منظور التسلسل الهرمي للمجموعات، ويشعرون بالتحفيز عندما يعتقدون أن مجموعتهم لا تحتل مكاناً مناسباً في التسلسل الهرمي، وهذا هو الشعور بالاستياء، وأعتقد أن هذا هو الطبيعة البشرية".

وصدر اليوم عن دار نشر جامعة أكسفورد كتاب بيترسون بعنوان " الموت والهيمنة وبناء الدولة: الولايات المتحدة في العراق ومستقبل التدخل العسكري الأميركي " لبيترسون وهو أيضا عضو في برنامج الدراسات الأمنية في مركز الدراسات الدولية التابع للمعهد.

وأمضى بيترسون سنوات في إجراء مقابلات مع الأشخاص الذين كانوا على الأرض في العراق أثناء الحرب، بدءا من أفراد الجيش الأمريكي إلى المتمردين السابقين إلى المواطنين العراقيين العاديين، بينما كان يقوم بتحليل البيانات المتعلقة بالصراع على نطاق واسع.

ترجمة وكالة النبأ

ع.ع

اضف تعليق