في خطوة تصعيدية جديدة، تشدد الولايات المتحدة قبضتها على صادرات النفط الروسي والإيراني، مستهدفةً ما يُعرف بـ"أساطيل الظل" التي تستخدمها الدولتان لنقل النفط بشكل غير مشروع.
هذه العقوبات، التي تهدف إلى قطع الإمدادات النفطية إلى الصين - العميل الرئيسي للنفط الروسي والإيراني - بدأت تظهر آثارها على الأسواق العالمية، حيث أدت إلى نقص في الإمدادات وارتفاع حاد في أسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة.
العقوبات الأخيرة وتفاصيلها
في يناير/كانون الثاني 2025، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عقوبات على 183 ناقلة تنقل النفط الروسي والإيراني، بالإضافة إلى شركتين نفطيتين روسيتين هما "غازبروم نفط" و"سورغوت نفط غاز".
كما شملت العقوبات ناقلات النفط الإيراني في أكتوبر/تشرين الأول 2024، رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل.
هذه الإجراءات تأتي في إطار استراتيجية أمريكية تهدف إلى تقويض عائدات النفط التي تعتمد عليها روسيا وإيران لتمويل أنشطتهما.
أساطيل الظل: لعبة القط والفأر:
روسيا وإيران تستخدمان أساطيل من الناقلات المسجلة في دول تسمح بإخفاء تفاصيل ملكيتها، مما يجعل تعقبها أمراً صعباً.
وتلجأ الناقلات الإيرانية إلى إيقاف أجهزة الإرسال والاستقبال في البحر لإبقاء رحلاتها سرية.
ومع ذلك، تمكنت الولايات المتحدة من تحديد وتعقب العديد من هذه الناقلات، مما أدى إلى فرض عقوبات عليها.
تأثير العقوبات على الصين:
الصين، التي تعد أكبر مستورد للنفط الإيراني والروسي، بدأت تشعر بآثار هذه العقوبات.
ميناء شاندونغ، المحطة الرئيسية للنفط الإيراني في الصين، توقف عن استقبال ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات الأمريكية، وأدى ذلك إلى تراكم ما يقارب 20 مليون برميل من النفط قبالة السواحل الصينية، غير قادرة على التفريغ.
كما تشير التقارير إلى أن مصافي التكرير الهندية قد تتوقف عن استلام شحنات النفط الخاضعة للعقوبات.
ارتفاع أسعار النفط: تداعيات عالمية:
وأدت الأخبار المتعلقة بالعقوبات إلى ارتفاع سعر خام برنت إلى أكثر من 80 دولارًا للبرميل في يناير/كانون الثاني 2025، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.
ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن روسيا وإيران ستستمران في البحث عن طرق للالتفاف على العقوبات، مثل نقل النفط إلى سفن أخرى أو استخدام طرق تهريب أكثر تعقيداً.
توقعات مستقبلية: عقوبات أكثر صرامة؟
ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية، يتساءل المراقبون عما إذا كانت إدارة ترامب، في حال عودتها إلى البيت الأبيض، ستشدد العقوبات على قطاع النفط الإيراني والروسي.
تقول الدكتورة بورجو أوزجليك، الباحثة في معهد الخدمات المتحدة الملكي (روسي) في بريطانيا، إن إدارة ترامب قد تفرض رسومًا جمركية على الدول التي تستمر في شراء النفط من روسيا وإيران، مما قد يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في أسعار النفط العالمية.
هل نشهد أزمة طاقة جديدة؟
ومع انخفاض صادرات النفط من روسيا وإيران، قد تواجه الأسواق العالمية نقصًا في الإمدادات، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع بشكل أكبر في عام 2025.
ومع ذلك، تشير التقديرات إلى وجود احتياطيات نفطية كبيرة في المملكة العربية السعودية ودول أخرى يمكن تعبئتها لتعويض النقص، ولكن السؤال الأكبر يبقى: هل ستكون هذه الاحتياطيات كافية لمواجهة الطلب المتزايد على النفط في ظل العقوبات المتصاعدة؟
العقوبات الأمريكية على النفط الروسي والإيراني ليست مجرد إجراءات اقتصادية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض نفوذ الدولتين في المنطقة والعالم. ومع استمرار التصعيد، قد نشهد تحولات جذرية في أسواق الطاقة العالمية، مع تداعيات اقتصادية وسياسية بعيدة المدى.
المصدر: وكالات
م.ال
اضف تعليق