عقب فرض الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ضرائب جمركية على الكثير من المنتجات المتبادلة بينهما، ازدادت حدة التوتر التجاري بين الجانبين. وانتقلت هذه الحدة إلى مستويات أعلى، بعد تهديد الطرفين بفرض رسوم إضافية على قطاع السيارات.
السياسات الاقتصادية الحمائية للولايات المتحدة، وقراراتها التجارية، وتأثيراتها السلبية على الاتحاد الأوروبي، دفعت الاتحاد لاتخاذ قرارات تجارية مماثلة ضد واشنطن. وبحجة الحفاظ على الأمن القومي، فرضت الولايات المتحدة ضرائب جمركية إضافية على الصلب والألمنيوم المستورد، وشملت دول الاتحاد الأوروبي بالقرار، ما أدى إلى إشعال فتيل الحرب التجارية بين الطرفين، خاصة مع التلويح بفرض ضرائب إضافية على قطاع السيارات.
وفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، 9 آذار الماضي، ضرائب جمركية إضافية بمعدل 25 بالمائة على الصلب، و10 بالمائة على الألمنيوم، وإعفاء الاتحاد الأوروبي من هذه الضرائب حتى تاريخ الأول من يونيو/ حزيران الماضي.
بالمقابل كان الاتحاد الأوروبي قد دعا إلى الإعفاء من الضرائب الجمركية بشكل دائم، بحجة عدم تشكيله تهديدا على الأمن القومي لحليفها الأمريكي، إلا أن المفاوضات بين الطرفين بهذا الخصوص لم تثمر.
ضرائب بالمثل
نقل الاتحاد الأوروبي، الأزمة الناتجة عن فرض واشنطن ضرائب إضافية على الصلب والألمنيوم، إلى منظمة التجارة العالمية.
وعقب ذلك بفترة قصيرة، اتخذ خطوات تجارية مماثلة كتدابير مُوازنة، حيث فرض اعتبارا من 22 حزيران الماضي ضرائب جمركية بمعدل 25 بالمائة على مئات المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة مثل الذرة، والأرز، والفستق، والتبغ، والجينز، والأحذية، والسفن.
وبفضل هذه الخطوة، بلغت قيمة الضرائب الإضافية على المنتجات الأمريكية، حوالي 2.8 مليار يورو (3.33 مليارات دولار)، مضيفة بأنها ستتخذ تدابير موازنة إضافية في المستقبل بقيمة 3.6 مليار يورو (4.28 مليارات دولار).
ضرائب على السيارات
وفيما بعد، ونتيجة لاتخاذ الاتحاد الأوروبي هذه الخطوة، هدد الرئيس ترامب بفرض ضرائب إضافية بقيمة 20 بالمائة على السيارات المستوردة من أوروبا.
وأشار إلى بلاده لن تتراجع خطوة إلى الوراء بخصوص قطاع التجارة، إذ قال “إن الولايات المتحدة ستفرض رسوم إضافية بقيمة 20 بالمائة على السيارات القادمة من الاتحاد الأوروبي، في حال لم يلغِ الاتحاد الحواجز التجارية المفروضة منذ وقت طويل على الولايات المتحدة، والشركات الأمريكية”.
وردا على ذلك، حذّر نائب رئيس المفوضية الأوروبية جيركي كاتاينين، من اتخاذ خطوات مماثلة في حال فرض الولايات المتحدة رسوم جمركية إضافية على السيارات الأوروبية.
الاتحاد الأوروبي سيئ كالصين
قال الرئيس ترامب لدى مشاركته في أحد البرامج التلفزيونية، إن “الاتحاد الأوروبي سيئ مثل الصين، بفارق بسيط أنه أصغر حجما”، متهما شركات السيارات الأوروبية بعرقلة أنشطة قطاع صناعة السيارات الأمريكي.
بالمقابل أرسلت المفوضية الأوروبية رسالة إلى وزارة التجارة الأمريكية، تتضمن تقييما حول مدى تهديد استيراد السيارات الأوروبية وقطع غيارها، على الأمن القومي الأمريكي.
وأكدت الرسالة على أن فرض واشنطن رسوم جمركية إضافية سيضر بالاقتصاد الأمريكي نفسه بالمقام الأول.
وأضافت الرسالة بأن فرض الرسوم الإضافية لا داعي له، ولا يحمل معنى من الناحية الاقتصادية، محذرة من إمكانية تعرض صادرات أمريكية بقيمة 294 مليار دولار لتدابير مضادة في حال فرض الولايات المتحدة لتلك الرسوم.
وتوقعت أن خسائر الولايات المتحدة الأولية ستبلغ حوالي 14 مليار دولار، حيث أنتجت الشركات الأوروبية 2.9 مليون سيارة في أمريكا العام الماضي، ما نسبته 26 بالمائة من إجمالي الإنتاج الأمريكي، الأمر الذي يؤمن فرص عمل لمئات الآلاف من العمال والموظفين.
التقاء الرؤساء
أعلن رئيس المفوضية الأوروبي جان كلود يونكر، بأنه سيجري زيارة لواشنطن في 21 تموز الجاري، تلبية لدعوة الرئيس ترامب.
وأردف بأنهما سيتناولان خلال اللقاء التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تفرض في الوقت الحالي رسوما جمركية قدرها 2.5 بالمائة على السيارات الأوروبية، و25 بالمائة على الشاحنات الأوروبية، في حين تفرض دول الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية بقيمة 10 بالمائة على السيارات الأمريكية.
وتمتلك عدد من كبرى الشركات الأوروبية، على غرار فولكس فاغن، ودايملر، وبي إم دبليو، منشآت إنتاجية ضخمة في الولايات المتحدة.
وحسب الأرقام، فإن الشركات الأوروبية تبيع في الولايات المتحدة سيارات بقيمة 48 مليار دولار سنويا، أكثر من نصفها تعود لشركات ألمانية، في حين يؤمن قطاع صناعة السيارات الأوروبي فرص عمل لنحو 12 مليون عامل، ويشكل نحو 4 بالمائة من الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي.انتهى/س
اضف تعليق