اعداد: إخلاص داود
يعد الإنتاج المحلي الرئة الحقيقة والمورد الاقتصادي الأهم في أغلب دول العالم، لأنه الدعامة القوية للاقتصاد لأجل الاكتفاء الذاتي والتخلي عن الإستيراد من الخارج، والصناعة المحلية العراقية كانت تواكب التطورات العالمية وذات مواصفات جيدة يرغبها المستهلك العراقي ويعمل آلاف العاملين العراقيين بها ولديها اكتفاء ذاتي وتخضع لضوابط وضعتها الجهاز المركزي للقياس والسيطرة النوعية.
ووصل اجمالي الانتاج المحلي في سبعينيات القرن الماضي الى 76% ، ثم تراجع بشكل كبير جدا منذ التسعينيات الى يومنا هذا بسبب الحصار والحروب وضعف تطبيق القانون والفساد الاداري والتناحرالسياسية بين الاحزاب المشتركة في العملية السياسية، حتى وصلت نسبة استيراد السلع والبضائع من خارج البلاد الى 57% وفي تزايد مستمر، على الرغم من الوعود الحكومية المتعاقبة لدعمه وتطويره وسعيها للنهوض بواقع القطاع من خلال انشاء المصانع الجديدة و تأهيل المصانع القديمة ووعود كل من تسنم وزارة الصناعة والمعادن بالقضاء على المفسدين.
و قد تم اطلاق الاستراتيجية الصناعية في العراق في بداية 2013 من اجل انعاش القطاع الصناعي ليكون دعامة لبرامج التنويع الاقتصادي وتخليص الصناعة الوطنية من احادية النفطية او كما تسمى بالصناعة التقليدية وتبني شعار صنع في العراق، ولكن انتشار الفساد وبشكل كبير جداً وفي جميع مؤسسات الدولة ومنها وزارة الصناعة يعد احد العقبات التي تكبح عجلة التطورالصناعي.
فيما أكد الخبير الاقتصادي عبد الحسن الشمري، "ان الوعود الحكومية لتفعيل القطاع الصناعي الخاص عبارة عن حبرا على ورق بدليل ان رئيس الوزراء حيدر العبادي عندما اعلن عن ورقة الاصلاحات في 31 كانون الاول عام 2015 كانت تتضمن 14 نقطة لدعم وتفعيل القطاع الصناعي الخاص والى الان لم يتم تنفيذ اية نقطة من الاصلاحات".
وقائمة الفساد والاحتيال الحاصلة في وزارة الصناعة والمعادن طويلة وأخرها، ما كشفته دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة، في شباط 2019، إدانة المدير العام السابق للشركة العامة للإسناد الهندسي في وزارة الصناعة والمعادن من قبل محكمة جنح الرصافة المختصة بقضايا النزاهة وغسل الأموال والجريمة الاقتصادية على خلفية قضية بيع "السكراب" العائد إلى الشركة.
وذكرت الدائرة في بيان صحافي، أنها "وفي معرض حديثها عن تفاصيل القضيَّة التي حققت فيها الهيئة وأحالتها إلى القضاء، أشارت إلى إقدام المدان الهارب على إبرام عقدٍ مع إحدى شركات القطاع الخاص لبيع السكراب العائد إلى الشركة دون أخذ الاحتياطات اللازمة"، مشيرا إلى أن "عملية البيع تمَّت خلافا لأحكام قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم (21 لسنة 2013)".
وأضاف البيان، أن "تفاصيل القضية تشير إلى قيام الشركة العامة للإسناد الهندسي بمعالجة السكراب؛ ليكون منتجا بحسب المواصفات العالميَّة، كما تمَّت إضافة كلفة النقل والمعالجة والكبس والخزن للشركة التي بيع لها السكراب، وليس لمصلحة دائرته، وبفعله هذا يكون المُتَّهم قد خالف واجباته الوظيفية؛ بسبب إهماله الجسيم، ممَّا أدَّى إلى حدوث ضررٍ بالمال العام".
فيما كشفت وزارة الصناعة والمعادن، في كانون الثاني 2019، عن وجود خسارة تقدر بـ63 مليار دينار في الشركة العامة لصناعة السيارات في الإسكندرية شمال بابل، فيما اكدت الوزارة تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على ملابسات القضية ومحاسبة المتورطين مهما كانت مناصبهم في الشركة.
وقال وزير الصناعة والمعادن صالح الجبوري خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر الشركة شمال بابل، ان "الشركة العامة لصناعة السيارات والمعدات الثقيلة في الإسكندرية تعرضت لخسائر مالية بلغت 63 مليار دينار بسبب عمليات فساد مالي واداري حصلت في الشركة خلال الأعوام الماضية".
وبين الوزير، ان "بعض المدراء السابقين للشركة ابرموا عقود شراكة واستثمار مع شركات فاشلة وغير رصينة ما تسبب بهذه الخسارة التي اضرت بمستوى عمل الشركة بشكل ملحوظ ".
فيما اكدت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النائب زيتون الدليمي، ان هناك عدة اسباب وراء تدهور القطاع الصناعي العراقي منها سياسة الاغراق السلعي الذي اتبعته الحكومة بعد عام 2003 وغياب الضوابط والقوانين الخاصة بالرسوم والكمارك على المنتجات المستوردة.
وقالت الدليمي ان "هناك اهمال حكومي كبير للقطاعات الاقتصادية حيث تاتي الموازنة من الحكومة وتكون خالية من التخصيصات المالية الكفيلة بالنهوض بالقطاع الصناعي العراقي حيث تكون عبارة عن موازنة تشغيلية تتضمن رواتب موظفين فقط"، مبينة ان "الحكومة لا تمتلك الخطة الاستراتيجية التي من خلالها تجعل هناك صناعة محلية متطورة".
واشارت الى، ان "الحكومة تعتمد بشكل كلي على المورد النفطي ولن تفكر في مستقبل البلد على اعتبار ان العالم بدا يقلل من استهلاكه للنفط بسبب الطاقة البديلة، وهذا يعني ان اغلب دول العالم ستستغني عن النفط فكيف يمكن للعراق في حينها ادارة موارده المالية، فلا بد من وضع خطة استراتيجية للنهوض بقطاع الصناعة من خلال منح السلف والقروض الميسرة الكفيلة بتفعيله". انتهى/ ع
اضف تعليق