مع اقتراب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من تولي منصبه في يناير/كانون الثاني 2025، تتجه الأنظار إلى سياساته التجارية التي يُتوقع أن تُحدث تغييرات جذرية في أنماط التجارة والاستثمار الدولي، وسط تحذيرات من تداعيات اقتصادية عالمية، وقد ذكرت مجلة "فوربس" أن السياسات الجديدة قد تتسبب في اضطرابات كبيرة، تؤثر على الاقتصاد الأميركي والعالمي على حد سواء.
فرض رسوم جمركية جديدة
وأعلن ترامب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من المكسيك وكندا، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على السلع المستوردة من الصين.
تأتي هذه الإجراءات ضمن سياسة "الرسوم المتبادلة" التي تهدف إلى مطابقة الرسوم التي تفرضها الدول الأخرى على الصادرات الأميركية.
وأفاد إريك أوتور، المستشار في شركة "بارلو وشركاه" والمتخصص في قوانين التجارة الدولية، أن فرض هذه الرسوم مسألة وقت، مشيرًا إلى إمكانية استغلال قانون السلطات الاقتصادية الطارئة لتطبيقها خلال أول 100 يوم من الإدارة الجديدة.
انعكاسات الرسوم على الاقتصاد المحلي
شانون فيورا، الشريك المؤسس لشركة "بيج فيورا"، أوضحت أن الرسوم الجمركية لا يتحملها المصدّرون بل الشركات الأميركية المستوردة، مثل الموزعين والمصنعين وتجار التجزئة، الذين ينقلون هذه التكاليف إلى المستهلك النهائي.
وأضافت فيورا أن هذا سيؤدي إلى ارتفاع التكاليف، مما يقلل الأرباح ويؤثر على التوسع والبحث والتطوير.
وأشارت فيورا إلى أن هذه السياسات قد ترفع أسعار المنتجات النهائية الأميركية، مما يضعف تنافسيتها أمام السلع الأجنبية، ويؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
التوترات التجارية والحروب الاقتصادية
تتخوف دول عديدة من تداعيات السياسات التجارية التي قد تؤدي إلى اندلاع حروب تجارية واسعة النطاق، ليس فقط مع الصين، ولكن أيضًا مع دول أخرى. شانون فيورا أكدت أن الدول الأخرى لن تبقى مكتوفة الأيدي وسترد بإجراءات مضادة، مما قد يزيد من عزلة الولايات المتحدة اقتصاديًا.
وبحسب جيمس زان، الزميل في معهد "تشاتام هاوس"، فإن الحروب التجارية تؤثر على الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تدفع إلى إعادة توجيه الاستثمارات نحو دول مستقرة تجاريًا، وتشجع على الاستثمار في البنى التحتية الإنتاجية.
التأثير على الشركاء التجاريين الرئيسيين
تشمل واردات الولايات المتحدة من الصين، المكسيك، وكندا سلعًا أساسية مثل الأجهزة الإلكترونية، الأثاث، السيارات، والمواد الخام. ويُقدر العجز التجاري الأميركي مع الصين بـ300 مليار دولار، ومع المكسيك بـ157 مليار دولار، بينما تُعد كندا أكبر مورد للنفط الخام إلى الولايات المتحدة.
فرض الرسوم الجمركية على هذه الدول سيزيد تكاليف الإنتاج في الداخل الأميركي، ويرفع أسعار السلع، مما يؤدي إلى تآكل القدرة التنافسية للشركات الأميركية.
تداعيات عالمية محتملة
قد تؤدي هذه السياسات إلى تباطؤ اقتصادي عالمي يتبعه ركود واسع النطاق، حيث تعتمد العديد من الدول على التجارة مع الولايات المتحدة.
وتشكل الصين 31% من قطاع التصنيع العالمي، ما يعني أن أي صراع تجاري معها سيؤدي إلى اضطرابات اقتصادية عالمية.
وفي ظل سياسات ترامب التجارية المرتقبة، يبدو أن عام 2025 سيشهد تقلبات اقتصادية كبيرة قد تؤثر على الأسواق العالمية وأسعار السلع والنفط. ومع التوجه الأميركي لاستخدام الرسوم الجمركية كأداة للضغط السياسي والاقتصادي، فإن العالم قد يواجه مرحلة جديدة من الفوضى التجارية التي لن تسلم منها أي دولة.
اضف تعليق