ضمن سلسلة بحوث ودراسات إصلاحية أصدرها ملتقى النبأ للحوار في إطار سعيه لتعزيز الإصلاح التشريعي ومكافحة الفساد وترسيخ الحكم الرشيد، صدر بحث قانوني مشترك لكل من الأستاذ الدكتور عامر زهير حسين والباحثة مروة سامي جبار، حمل عنوان: "المعالجات القانونية لتأخر الإدارة عن أداء الحق المالي للمتعاقد في عقد الإشغال العامة في العراق"،إشكالية متكررة.

يتناول البحث واحدة من أبرز الإشكاليات التي تواجه المقاولين المتعاقدين مع الدولة، والمتمثلة في تأخر الإدارة في صرف مستحقاتهم المالية، لا سيما في ظل الأزمات المالية التي تعرض لها العراق بعد عام 2014.

ويؤكد الباحثان أن هذا التأخير يؤدي إلى إرباك كبير في تنفيذ المشاريع ويؤثر على التنمية الاقتصادية.

قرارات حكومية

أوضح البحث أن الإدارة العراقية لجأت، لمواجهة الأزمة المالية، إلى استخدام أدوات غير تقليدية لتسوية المستحقات، مثل سندات الخزينة العامة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 347 لسنة 2015، الذي أتاح تسديد 40% من مستحقات المقاولين عبر تلك السندات.

كما استخدمت الحكومة أساليب أخرى مثل الدفع بالأجل ورهن العقد لدى المصارف، وهي آليات تم إقرارها دون وجود تعليمات واضحة لتنظيمها، مما أدى إلى ضعف فاعليتها ورفض بعض المصارف التعامل معها.

فوائد متأخرة

رغم أن العديد من التشريعات الدولية، كالقوانين الفرنسية والمصرية، تنص على الفوائد التأخيرية عند تأخر صرف المستحقات، إلا أن التشريع العراقي يفتقر لنص صريح بهذا الخصوص، باستثناء ما ورد في قرار مجلس الوزراء آنف الذكر.

كما بيّن الباحثان أن وزارة التخطيط عطّلت نصوصا جاءت في وثائق العطاء القياسية، ما أدى إلى غياب ضمانات المقاولين.

نتائج صادمة

خلص البحث إلى أن أساليب الإدارة العراقية في تسديد المستحقات المالية – ومنها سندات الخزينة – ألحقت ضررا مباشرا بالمقاولين، حيث خضعوا لنسب خصم وصلت إلى 6% دون وجه حق.

كما أشار إلى غياب موعد محدد لصرف المبالغ المتبقية (60%)، وهو ما سبب ضررًا ماليًا ومعنويًا كبيرا للمقاولين، ودفع بعضهم لبيع ممتلكاتهم الشخصية.

التوصيات:

• ضرورة تحمّل وزارة المالية تكاليف خصم السندات باعتبارها ضامنة، وصرف كامل المستحقات المتأخرة.

• التريث في استخدام أسلوب الدفع بالأجل حتى تحسّن الوضع المالي وموافقة السلطة التشريعية على المشاريع.

• تفعيل نصوص رهن العقود لدى المصارف، مع إعداد تعليمات تنظيمية تضمن حقوق جميع الأطراف.

• تعديل تعليمات تنفيذ العقود الحكومية بما يضمن إقرار الفوائد التأخيرية عن تأخر صرف المستحقات.

• توفير سيولة مالية عاجلة لصرف المستحقات المتبقية، مراعاةً للضرر الذي لحق بالمقاولين خلال أكثر من ثلاث سنوات.

إصلاح مطلوب

يؤكد هذا البحث أهمية إصلاح المنظومة التشريعية المتعلقة بالعقود الحكومية، بما يضمن حقوق المقاولين ويعزز بيئة التعاقد مع الدولة.

كما أن تنظيم آليات السداد البديلة وتحديد الالتزامات المالية بشكل واضح سيسهم في تحقيق استقرار اقتصادي وتشجيع القطاع الخاص على المساهمة في عملية الإعمار والتنمية.

يُذكر أن هذا البحث يأتي ضمن سلسلة معرفية تصدر عن ملتقى النبأ للحوار لمؤتمر سابق مع كلية القانون جامعة الكوفة، في سياق جهوده لتعزيز النقاش العلمي حول قضايا الإدارة العامة، والرقابة، وسياسات الحوكمة في العراق.

م.ال

اضف تعليق