في سياق التحالفات السياسية الراهنة واختلاق العديد من الفرص المعجلة وليست المؤجلة لفكرة الانتخابات القادمة، ولأجل تعزيز هذا المعنى انبرى ملتقى النبأ للحوار الى عقد ندوة حوارية بعنوان (التحالفات السياسية ودورها في تشكيل خارطة الانتخابات)، بمشاركة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وحضور عدد من النواب والأكاديميين والقانونيين والناشطين والمهتمّين وإعلاميين.
افتتح الندوة الحوارية مدير ملتقى النبأ للحوار الكاتب الصحفي علي الطالقاني، بادئا حديثه بمقدمة اورد فيها "أن هذا البرنامج ما هو الا فرصة اكيدة لدعم وترسيخ مبدأ الحرّيات العامة وتعميم الوعي الثقافي، لذا نحن امام مسؤولية وطنية لا مناص منها على اعتبار أن الطبقة المُثقّفة ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات هي امام مسؤولية وواجب وطني لا غبار عليه".
مضيفاً إنّ "حرصنا الاكيد اليوم على دعم العملية الانتخابية التي نحن على مشارفها الان، يُحتّم علينا قراءة المُستقبل قراءة متأنية وكذلك دراسة التحدّيات الراهنة خصوصاً واننا نعيش تجربة ما بعد القضاء على التنظيمات الإرهابية".
مشيراً في الوقت ذاته "إلى أهمية الانتخابات واخذ رأي الشعب خاصة وأن قوى الظلام والاستكبار هي من تُحارب العملية السياسية، ولكن بفضل وجهود الطبقة المُثقّفة والمنظمات والسياسيين الشرفاء تبلورت على اثر ذلك حقيقة مفادها إيجاد انتخابات حرّة ونزيهة".
مبيّناً إنّ "استشراف المُستقبل هو من أولوياتنا وذلك من اجل إيضاح الصورة لدى الناخب العراقي بوقت مُبكّر، وذلك بغية التفكير بشكل صحيح وإيجاد مُرشّحين أكفاء ومخلصين".
من جهته اوضح الدكتور واثق الهاشمي رئيس الجمعية العراقية للدراسات الاستراتيجية، "اننا نتأمل خيرا من القادة الشباب لانهم هم جيل المستقبل الذي يتم التعويل عليه اليوم وغداً، والغاية من وراء ذلك هو ايصال صوتهم بشكل حضاري ومؤثر لتغيير الكثير من الاستراتيجيات، وذلك قد يتم من خلال المشاركة الفعالة والمتميزة في هكذا ندوات، شريطة ان تتسلح تلك الشريحة الشبابية بالأفكار والبرامج والخطط وبشكل واضح وصريح".
كما اشار الهاشمي "إلى أن الاحزاب السياسية في الآونة الاخيرة اخذت تتبني شعارات الدولة المدنية بغية كسب منافع انتخابيه بعيدة المدى".
معربا في الوقت ذاته "عن عدم ثقته بتلك الاحزاب المشاركة ضمن العملية السياسية الحالية، وهي دائما ما تكون عاجزة عن تشكيل كتل عابرة للطائفية، فضلا عن مدى جديتها في معالجة القضايا المهمة في البلد".
هذا واكد الهاشمي " على أن الدول الإقليمية تحاول جاهدة زعزعة استقرار البلد، وايجاد اجندات خاصة بها داخل العراق، وهي دائما ما تعمد إلى اسلوب رفض التعاون وتأجيل فكرة المصالحة العامة بين جميع الكتل، فضلا عن فكرة ايجاد معارضة حقيقية خارج السلطة تهدف إلي تصحيح المسارات الخاطئة لأي حكومة تتولى السلطة في البلد".
وذكر الهاشمي "إن الناخب العراقي اليوم وصل الى مرحلة الإحباط ولخمس دورات متتالية نتيجة الوعود الكاذبة التي يطلقها المسؤولين، لذا نحتاج اليوم إلى رسم خارطة طريق جديدة ومحاولة حث الناس على المشاركة الفعالة في الانتخابات القادمة، لتغيير واقع البلد نحو الافضل واختيار الاصلح للقيادة".
وعبر رئيس الجمعية العراقية للدراسات الاستراتيجية عن قلقه من سوء الفهم في موضوعة الأغلبية السياسية بشكل عام، وهي التي تعني مشاركة الجميع في الحكم وايجاد معارضة للحكومة تكون بعيدة عن المحاصصة هدفها محاسبة المسؤولين والتحكم بكل خطواتهم ".
وقالت النائب عن محافظة الموصل نورة البجاري، أن المكتسبات المتحققة في القضاء على داعش ما كان لها أن تكون لولا دماء الشباب الابطال من قواتنا الأمنية وشباب فتوى المرجعية، وهذا هو واقع الشباب العراقي ودورهم الحقيقي في مواجهة المصاعب التي تواجه البلد".
وذكرت البجاري "إن الواقع الملموس في البلد ليس بمستوى الطموح، خاصة وأن الارضية المناسبة لنجاح الانتخابات في الفترة القادمة ضعيفة جدا، نتيجة عدم استقرار الاوضاع العامة للمحافظات المحررة فضلا عن قضية النازحين والمهجرين".
واشارت البجاري "إلى عزوف الأغلبية عن الذهاب لصناديق الاقتراع، خصوصا اولئك الذين طالهم التهجير ناهيك عن ضعف الوسائل المتوفرة لهم في خيم النزوح".
وطالبت البجاري "الاحزاب المهيمنة على السلطة بالتخلي عن بعض طموحاتها والاعتراف بفشلها في العملية السياسية نتيجة الأزمات التي مر بها العراق، محاولة في الوقت ذاته تمرير فكرة فسح المجال امام الأجيال القادمة من الشباب".
الدايني اعتبرت ان "رفع الشعارات التي تطالب بالتخلي عن الطائفية هي ضعيفة ومجرد واجهة اعلانية غير حقيقية اطلاقا وهي عبارة عن مسكنات، وأن اللاعب الإقليمي والدولي هو من يتحكم ويؤثر بمجمل قرارات الكتل السياسية والعملية السياسية بشكل عام".
من جانبها قالت عضو مجلس النواب شروق العبايجي "إن الانتخابات المقبلة تختلف عن نظيرتها السابقة، من خلال تراكم التجربة الانتقالية ما بين نظام شمولي ومآبين ما اسس له من نظام ديمقراطي مدني".
فيما اكدت العبايجي إنّ "الدعاية الانتخابية هي عبارة عن مُفردة تتداول الآن بشكل عام كتُهمة او سبه تنسب للسياسي أو المسؤول أو النائب، والسبب مرهون بعدم القدرة على تطبيق تلك الوعود الانتخابية وهي لا تعدو كونها مجرد مزايدات انتخابية لا قيمة لها، خاصة وإنّ هدف الانتخابات الأساسي في كل العالم هو بالأساس يقوم على جعل المسؤولين يتسابقون لإرضاء المواطن بالعمل والخدمة المُجتمعية الصحيحة، أو محاولة إيصال صوت المواطن أو الناخب الى الجهات المعنية على أقل تقدير".
كما المحت العبايجي "إلى تحوّل الانتخابات الى تُهمة أو جريمة يقوم بها السياسي؟ وبالتالي تمسي الأدوات الديمقراطية هي عبارة عن عنوان للتضليل وخلط الحابل بالنابل خدمة للفاسدين والفاشلين وأمثالهم؟".
واوضحت العبايجي "إن المرحلة القادمة هي الاصعب من خلال تطبيق اسس الدولة المدنية الحقيقية، وقياس مدى نجاح النخب السياسي في تحقيق هذا التوازن المهم والجوهري، لاسيما في اطار التخلي عن مبدأ رفع الشعارات فقط ومحاولة تطبيق تلك الشعارات على ارض الواقع".
وابدت العبايجي "سعادتها باختفاء الخطاب الطائفي في الآونة الاخيرة لدى جميع الكتل السياسية، رغم وجود المنظومة البنيوية نفسها السابقة والتي تأسست على نظام طائفي نوعا ما ، معربة عن املها في القضاء عليها في القريب العاجل.
العبايجي من جهتها "طالبت الكتل السياسية التي بنيت على اساس طائفية وشعارات مذهبية أن تغيير ادواتها القديمة من اجل تحقيق مكاسب حقيقية للمواطنين وللكتل السياسية نفسها .
مؤكدة على ان "التحالفات المقبلة ستكون ايجابية كونها ستتشكل على اساس انتخابي، متأملة في الوقت ذاته أن تلوح في الافق خارطة طريق جديدة تهتم بالمواطن، ومحاولة حث الجمهور العراقي على المشاركة الفعالة في قادم الاستحقاقات".
وأضافت العبايجي"إن الدولة المدنية هي دولة المواطنة لذا يجب على من يطالب بها ان يوعد المواطنين بامتلاكه الادوات اللازمة لتطبيق هذا البنيان السياسي المهم ، واعطاء الضمانات والتطمينات اللازمة للمجتمع بغية تحويل هذا النظام المؤسساتي من الواقع الافتراضي الى الواقع العملي، فضلا عن القضاء على المحاصصة الطائفية وبناء دولة المواطنة، وبالتالي كل التقديرات والتوقعات تقول ان التحالفات القادمة ستكون مختلفة عن سابقاتها في العديد من النقاط".
وفي مداخلة لعضو مجلس النواب ناظم الساعدي "اكد خلالها على ان جزء كبير من الشعب العراقي فقد الثقة بسياسي البلد او الحكومات المتعاقبة نتيجة جملة من القرارات السلبية، والتي ادت بطبيعة الحال إلى خلق فجوة مآ بين النخبة الحاكمة وما بين المواطنين ومآ بين السياسيين انفسهم".
ويؤكد الساعدي "على أن الحرب الاخيرة ضد داعش الارهابي ورغم الخسائر في الارواح والصعوبات التي تكبدها الشعب العراقي، لكنها ساهمت بالمقابل في رفع وتيرة الدافع المعنوي والمجتمعي للناس، وذلك من خلال تهشيم الخندق الطائفي والقضاء على الشعارات التي ساهمت في دمار مكونات الشعب العراقي، وهذا مما رفع الواعز الوطني والوحدة ما بين مكونات الواقع العراقي".
هذا وقد اعرب الساعدي " عن اسفه الشديد كون الراي العام تتحكم فيه الأحزاب السياسية ، والأصح والانضج هو أن تتحكم النخبة السياسية بالرأي العام وقيادته نحو بر الأمان من خلال الخطط والأفكار" .
الساعدي اكد " على أن اغلب الكتل السياسية لم تعقد تحالفات رسمية لحد الأن وهي بانتظار ان يشرع قانون الانتخابات وتشكل القوائم بصورة نهائية، موكدا في الوقت ذاته على وجود تفاهمات مبدئية ما بين الكتل السياسية، فضلا عن الضغوطات الدولية التي تمارس من اجل تشكيل الاحزاب والتحالفات، وهذا مما يعدو كونه سبب رئيسي لتراجع العملية الديمقراطية والسياسية في البلد".
واشار الساعدي ايضا "إن التحالفات القادمة ستتشكل على نظام الأغلبية السياسية ، فطالما كانت الكتل السياسية بأجمعها تطالب بالمحاصصة الطائفية، وبالتالي كانت نتائج تلك العملية السياسية ضعيفة التأثير، ناهيك عن التفاوت الموجود في الخطاب الداخلي عكس ما هو شائع اعلاميا وخارجيا، الشيء الاخر هناك ثمة مطالب محقة باتجاه الاهتمام بالشعب العراقي بشكل عام، معتبرا اياها الحل الوحيد والامثل للخروج من جميع الأزمات التي تعصف بهذا البلد .
فيما شددت النائبة رحاب العبودة "على دور الناخب العراقي في تغير مسار العملية الانتخابية بشكل عام والعملية السياسية بشكل خاص، داعية في الوقت ذاته الى ضرورة ان يمارس الناخب العراقي دورة الوطني والثقافي، شريطة أنلا يفرض عليه انتخاب شخصيات معينة كأن تكون عشائرية او بسبب المعرفة الشخصية، فهو من يتحمل تبعيات هذا الاجراء غير القانوني وغير الديمقراطي".
واضافت العبودة "إن الحكومة والبرلمان لا يستطيعان تأجيل الموعد المقرر للانتخابات النيابية المقبلة المقررة في ايار 2018، خصوصا وان المحددات الأساسية لخوض الانتخابات تكمن في المدة الدستورية ومفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات والقواعد الجماهرية".
كما اوضحت العبودة "إن من يروج الى موضوع حكومة طوارئ او تصريف اعمال سيدخل العراق في أزمة فراغ دستوري وسيذهب بالبلاد الى المجهو".
وتابعت العبودة "نحن كسياسيين نثمن الاسباب المطالبة بتأجيل الانتخابات؛ لكن العراق خاض انتخاباته السابقة وخاصة في (2015)، في ظروف وأوضاع أسوأ من ذلك ولم يعمد الى تأجيل الانتخابات، داعية الكتل المطالبة بتأجيل الانتخابات إلى البحث عن خيارات أخرى، كأن يكون اجراء الانتخابات في موعدها".
واشارت العبودة "إلى ان مشكلة القوى السنية بتأجيل الانتخابات ليست في اعداد النازحين، بل في السياسيين انفسهم الذين اوصلوا جماهيرهم الى ما وصلوا اليه اليوم، فعلى العكس من ذلك يفترض بان يكون الناخب المهجر، اول من يدلي بدلوه في الانتخابات المقبلة، فهو صاحب التجربة الاهم في تغير واقعه من شخصيات كانت سبب في وضعه في مهب التهجير، خاصة وان مفوضية الانتخابات اكدت قدرتها على اقامه الانتخابات في المناطق المحررة وحتة مواقع النزوح".
إلى ذلك اشار الناطق باسم المفوضية العليا للانتخابات كريم التميمي ، عن وصول عدد المحدثين لسجلاتهم الانتخابية إلى 46% والبالغ عددهم أكثر من 10 ملايين ناخب.
وقال التميمي ان “المدة القانونية المحددة لتحديث سجلات الناخبين انتهت بتحديث أكثر من 10 ملايين و400 ناخب لسجلاتهم والتي تصل نسبتهم الى 46%”.
واضاف التميمي “إن عدد المشمولين بالانتخابات البالغين السن القانوني خلال الانتخابات المقبلة يبلغون نحو 24 مليون عراقي تجاوزوا سن 18 عاما”.
كما أكد التميمي “إن اغلب الذين لم يحدثوا سجلاتهم الانتخابية يمتلكون بطاقة ناخب بايومترية وبإمكانهم المشاركة في الانتخابات المقبلة".
التميمي اشار "إلى ان المفوضية استكملت كافة الاجراءات اللازمة لخوض عملية الانتخاب الخاص بالجيش والشرطة والقوى الامنية كافة، عبر بطاقات انتخابية اعتمدت الدقة في اي محاولة اختراق لتلك البطاقات وأن يتم استعمالها في اكثر من عملية انتخابية واحدة، مشيرا إلى تسجيل اكثر من 150 كيان سياسي لخوض العملية الانتخابية في ايار من العام المقبل".
من جهته اوضح المحلل السياسي الدكتور عصام الفيلي عضو ملتقى النبأ للحوار "إن العراق يعاني في العقود الماضية من تجربة حكم الحزب الواحد، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى انتهى هذا العصر وبدأت الديمقراطية في العراق تأخذ مداها الواسع، وسط جملة من الأخطاء الواضحة من جراء كتابة الدستور وبصورة سريعة ومستعجلة، ووسط توقعات وامنيات كبيرة من اجل نجاح هذا الدستور وذلك من خلال محاولة الزام كافة الاطراف العمل به، الا أن الطامة الكبرى هو وضع البلاد على صفيح ساخن، وذلك بسبب المشاكل والتقاطعات مآبين احزاب السلطة، ناهيك عن فرضية حكم الكتلة الاكبر او نظام الفيدرالي والكثير من النقاط الاخرى التي وضعت في الدستور العراقي، وهي تسمح للكتلة الاكبر أن تتحكم بمقدرات البلد بمسعدة ومشاركة البقية في السلطة من خلال التحكم الطائفي".
هذا وقد اضاف الفيلي "إن الدستور العراقي في العهود الماضية أي ايان الحكم الملكي ضمن حقوق المكونات الاخرى، على النقيض من الدستور العراقي الجديد فهو لا يهتم بهذا الجانب المهم الا بالنزق اليسير، هذا مما ولد ضعف في نظام المعارضة البرلمانية فالكتل الكبيرة تتقاسم السلطة والكل يأخذ حصته، لذلك فأننا اليوم نفتقد لمن يصحح مسارات السلطة الخاطئة، وهذا واقعا يشكل حالة تعارض مع مبدئ) اعطني معارضة صالحة اعطيك حكومة صالحه)".
الفيلي من جهته "شدد على تطبيق مبدئ الدولة المدنية دون المساس بالحقوق الدينية او الإسلامية لضمان تساوي الجميع في الحقوق والواجبات، متمنيا في الوقت ذاته ان تتولد قناعات جديدة لدى جميع الساسة بتفضيل مصلحة المواطن على الرغبات والمصالح الشخصية، خوفا من أن تتفاقم الامور نتيجة الضغوط التي حصلت ضد المواطنين في السنين الاخيرة، مشيداً بالتحسن الحاصل في الفترة الاخيرة والمنجزات المتحققة لدى هذه الحكومة في القضاء على الارهاب وتحقيق النصر بشكل مستمر".
وشهدت الندوة تفاعلا واضحا ونقاش ما بين الحاضرين وبين اعضاء مفوضية الانتخابات والمسؤولين، وبالتالي هي ساهمت في وضع بعض النقاط على الحروف والخروج ببعض الحلول والنتائج على المدى البعيد .
يشار الى ان ملتقى النبأ للحوار هو احد المراكز البحثية والنقاشية ضمن مؤسسة النبأ للثقافة الذي يهدف الى تبادل الآراء ووجهات النظر المختلفة ، ويضم بين طياته اكثر من 200 شخصية سياسية واكاديمية واعلامية هدفه نشر ثقافة الوعي والدعوة إلى بناء الإنسان فكريا وثقافيا، وتطوير مهاراته وإمكانياته وتفكيره.
اضف تعليق