نشرت صحيفة "العرب" اللندنية، اليوم الجمعة، تقريرا عن تسلم العراق للمدان والمطلوب للقضاء بقضايا فساد الوزير السابق للتجارة عبد الفلاح السوداني، مبينة ان السوداني قد يبرئ من التهم الموجهة اليه بموجب قانون العفو العام، ما يمكنه من الترشح للإنتخابات المقبلة ان اراد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن "موظفي مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، احتفلوا الخميس، بما قالوا إنه الإنجاز الأول، في ملف الحرب على الفساد الذي يتبنّاه العبادي، عندما تسلّمت بغداد، من الإنتربول وزير التجارة الأسبق عبدالفلاح السوداني، المدان بقضايا فساد.
واضافت: "وفيما ذهبت التحليلات الأوّلية إلى القول إنّ استعادة السوداني تمثّل أوّل خطوة في الدعاية الانتخابية للعبادي المرشّح للانتخابات التشريعية المقرّرة لشهر مايو القادم، حذّرت أوساط سياسية عليمة بالشأن العراقي، من أنّ للقضية خلفيات يمكن أن تحوّل عملية جلب الوزير السابق إلى لغم في طريق رئيس الوزراء".
ونقلت الصحيفة، عن مراقب سياسي عراقي، لم تسمه، رؤيته، أن "آمال العبادي في الاستفادة انتخابيا من مسألة إلقاء القبض على السوداني قد تتبدّد إذا قرر حزب الدعوة التدخل لصالح الوزير السابق، وهو أمر محتمل في ظل ما صار معروفا من أن السوداني لم يعمل لحسابه الشخصي بل ذهبت ثمار الصفقات الفاسدة إلى حزبه".
واستبعد المراقب أن "يكون الوزير المعتقل الحبل الذي سيلفه نوري المالكي زعيم الحزب المذكور على رقبة مستقبله السياسي"، قائلا: "الاحتمال الأكبر ألاّ يتدخل الحزب مباشرة بل يستعين بممثليه في البرلمان والقضاء لإبرام صفقة مع العبادي من أجل عدم استعمال مسألة السوداني كورقة ضغط انتخابية. وهو ما يعني أنّ وزير التجارة السابق سيتعرّض لتحقيق موجّه بما يضمن لحزب الدعوة الحفاظ على أسراره الداخلية التي يعتبر السوداني أحد مستودعاتها، وهي أسرار قد تتجاوز الحزب لتصل إلى طبيعة صلته بإيران المتهمة بتصدير بضائع غير صالحة للاستهلاك البشري ضمن الصفقات التي عقدها السوداني يوم كان وزيرا".
وشغل السوداني حقيبة التجارة، المسؤولة عن تسليم الملايين من العراقيين حصصا شهرية من المواد الغذائية، في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وخصصت مبالغ طائلة لوزارة التجارة، اختفت معظمها في زحمة الصراع الطائفي الذي اجتاح البلاد العام 2006.
وسجل برنامج "البطاقة التموينية"، الذي يحصل العراقيون بموجبه على مواد غذائية، من الحكومة، شهريا، مقابل أسعار مدعومة، أسوأ أداء له، خلال حقبة السوداني، طيلة أعوام، واختفى الجزء الأكبر من المواد الغذائية من قائمة التجهيز التي يحصل عليها السكان، فيما كان الجزء المتبقي من مناشئ رديئة، ما فتح باب الانتقادات واسعا على أداء الوزير، والحزب الذي ينتمي إليه.
وفرّ السوداني في ظروف غامضة من بغداد إلى بريطانيا، التي يرجّح أنّه يحمل جنسيتها، بعد توجيه سلسلة اتهامات له. وبقي هاربا، حتى إلقاء القبض عليه من قبل الشرطة الدولية "إنتربول" في بيروت، قبل أسابيع، وبعد مراسلات عدة مع بغداد، قرر الإنتربول تسليمه للسلطات العراقية.
ونقلت "العرب" عن مصادر مطلعة، القول، إن "شركات وهمية ترتبط بأعضاء بارزين في حزب الدعوة حصلت على عقود بمليارات الدولارات لتوريد مواد غذائية إلى العراق، خلال حقبة السوداني، وبموجب هذه العقود، حصل هؤلاء على الملايين من الدولارات، ويخشى هؤلاء الآن أن يقرّ السوداني بتورطهم".
واحتفل موظفون في مكتب العبادي، بوصول السوداني إلى بغداد، عبر نشر الخبر على حساباتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب أحدهم أن السوداني هو أول وزير عراقي، منذ 2003، سيخضع لمحاكمة حضورية في قضايا فساد.
ويقول مراقبون إن "العبادي يحتاج إلى هذه الدفعة، لتحقيق شيء في ملف الفساد، الذي قطع فيه على نفسه وعودا كبيرة، من دون أن يتحقق شيء".
لكن جهات سياسية في بغداد تقلل من قيمة "هذا الإنجاز"، بالإشارة إلى أن السوداني وضع على قوائم الإنتربول خلال ولاية المالكي الثانية، ولا دخل للعبادي في هذا الملف.
ويخشى نشطاء أن تصدق التسريبات التي تشير إلى أن السوداني لم يسلم نفسه إلى السلطات اللبنانية، التي سلمته بدورها إلى الإنتربول، إلا بعدما ضمن شموله بقانون العفو العام في بغداد.
وصدرت بحق السوداني، خلال مدة فراره، سلسلة أحكام غيابية، أبرزها الحبس 7 أعوام، في 2012 و2015.
ويقول متخصصون في القانون، إن كلا الحكمين الغيابيين، مشمولان بقانون العفو العام، الذي أقره البرلمان العراقي مؤخرا، ويجيز هذا القانون، للمدانين بقضايا فساد، دفع تعويضات مالية للدولة، توزاي المبالغ التي اتهموا بإهدارها أو إساءة التصرف فيها، لقاء حريتهم.
واستفاد من هذا التشريع، بعض المسؤولين العراقيين، بينهم محافظ صلاح الدين أحمد الجبوري، وآخرون.
ويمكن للسوداني أن يدفع المبالغ التي أدين بهدرها، والتمتع بحريته التامة، ما يتيح له الترشح لانتخابات البرلمان لو أراد. انتهى /خ.
الاراء الواردة في الخبر لا تعبر بالضرورة عن سياسة الوكالة.
اضف تعليق