الآن وقد انتهى رئيس الوزراء الجديد، عادل عبد المهدي، من تمرير جزء كبير من كابينته الوزارية التي صوّت عليها مجلس النواب مؤخراً، غير أن الرجل يواجه الآن امتحاناً صعباً محوره التخلّص من تركات لحكومات تغلغلت فيها المحاصصة بعمق مخيف، وأهمها أيضاً التخلص من ترهلات منتشرة في العديد من مؤسسات الدولة الخاضعة لمسؤولين ومنهم مدراء عامين بلا كفاءة ولا نزاهة ولا حتى مؤهل علمي لشغل المناصب.
نسبة ليست قليلة من هؤلاء المدراء تجاوزوا المدة القانونية المسموح بها فهناك من أمضى أكثر من أربع سنوات في منصبه وهو ما يعتبره خبراء وقانونيين "فساداً" ويستدعي التحرك السريع لإبعادهم قبل أن يخمد الحماس الذي يجتاح الحكومة والبرلمان الجديدين معاً.
حملة نيابية
مصدر نيابي اكد عزم عدد من أعضاء مجلس النواب، إطلاق حملة نيابية واسعة لمطالبة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والضغط عليه بأبعاد المدراء العامين واصحاب الدرجات الخاصة ووكلاء الوزراء الذين امضوا أكثرمن اربعة سنوات في المنصب.
وبحسب المصدر، فإن "هناك مدراءً تجاوزوا الاربعة سنوات في مناصبهم بل البعض الآخر وصل الى ثمان سنوات وأكثر في مناصب ووزارات مختلفة".
ويقول المصدر، إن "هناك عددا غير قليل من اعضاء مجلس النواب سيطلقون حملة واسعة لمطالبة رئيس الوزراء بإبعاد هؤلاء".
وتشير المصادر إلى أن "من ضمن برنامج رئيس الوزراء عادل عبد المهدي القضاء على جميع انواع الفساد"، وأن بقاء المدراء العامين في مناصبهم لمدة طويلة تتجاوز الاربعة سنوات يعد فسادا".
وكشف مصدر في تصريح صحفي عن وجود "وزراء يعملون على تعيين المدراء العامين بالوكالة"، وهو ما يعتبر خرقاً قانونياً يعد رئيس الوزراء بإنهائه".
وفي وقت سابق، من عام 2015 أصدر رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، قراراً بإعفاء 123 من الوكلاء والمدراء العامين في الوزارات ضمن سلسلة الإصلاحات التي تبناها بعد موجة تظاهرات عارمة انطلق في آب/ أغسطس من العام نفسه".
مدراء بلا شهادات حقيقة
الأمر لا يقف عند تجاوز المدة المحددة لشغل هذه المناصب، فهناك درجات وظيفية ومناصب خاصة تبوأها أشخاص غير مؤهلين وبلا شهادات فعلية أو كفاءات مهنية.
يقول النائب عن تيار الحكمة، فرات التميمي، إن "الكثير من المدراء العامين والدرجات الخاصة هم بدون شهادة فعلية وقدحصلوا على شهادات من الخارج دون معرفة حقيقتها اويعملون خارج إطار التخصص اوحتى الكفاءة والمهنية وليسوا ممن تدرجوا بعملهم ويملكون الخبرة ضمن نفس التخصص بمؤسساتهم".
ويمضي القول: "بل تم المجيء بهم بشكل مباشر لشغل تلك المناصب من خلال ترشيحهم من احزابهم ليكونوا تابعين لهم".
ويرى التميمي أنما أسماه بـ"المحاصصة"، هو: "شرّعنة حقيقية لدماء واموال الدولة، وتتحمل مسؤولياتها بعض الاحزاب والكتل السياسية".
وأردف قائلاً: "ينبغي ان لايبقى هذا الامر الى ما لانهاية خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه البلد"، مبيناً أن "المحاصصة بالدرجات الخاصة تمثل ثقل الفساد المالي والاداري للذين تربعوا على صدور الوزارات بتوجيه من الاحزاب".
ودعا التميمي رئيس الوزراء إلى "تقديم الحلول الكاملة وانهاء تلك المحاصصة وتغيير الشخصيات التي بقيت بمناصب خاصة لفترة أكثر من أربع سنوات خاصة التي لم تثبت كفاءتها بمواقعها"، على حد تعبيره.
إجراءات سريعة لإنهاء العمل بالوكالة
الإجراءات التي ينبغي اتخاذها تكمن في ضرورة "التدقيق"، بمؤهلات الوزراء والمدراء والتي تتصدّرها "الكفاءة" و"النزاهة" وإنهاء العمل بالوكالة. وهو ما دعا له النائب عن تحالف سائرون مضر السلمان الإزيرجاوي.
يقول الازيرجاوي لـ السومرية نيوز: إن "هناك ضرورة للتدقيق في كفاءة ونزاهة وكلاء الوزراء والمدراء العامين ورؤساء الهيئات المستقلة وتقييم عملهم وتطبيقا للمعاييرالمهنية في اختيارهم".
ودعا، رئيس الوزراء إلى "اتخاذ اجراءات سريعة لإنهاء العمل بالوكالة في الدرجات الخاصة واختيار شخصيات كفوءة والتصويت عليها في مجلس النواب".
ويدعو الإزيرجاوي أيضاً الى "استبدال المدراء العامين غيرالكفوئين ممن مضى عليهم فترة طويلة بالمناصب بآخرين يملكون الكفاءة والخبرة والقدرة على تقديم الخدمات وتلبية تطلعات الجماهير".
انهاء المحاصصة لا يقتصر على الوزراء فقط
يقول النائب عن سائرون صباح العكيلي، إن بقاء المناصب تدار بالوكالة او استمرار عمل مدراء عامين بنفس المكان لفترات طويلة هو باب من ابواب تشريع الفساد، مشيرا عبر حديثه لـ السومرية نيوز، الى ان اغلب المناصب التي كانت تدار بالفترات السابقة حصلت وفق مبدأ المحاصصة الحزبية والسياسية.
وبين ان التكنوقراط وانهاء المحاصصة لا ينبغي ان يقتصر على الوزراء فقط بل ينبغي ان ينتقل ويشمل جميع مفاصل المؤسسات الحكومية كافة ومن بينها الدرجات الخاصة والوكلاء والمدراء العامين ورؤساء الهيئات المستقلة.
العكيلي دعا، كذلك، رئيس الوزراء الى تغيير المدراء العامين ورؤساء الهيئات الخاصة والدرجات الخاصة الذين مضى على تسلمهم المنصب اربع سنوات فما فوق خاصة الذين لم يقدموا شيء او خدمة للبلد، وإنهاء العمل بالوكالة في الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة.
وجدد العكيلي التاكيد على ان هذا الامر سيكون من ضمن اولويات عمل مجلس النواب بدورته الحالية تفعيلا لدوره الرقابي بغية اصلاح العملية السياسية وتصويبها بالشكل الصحيح بما يقدم الخدمات للمواطن وينهي مرحلة المحاصصة.انتهى/ و
اضف تعليق