يستعد مئات الناشطين والمتظاهرين من مدينة البصرة، للانطلاق بتظاهرات جديدة، اليوم السبت، بالقرب من مقر مبنى المحافظة، لتجديد المطالبة بتوفير المياه الصالحة للشرب وإقامة محطات تحلية للماء، وتحسين الواقع الخدمي بما يتعلق بزيادة ساعات التيار الكهربائي وإطلاق تعيينات حكومية وفرص عمل في الشركات الأجنبية العاملة بالمدينة.
ويطالب المحتجون أيضاً بالكشف عن وضع المعتقلين منذ أربعة أشهر بسبب مشاركتهم بالاحتجاجات التي اندلعت في يوليو/ تموز الماضي، والمطالبة أيضاً بالإفراج عنهم تنفيذاً لقرار رئيس مجلس الوزراء، عادل عبد المهدي، الذي قضى بالإفراج عن المعتقلين على خلفية التظاهرات.
وللمحتجين في البصرة ذكريات سيئة في التظاهرات، إذ خلفت الاحتجاجات السابقة عشرات القتلى والجرحى، فضلاً عن اعتقالات بالجملة لناشطين ورجال دين ساندوا المتظاهرين، ومن ثم حملة اغتيالات واسعة، كان آخر ضحاياها رجل الدين وسام الغراوي. وكانت منظمات حقوقية، عربية وعالمية، قد أشارت إلى أن القوات العسكرية "استخدمت القوة ضد المحتجين".
وأكد عبد المهدي، الأربعاء الماضي، أن الحكومة بدأت بإجراءات فعلية لتقديم كل الدعم للمحافظة وأهلها، وذكر بيان صدر عن مكتبه، عقب اجتماعه مع أعضاء المجلس المحلي في البصرة والقادة الأمنيين فيها، أنه "ناقش أوضاع البصرة في مجالات الأمن والإعمار وتوفير مياه الشرب والاستثمار والخدمات والزراعة والصناعة والسكن والصحة والطرق وتوفير فرص العمل".
ولم يتطرق البيان إلى مطالب المتظاهرين، وإنما ركز على "أحقية المواطنين في التظاهر السلمي وإفساح المجال أمام التعبير، باعتباره ممارسة ديمقراطية صحيحة، وأن يبقى في الحدود السلمية"، وهو ما اعترض عليه نشطاء وقرروا تجديد الاحتجاجات ابتداءً من اليوم السبت.
وقال نشطاء إن "انتشار قوات الأمن بكثافة وجمعهم للإطارات التالفة تحسباً ليوم التظاهرات يعني أن هناك نية لإفشالها، أو منع تجمع عدد كافٍ من النشطاء والمتظاهرين، وبين عضو تنسيقية تظاهرات حي الحكيمية، وسط البصرة، سامي الواثقفي مقابلة صحفية إنه "لم يتحقق من مطالب المتظاهرين وأهالي البصرة، التي انطلقت في يوليو/ تموز الماضي، أي مطلب، حتى أن المياه غير الصالحة للشرب والمالحة ما زالت على وضعها، والتيار الكهربائي غير مستقر، بالإضافة إلى جيوش العاطلين من العمل الذين لم يحصلوا على تعيين".
وأوضح أنه "لا تغيير في مطالب المتظاهرين، التي سيضاف إليها مطلب إطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين في السجون"، وأضاف أن "المطالب سترفع بلافتات، وأهمها إقالة المدراء العامين في الدوائر الحكومية في البصرة، لأنهم سبب توقف تعيين الخريجين في المحافظة".
وستنطلق التظاهرات اليوم من أمام مبنى محافظة البصرة الجديد، وسنواجه الفساد، وتظاهراتنا مستمرة حتى تحقيق مطالب البصرة"، لافتاً إلى أن "متظاهري مناطق جبيلة والهارثة والقرنة سيرفعون شعاراً جديداً، يدعو إلى الاستغناء عن العمالة العربية، وتحديداً المصرية، في الشركات النفطية العاملة في البصرة، واستبدالهم بعراقيين".
من جانبه، تحدث أحد وجهاء عشائر البصرة، علي البدري، عن التظاهرات، التي جرت في الأشهر السابقة اذ انها "مثلت الرأي الشعبي البصري، بالإضافة إلى التيارات المدنية والمثقفين وبوجود العشائر، ومع ذلك لم تستجب الحكومة لأي مطلب من مطالب المتظاهرين، وانشغلت بالانتخابات البرلمانية، وحتى أن الرئيس الحالي (عبد المهدي) لم يتحدث، منذ تسلمه مهامه، عن التجاوب مع مطالبنا".
وأشار البدري إلى أن "أي تظاهرة يخرج فيها أبناء البصرة ستكون العشائر العربية أول الداعمين لها، وسنساندها عبر تنسيق مشترك مع المتظاهرين، ولجان تفاوض الدولة والحكومة المحلية والمركزية".
من جهته، لفت عضو المجلس المحلي في البصرة، غانم حميد، إلى أنه "سيتم دعم التظاهرات في حال تمسكت بسلميتها".
وقال ان "على المتظاهرين الاحتجاج وفق الشروط الأمنية والتظاهر السلمي وهو أمر مسموح به، وعليهم التمسك بهذا الأمر. أما إذا خرجت الأمور عن الإطار السلمي وأدت إلى فوضى عارمة، فللقوات الأمنية موقف، ونحن لا نريد تكرار السيناريو الدموي السابق". وأضاف "كل المسؤولين في البصرة سيقفون مع المتظاهرين إذا كانت المطالب حقيقية وليست تعجيزية أو غير منطقية، ولا نريد احتجاجات ليلية لأنها سببت الخراب للبصرة".
وفي تصريح صحفي أكد مسؤول في رئاسة مجلس الوزراء العراقي أن "أهالي البصرة باتوا على دراية كاملة بأن القرارات الحكومية التي صدرت في الفترات الماضية ليست سوى وعود، والطبقة السياسية مشغولة بالحصول على مناصب في التشكيلة الوزارية الجديدة، وهي بعيدة كل البعد عن الانشغال بإعادة النازحين وبناء المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش، ولا تفكر بمعالجة أزمة البصرة".
واوضح إن "الحكومة متخوفة من شرارة هذه التظاهرات وامتدادها إلى محافظات أخرى، مثل الناصرية والنجف، ولا سيما أن الأزمة امتدت من الماء والكهرباء إلى السيول". واعتبر أن "الوضع الحكومي الحالي لا يسمح بأي حركة شعبية، لأن السياسيين يصطدمون اليوم بعتبة العجز في موازنة البلاد، بالإضافة إلى انهيار أسعار النفط".
وتابع "في حقيقة الأمر، فإن المواطن لا يمثل رقماً عند السياسي، والعلاقة بينهما تنتهي عند إغلاق صناديق الاقتراع، ولا يعود السياسي إلى المواطن إلا بعد أربع سنوات، وما تصدره الحكومة من قرارات عبارة عن تصريحات وإعلام فارغ".
إلى ذلك، رأى المراقب للشأن العراقي محمد عماد، أن "تحرك الحكومة يكاد يكون غير موجود بشأن حل أزمات البصرة، بسبب ضعف الإجراءات، فحتى هذه اللحظة لم يتم تعيين أي مواطن من البصرة في أي وظيفة، كما أن البصرة ما زالت تعاني من انعدام المياه الصالحة للشرب.
وحتى أن رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، لم يقدم للبصرة وأهلها غير الوعود، وعبد المهدي إلى هذه اللحظة لم يقدم أي شيء". وأوضح عماد، لـ"العربي الجديد"، أن "التظاهرات الجديدة ستكون حاشدة وغاضبة، وربما تحصل فيها أعمال شغب، كما حصل في التظاهرات السابقة، والحكومة تتحمل أي أمر يحصل، فهي وعدت المواطنين بأمور ولم تنفذها".انتهى/ و
اضف تعليق