بعد انقضاء عامين على المعركة التي استعادت فيها القوات العراقية مدينة الموصل من أيدي داعش، لاتزال السلطات لا تملك المعدات الكافية لرفع الركام المنتشر في أنحاء المدينة.
وقد تعرضت مئات من العربات التابعة لمجلس المدينة للتدمير في الاشتباكات التي استخدم التنظيم فيها التفجيرات الانتحارية. ولم يحل محلها سوى عدد قليل.
ويقول نواب وسكان محليون، إن الشركات التي تعاقدت معها الحكومة العراقية بعقود مربحة لسد النقص في الأشغال المطلوبة تتعمد التباطؤ في العمل أو لا يكون لها وجود في بعض الأحيان، وفقا لوكالة "رويترز"
ويواجه كثير من سكان مدينة الموصل صعوبات مالية. فالأسر التي أجبرت على بناء منازلها تضطر للاستدانة وتقترض من الأصدقاء وتعيش على ما يجود به أهل الخير.
ويتكدس آخرون في بيوت أصبحت إيجاراتها باهظة على نحو متزايد، فيما تعاني مشروعات تمول من خلال مساعدات خارجية من التأخير.
وقال النائب العراقي محمد نوري عبد ربه "لا توجد خطة استراتيجية. إنها فوضى".
ويفتح سوء التخطيط الباب أمام سوء إدارة جهود إعادة البناء وما يتردد عن الفساد، الأمر الذي يجعل انتعاش المدينة بطيئا واعتباطيا، وفي هذا الجو يخشى السكان أن تستغل فلول تنظيم داعش مشاعر الاستياء.
وقال عبد الستار الحبو المسؤول عن الإدارة البلدية الذي لا تزال بغداد تسلم بدوره، رغم محاولات المحافظ لعزله، إن الأموال القليلة التي تخصص للموصل يساء إنفاقها.
وقال "في ضوء المبلغ الذي أُنفق حتى الآن على إزالة الركام كان من الممكن أن يتم تطهير المدينة بالكامل الآن". موضحا أنه لا يزال يتبقى أكثر من نصف ما يقدر بنحو سبعة ملايين طن من الركام.
نقص في الأموال
وكان الحبو قد حذر في العام الماضي من أن المال الكافي لإعادة البناء غير متوفر.
وتخصص موازنة الدولة للعام الحالي 560 مليون دولار لإعادة بناء الموصل، وفقا لما قاله اثنان من نواب المدينة.
وقال مستشار يعمل لحساب الأمم المتحدة في المدينة، إن كلفة أعمال إعادة البناء لعام واحد تقدر بمبلغ 1.8 مليار دولار.
وأضاف المستشار "في الغالب المنظمات الدولية هي التي تنجز الأشغال. ومن السخف أن يأتي المال من الخارج في ضوء ثروة العراق النفطية".
وتابع:"السلطات تنفق أكثر مما يجب والعمل يستغرق وقتا طويلا جدا. من المفترض أن يستغرق هدم مبنى كبير بضعة أيام على أقصى تقدير وأن تكون التكلفة بضعة ألوف من الدولارات على الأكثر".
مخاوف من عودة داعش
رفض نوفل حمادي السلطان محافظ نينوى حيث تقع الموصل اتهامات سوء الإدارة والإنفاق بأكثر مما يجب.
وقال:"رفع الركام لا يتم اعتباطا ... لكن توجد بعض الأحياء التي بلغت من الدمار حدا لا يوجد معه لها حل. ويجب ألا يسأل الناس عن سبب البطء (في إعادة الإعمار). بل يجب أن يسألوا لماذا التعجل فيه؟"
ولا يبدو أن أعمال التطهير تتم بانتظام. ويقوم صبية متسخون يفوق عددهم عدد العمال بتحميل أسياخ الصلب وإطارات النوافذ على عربات تجرها الحمير لبيعها في أسواق الخردة.
وتعرض أمام المتاجر عربات اليد لمن يريد من السكان أن يؤدي العمل بنفسه.
وتعيد بعض عائلات الموصل بناء بيوتها بأنفسها. وقد اقترض يونس حسن (67 عاما) 9 آلاف دولار من أصدقاء لإعادة بناء بيته في أعلى نقطة بالمدينة القديمة المطلة على ضفة نهر دجلة الذي ينتشر عليه الركام.
وقال حسن "استلفنا كل شيء. ما من مال من الحكومة ولا قروض بنكية بالتأكيد".
وتحظر السلطات التحويلات المصرفية للموصل، وذلك بسبب مخاوف من تمويل المتطرفين.
مليونا نازح
ولا يزال قرابة مليوني عراقي نازحين عن بيوتهم بسبب الحرب على داعش، وذلك وفقا لمسح أجرته هيئة غير حكومية، ويقول كثيرون إنهم غير مستعدين للعودة إلى بيوتهم بسبب الدمار ونقص الخدمات.
ويخشى السكان أنه كلما طالت فترة الإصلاح في الموصل سهلت مهمة جماعات داعش في العودة للظهور وتجنيد الأفراد. ولا تزال الظروف التي ساعدت التنظيم في السيطرة على الموصل ومدن أخرى عام 2014 قائمة بما في ذلك الفساد وإهمال الحكومة للتجمعات السكنية.
وقال شرطي عند حاجز أمني مؤقت إنه يخاف أكثر ما يخاف على الأطفال الذين يفتشون في الركام"، مضيفا: "سيكون هؤلاء هم الجيل التالي من الدولة الإسلامية.. فهي تزدهر فى الفساد والفوضى".انتهى/س
اضف تعليق