يدور حديث في الأوساط السياسية عن اتفاق سياسي بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لإعادة تسمية الأول رئيسا للحكومة المقبلة بولاية ثانية، وذلك بتنسيق مع قوى وأحزاب سياسية سُنية وكردية.
الاتفاق السياسي يقضي بانسحاب الكاظمي من الانتخابات، مقابل منحه ولاية ثانية، ويدعم هذا التوجه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، وفق وسائل إعلام محلية.
وتعليقا على ذلك، قال النائب محمود الزجراوي عن تحالف "سائرون" المدعوم من الصدر، إن "موضوع تسمية رئيس الوزراء المقبل سابق لأوانه، لأن ذلك يناط بالكتلة التي ستحصل على أكبر عدد من المقاعد".
وأوضح الزجراوي، في حديث صحافي، أنه "إذا كانت الكتلة الصدرية هي الأكبر في البرلمان المقبل، فإنها ستبحث عن رئيس وزراء ذي توجهات وطنية، وبعيد عن الضغوطات الخارجية والداخلية التي تأتي من حالة التوافق السياسي".
وتابع: "إذا كان رئيس الوزراء من التيار الصدري أو من يختاره التيار، فيجب ألا يخضع للضغوطات الخارجية، سواء الشرقية أو الغربية، وبالتالي ستكون قراراته وطنية تصب في الصالح العراقي، وكذلك ألا يأتي عن طريق التوافق السياسي، لأنه سيكون حائلا دون تحقيق مطالب الشعب الوطنية".
ونفى الزجراوي وجود "صفقة" بين التيار الصدري والكاظمي، منوها إلى أن التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء، التي قال فيها إن "الصدر هو سيد المقاومة، وأن التيار الصدري لا يمتلك أي وزارة في الحكومة"، أثارت حفيظة الكثير من القوى، وأطلقت مثل هذه الأقاويل.
وأكد النائب الصدري أن "الصفقة تكون مع من يحقق سلامة القرار العراقي والسيادة العراقية، ولا يأتي بالتوافق، وإنما بأغلبية سياسية، ولا يخضع للضغوطات الخارجية، وبعيد عن الصفقات والتأثيرات. نحن نبحث عن هذه المواصفات، فإذا توفرت في الكاظمي فلكل حادث حديث".
وفسرت شخصيات سياسية عراقية الانسحاب المفاجئ لحزب "المرحلة" التابع للكاظمي من سباق الانتخابات، وكيله المديح للصدر في آخر لقاء تلفزيوني أجراه رئيس الحكومة، والذي وصفه بأنه "سيد المقاومة" في العراق، على أنه تنسيق بين الطرفين، ووعد بولاية ثانية.
من جهته، قال المحلل السياسي، أحمد الشريفي، إن "هناك صفقة، لكن في الصفقات السياسية من الضروري جدا أن تكون خاضعة لقناعات الأطراف الأخرى، وليس أن تخلق اصطفافات قد تؤدي إلى صدام، وهذه المعادلة الخطرة".
وأوضح الشريفي أن "اصطفاف الكاظمي إلى جانب التيار الصدري سيوجد جبهة مواجهة من تكتل نوري المالكي وبقية الفصائل الشيعية، وهذا ينذر باحتدام المواقف، وقد يوصلنا إلى الصدام، وهو أمر متوقع؛ لأن التقاطعات كبيرة".
ولفت إلى أن "إمكانيات الكاظمي محدودة، وهو اختير على هذا الأساس، لكونه لا يستطيع اتخاذ قرار جريء في مواجهة الأحزاب، إذ إن غض النظر عن فساد وسوء إدارة حزب ما، وفتح ملف فساد حزب آخر، لا يمثل الحياد في القرار".
ورأى الشريفي أن "القرار المفترض أن يُدعم وطنيا هو الذي يقف أمام الثابت الوطني، وذلك بأن كل فاسد وسيئ إدارة وإرهابي، يفتح ملفه ضمن الاستحقاقات الوطنية وليست السياسية، فالمراوغة والانحياز إلى جانب على حساب جانب آخر سياسية غير صحيحة".
وأوضح أن "الكاظمي أراد بشكل أو بآخر -وهذا كان واضحا في مؤتمره الصحفي قبل أسبوع- أن يبرر للتيار الصدري، وكأنه يميل وينحاز إليهم، فهذه المغازلة معناها أن الحيادية غير موجودة، لأن هناك فشل بوزارة الصحة (يديرها التيار الصدري) أسوة بوزارات أخرى".
وتابع: "التبرير من الكاظمي لطرف على حساب طرف آخر معناه أن الشخصية غير حيادية، وهذا سيخلق حالة من الصدام والاستهداف"، مشيرا إلى أن العراق بحاجة إلى شخصية وطنية، فالمشكلة أن صانع القرار السياسية يُبتز من الأحزاب".
وبيّن الشريفي أنه "متى ما نجد صانع قرار سياسي يوقف الأحزاب عند حدودها، والعبث بالمال العام والإرهاب وسوء الإدارة، فإن الكل سيكون أمام القانون كأسنان المشط. آنذاك يمكن أن نحقق القناعة في قائد رأي قادر على توحيد العراقيين، لكن في رأيي أن الكاظمي ليس معقل الرهان".
وشدد الخبير العراقي على "ضرورة البحث عن قائد جريء أول ما يواجه هم التيار الصدري، لأن باقي الفصائل ستهتز، لأن التيار الصدري لديه أتباع فاسدون، وأن معظم العشوائيات في بغداد هي للتيار الصدري".
وبخصوص الجديد الذي يمكن أن يقدمه الكاظمي في ولاية ثانية، قال الشريفي إن "الطموحات السياسية بالعراق هو أن كل شخصية سياسية تريد إعادة إنتاج نفسها تشكل لها حزب، ليس الغاية منه المشاركة السياسية، وإنما استثمار الحزب لإبقاء حيوية ودور صانع القرار السياسي، وجميع من سبق الكاظمي مارس ذلك".
وزاد الشريفي قائلا: "لذلك الكاظمي شكل الحزب للحصول على الولاية الثانية، لكن عندما ضمن له التيار الصدري ذلك، ذهب إلى تفكيك الحزب؛ لأن الحاجة انتفت، وبذلك خذل أتباعه، فمن يتخلى عن أتباعه بهذه الطريقة، فما الضامن بألا يتخلى عن المشروع الوطني؟".
وجاء انسحاب "تيار المرحلة" في 27 نيسان/ أبريل 2021، وذلك قبل ثلاثة أيام فقط من انتهاء مهلة تسجيل التحالفات السياسية وأسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية، الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة عن أسباب القرار المفاجئ، ومستقبل الكاظمي السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية.
يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات أطلقها رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، شدد فيها على أن الحكومة التي يقودها حاليا هي "حكومة خدمات، ولا تسعى للتنافس الانتخابي لتحقيق أهداف سياسية"، وأنها "وضعت نصب عينيها خدمة المواطن أولا وأخيرا".
وقال الكاظمي إن "على الوزراء أن يتذكروا أنهم جاءوا لأسباب خدماتية لخدمة أبناء شعبنا وليس لأهداف سياسية، قبل التفكير بالترشح للانتخابات، وعليهم عدم استغلال وزاراتهم للانتخابات. لن أسمح بأن تتحول المواقع الوزارية إلى ماكينات انتخابية، وأرفض رفضا قاطعا أي استغلال لإمكانيات الدولة من المرشحين".
المصدر: "عربي21"
اضف تعليق