سجل قطاع السياحة في محافظة كربلاء المقدسة، التي يقصدها سنويا الملايين، خسائر قاسية للعام الثاني على التوالي، بفعل جائحة كورونا وما نتج عنها من إغلاقات وقيود فرضتها السلطات، وسط انعدام الدعم الحكومي للمتضررين من المستثمرين في القطاع الأهم بالمدينة، والذي يتولى تشغيل عشرات آلاف الأيدي العاملة.
ويقول المتحدث باسم النقابة العامة لخدمات السياحة في كربلاء محمد عبد الزهرة،، إن "الموسم السياحي ما زال في أسوأ حالاته، وسجل الصيف الحالي تراجعا كبيرا أضر بالقطاع على خلاف المتوقع، بسبب منع الوافدين من إيران والبحرين وسلطنة عمان والسعودية ودول أخرى ضمن إجراءات وقيود فرضتها السلطات لمواجهة جائحة كورونا، ما تسبب بتسريح 8 آلاف و468 عاملاً في قطاع السياحة بكربلاء حتى الآن".
وأضاف "أعداد الزوار العرب والأجانب الذين كانوا يدخلون كربلاء قبل جائحة كورونا قدرت بنحو 50 ألف زائر يومياً، وترتفع الأعداد لتبلغ 100 ألف يومياً خلال شهر محرم، لكن الآن لا وجود حتى لخمسة بالمائة من هذا العدد".
وكشف عن إقفال 107 شركات سياحية و84 شركة لنقل المسافرين أبوابها، ما دفع أغلب العاملين فيها للعمل بمهن أخرى.
ووسط ترقب لموسم سياحي أفضل بالتزامن مع محرم، الذي يشهد إحياء عدد من المناسبات الدينية في مدينة كربلاء وجارتها النجف، يتوقع مسؤولون أن غالبية الزوار سيكونون من العراقيين وليسوا من الخارج، إذ إنّه رغم رفع بغداد الكثير من القيود، فإنّ الدول الأخرى ما زالت تفرضها وتصنف العراق ضمن الدول الحمراء لناحية خطورة الأوضاع الصحية المتعلقة بجائحة كورونا.
رئيس رابطة الفنادق والمطاعم السياحية في النجف وكربلاء صائب أبو غنيم أوضح، أن إجراءات مواجهة كورونا أدت إلى وقف عمل 760 فندقا في كربلاء والنجف، بعد أن كانت تلك الفنادق لا تكفي لاستيعاب الوافدين العرب والأجانب ما قبل كورونا، خصوصا في أوقات الذروة".
وأكد أبو غنيم أن موجة الركود السياحي ضربت أيضا المطاعم السياحية في المدينتين، والتي يقدر عددها بـ600 مطعم، اضطر الكثير منها إلى إغلاق أبوابه وتسريح العاملين فيه مؤقتا.
وحول ذلك، قال حميد الهلالي الخبير الاقتصادي والمحامي وعضو مجلس المحافظة السابق والناشط المدني، إن الجائحة الصحية أثرت بشكل كبير على القطاعات الاقتصادية وأكثرها قطاع السياحة الدينية، مبينا أن تأثيرها على الأفراد أكثر من تأثيرها على الدولة، كونها غير مستفيدة كثيراً من السياحة الدينية، لكن المستفيدين هم الأفراد لأن الفنادق والمطاعم والمتاجر تعتمد في بيعها على الوفود السائحة، وبذلك تؤدي إلى توقفها.
وفي هذا الشأن، قال عضو البرلمان العراقي عن محافظة كربلاء حامد الموسوي، إن "قطاع السياحة في كربلاء يتعرض إلى خسائر كبيرة، وللأسف الشديد، الجهات المسؤولة، وهي وزارة الثقافة والسياحة والآثار، لم تقدم شيئاً، بل تحاول الضغط على قطاع السياحة بشكل أكبر من خلال فرض ضرائب ورسوم أكثر". واتهم الموسوي الحكومتين المحلية والاتحادية في بغداد بإهمال قطاع السياحة الدينية.
وأشار الموسوي إلى أنه على الرغم من تفشي فيروس كورونا في عموم العراق، فقد اتخذت حكومة إقليم كردستان عدة إجراءات من شأنها استمرار القطاع السياحي المهم، لكن الحكومة المركزية المتمثلة بوزارة الثقافة والسياحة ابتعدت عن إيجاد حلول ناجعة.
وأكد النائب أنّ "هناك خسائر فادحة تسجل يوميا نتيجة تضرر قطاع السياحة في العراق".
وحمّل مدير فندق "كاردينيا الشام" في كربلاء محمود النصراوي الحكومة المركزية سبب تراجع قطاع السياحة في المحافظة، مبيناً أن كربلاء تضم مئات الفنادق بمختلف التصنيفات، لكن السياحة الدينية في المحافظة تراجعت منذ عامين بسبب الإجراءات الحكومية واجتياح فيروس كورونا البلاد.
وقال النصراوي إن الحكومة لم تراع الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد، وجاءت جائحة كورونا لتكمل مشوار الكارثة السياحية.
ولفت إلى أن "الحكومة تراخت كثيرا بمسألة سكن الوفود السياحية في منازل المواطنين، التي تزاحم الفنادق ولا تخضع للرقابة، في حين تخضع الفنادق للشروط والإجراءات الحكومية، ناهيك عن مستحقات الجباية ورسوم الماء والكهرباء والضمان الاجتماعي وإجازة وزارة الصحة والضرائب".
وتابع أنّ الحكومة ساهمت بشكل أو بآخر في تردي قطاع السياحة من خلال توفير أماكن سكن للأفواج السياحية الإيرانية بالمجان. وكشف النصراوي أنّ خسارته المالية، العام الماضي، بلغت نحو 150 ألف دولار.
اضف تعليق