دأبت قوى سياسية عراقية، وأجندة إقليمية لاسيما الخليجية منها، في الترويج لجوع وحصار يضرب الفلوجة، من جراء حصار القوات الأمنية للإرهابيين في هذه المدينة، فيما تغض النظر عن الإرهاب القتل الذي يتعرضون له السكان من قبل تنظيم داعش.
وتروج وسائل اعلام خليجية لمجاعة في الفلوجة وان الجيش والحشد الشعبي يمارسان حصارا على المدينة، في حين اعلنت قيادة العمليات المشتركة في شباط 2016 عن وجود ثلاث منافذ لخروج المدنيين في الفلوجة.
ويقول المدون والناشط علي الفهداوي في تدوينة على "فيسبوك"، انها "خطوة ممتازة من اعلام الدواعش وهم ينشرون صورا من داخل الفلوجة، والا اذا بقينا على إعلامنا الفاشل لما عرفنا بما يحصل بالفلوجة".
وكتب الاعلامي زاهر موسى في صفحته التفاعلية على "فيسبوك" ان "اتحاد القوى ومجلس محافظة بغداد برئاسة الحزب الإسلامي ومجلس محافظة الأنبار والحشد العشائري والسفير السعودي لا يفعلون شيئا للفلوجة سوى الحديث عن جوعها بأسلوب استفزازي يحمل ضمنا اتهامات للحكومة والجيش والحشد الشعبي بأنهم مسؤولون عن حصار المدينة".
ويتابع " لماذا لا تبادر هذه النخبة السياسية والمجتمعية الى فعل شيء خصوصا وأنهم لم يبادروا الى مساعدة النازحين من قبل، ولم نشهد لهم دور حقيقي وأساسي في عمليات التحرير".
ويلفت "ما مدى صحة الأخبار عن الأزمة الغذائية في الفلوجة؟ وما دقة المعلومات عن الحصار المفروض على المدينة ؟، اذا كان المطلوب من حملة (الفلوجة تقتل جوعا) هو تحقيق تضامن وتوجيه الرأي العام نحو شيء محدد فما هو الشيء المحدد هذا؟ وعلى من يجب ان نضغط؟".
وجعل الإرهابيون من الفلوجة حاضنة إرهابية منذ فترة طويلة وكانت أول مدينة عراقية تسقط في قبضة تنظيم داعش وكان ذلك في كانون الثاني 2014 قبل ستة أشهر من اجتياح التنظيم الإرهابي لأجزاء من شمال وغرب العراق وسوريا.
وتكشف الأحداث يوماً بعد يوم، تفاصيل مأساوية للحياة في الفلوجة، في ظل سيطرة التنظيمات التكفيرية المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش فيما استعادت القوات العراقية السبت، 02 نيسان، 2016 "أجزاء واسعة" من مدينة "هيت"، في محافظة الأنبار، غربي البلاد، من سيطرة تنظيم داعش.
وكانت العمليات المشتركة قد أعلنت في 25 آذار الماضي، انه "لا صحة لما ينشر حول مجاعة تتعرض لها الفلوجة، وأن هناك 3 محاور مفتوحة ومعلنة لاستقبال العوائل التي تود الخروج من المدينة وستكون القوات الأمنية في استقبالهم لتقديم الدعم الإنساني ونقلهم إلى أماكن آمنة".
وفي سياق ذلك هاجمت النائبة عن ائتلاف دولة القانون فردوس العوادي، في 27 أذار، السفير السعودي في العراق ثامر السبهان، معتبرةً اياه بأنه "تجاوز الخطوط الحمر بمحاولة استخدام قضية مدينة الفلوجة لتأجيج النعرات الطائفية" في العراق، فيما دعت الحكومة الى طرد السبهان من البلاد.
وكان السفير السعودي في العراق ثامر السبهان عد، في 26 آذار 2016، في تصريحات صحفية نشرتها وسائل اعلام محلية ما يجري في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار نتيجة طبيعية لما سماه "التشرذم وتهميش الآخر".
وفي نسق من اعلام يهدف الى بث الاشاعات حول "حصار الفلوجة"، أعرب مجلس حكماء المسلمين، الجمعة ، 01 نيسان، 2016، عن قلقه واستنكاره الشديدين، إزاء الأوضاع المأساوية المؤلمة التي تتعرض لها مدينة نتيجة الحصار المفروض عليها منذ فترة، على حد زعم بيانه.
ومجلِس حكماء المسلمين، بمثابة هيئة دوليَّة مستقلَّة (مقرها أبو ظبي) تضم عددًا من علماء المسلمين وتؤثر على اجندته التي تخص العراق، الإرادات الخليجية، ويتأثر بالمزاعم التي يسوقها رجال دين وشيوخ عشائر عراقيين عرفوا بتواطؤهم مع الجماعات المسلحة في العراق.
و بعد أنْ ارتخت قبضة داعش على الناس، بفعل الضربات القوية التي وجّهها لها الجيش العراقي والحشد الشعبي، زالت عنهم المخاوف، وبدأوا يسردون القصص التي تكشف عن حجم المعاناة في ظل أسلوب حياة "طالبانية" فرضه "الإرهاب"، جاعلاً من المدينة، هيكل أشباح، من القرون الوسطى.
ويمثل تحرير مدينة الفلوجة من داعش ضربة قاضية الى الارهاب لما تمثله من مكانة وموقعا هاما لدى داعش، وهي التي عجز الجيش الأمريكي من محاولة تنظيفها من حواضن الإرهاب على مدى السنوات التي تواجد فيها بالعراق.
اضف تعليق