كشف تقرير صحفي أعدته قناة المانية، اليوم الجمعة، عن ترأس ابو بكر البغدادي لتنظيم داعش وهو نزيل في سجن "بوكا" الذي يقع في محافظة البصرة جنوبي العراق.
و ذكر التقرير الذي نشرته "دي دبليو" الالمانية، ان "معتقل بوكا كان في السابق أكبر سجن أمريكي في العراق، وهو يعد مكان تفريخ عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي. واليوم يتمركز الجيش العراقي هناك وتنتشر في أرضه أشجار الزيتون والبرتقال".
واوضح ان "الطريق إلى بوكا رملية ولا يبعد الموقع سوى 94 كيلومترا عن البصرة ثاني أكبر مدن العراق. لكن لا وجود لإشارة مرور تدل على أكبر معتقل سابق في العراق.، أثناء السفر إلى هناك تظهر فجأة في الأفق وسط الصحراء حقول على جانب الطريق، إنها أشجار زيتون وبرتقال. وخلفها برج مراقبة وجدران إسمنتية وحاجز مراقبة. حارس يقول: "نعم هنا سجن بوكا". وفي الوقت الذي شغلت فيه شركة للنقل اللوجيستي من البصرة البنايات المخصصة سابقا لإدارة الجيش الأمريكي، تستخدم وحدة بحرية تابعة للجيش العراقي زنزانات السجن".
واضاف ان "كل شيء ما زال على حاله كما تركه الأمريكان في نهاية 2009. لم يُهدم شيء كما ذُكر سابقا في وسائل الإعلام. وحتى بهو الاستراحة للسجناء ما زال موجودا وتقع خلفه الأكواخ التي كانت تحتضن حتى 200 معتقل. على بعد أمتار قليلة قبل البوابة الرئيسية يوجد جدار رُسم عليه العلم الأمريكي وكُتب تحته بالإنجليزية والعربية: "هدية من الشعب الأمريكي إلى الشعب العراقي".
ونقل التقرير عن شخص كان يعمل داخل بوكا قوله، "عندما كنت اقضي خدمتي ضمن طاقم الصليب الأحمر الدولي طوال أربع سنوات في بوكا، كان يوجد فيه أكثر من 30.000 سجين. بعضهم قضى سنوات هناك وآخرون شهورا أو أسابيع،
واشار الى ان "المدة التي قضاها قائد "داعش" أبو بكر البغدادي في المعتقل فلا يمكن الكشف عنه بجزم، فهناك مصادر تدعي أنه مكث هناك فقط بعض الأشهر فيما يتحدث آخرون عن شهور. وقد يكون القائد الحالي لتنظيم "داعش" قد اعتقل مرات عديدة في بوكا. والمرة الأولى تعود لعام 2004 عندما أسس قدوته الأردني أبو مصعب الزرقاوي شبكة القاعدة الإرهابية في العراق وتم تدويل الإرهاب ضد الإدارة الأمريكية. ومرة أخرى عقب الاعتداء على القبة الذهبية في سامراء عام 2006".
ورجح أن "يكون البغدادي قد خطط لذلك الهجوم انطلاقا من داخل السجن. فهذا الإرهابي البالغ من العمر 45 عاما ينحدر من السمراء".
واضاف، إن "غالبية الاعتقالات تمت بين 2007 و 2008. الصليب الأحمر الدولي يلزم الصمت، والموظفون فيه يعملون متسترين، وتابع مروان الذي رفض ان يكشف اسمه بالكامل بحسب التقرير، "كنت مسؤولا عن زيارات السجناء واعتنى بالعائلات التي كانت تأتي من بعيد لتفقد سجنائها. الصليب الأحمر الدولي تفاوض مع المحتلين البريطانيين والأمريكان طوال سنتين ليحصل على ترخيص لدخول المعتقل في 2005. وكان مروان يسكن في إحدى البنايات التي تشغلها حاليا شركة النقل اللوجيستي".
واوضح ان "غالبية السجناء كانوا ينحدرون من مناطق سنية يسيطر عليها اليوم تنظيم داعش في الرمادي والفلوجة ومحافظات صلاح الدين ونينوى وديالى، لأن الارهاب كان من أصل سني. وكانت هناك منافسة بين نزلائه حول من يقتل أكبر عدد من الناس. وكان المعتقلون جميعهم تقريبا من السنة. ويقبع الجميع أمام الزنزانات من حيث يمكن مشاهدة السفن التي تغادر الميناء النفطي في أم قصر كأعضاء القيادة لتنظيم "داعش" الملتفة حول المنظر حاجي بكر المقتول في عام 2014 في سوريا وأعضاء ومتعاطفين مع إرهاب القاعدة وضباط مخابرات صدام حسين وصهره ووزير داخليته السابق وزعماء للمقاومة الشيعية. داخل معتقل بوكا تم التخطيط ونشر الإيديولوجيات وعقد تحالفات. داخل المعتقل "وجب الفصل بين السنة والشيعة"، كما وصف عضو الصليب الأحمر الدولي مروان التوترات القائمة حتى داخل السجن بين السنة والشيعة. "وإلا عايشنا هنا داخل المعتقل حربا أهلية".
واردف التقرير انه "في شارع فرعي على جنبات شط العرب في البصرة يجلس سعد عبد الله الفضلاوي في مكتبه وهو قابض بمسبحة في يده. خلفه عُلق العلم العراقي والعلم الإيراني. أبو خالد كما يسميه زملاؤه أمضى سنتين داخل سجن بوكا، وهو الآن يبيع أسفارا إلى إيران. وخلال مهنته الثانوية هو يقاتل إلى جانب حزب الله الشيعي ضد "داعش" وأبي بكر البغدادي في الجبهة بسامراء. ويصف هذا الشيعي المعتقل الأمريكي بوكا وسط الصحراء بأنه "مقبرة من الناجين".
ويقول الرجل البالغ من العمر 47 عاما عن اعتقاله من قبل جنود أمريكان وبريطانيين: "لقد جاؤوا في إحدى الليالي بالهليكوبتر وكسروا باب بيتي ووضعوا مسدسا في فمي وربطوا يدي في الحمام وأجبروني على القعود". "لقد استهدفوني واتهموني بأني الرجل الذي يجمع الأموال لحزب الله، وكنت مجبرا على الإفشاء بمعلومات وخيانة زملاء والتوقيع على اعتراف". وقال الفضلاوي، إن الاستنطاق تم في بغداد ومن ثم حُول إلى بوكا حيث كان يقبع البغدادي وفريقه.
وعندما بدأ الأمريكيون في الإعداد لانسحابهم من العراق بدؤوا يخلون ابتداء من سبتمبر 2009 تدريجيا معسكرات الاعتقال، وتم تحويل دفعات من السجناء من بوكا إلى بغداد. وتم تسليم 250 منهم فقط للحكومة العراقية كان بينهم وجهاء في نظام صدام حسين مثل وزير خارجيته طارق عزيز.
وعاد سعد عبد الله الفضلاوي في البداية إلى عائلته في البصرة. وأبو بكر البغدادي أنشأ عاما بعدها ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق وسوريا". هذا التنظيم الإرهابي يبسط اليوم سيطرته على أجزاء من العراق. "داخل بوكا تحولوا إلى ما هم عليه اليوم"، يقول مروان من الصليب الأحمر الدولي.
اضف تعليق