أكد محافظ النجف الأشرف يوسف كناوي، اليوم السبت، أن العلاقة بين الشعب الكردي والمرجعية الدينية العليا تتميز بحالة من الاحترام المتبادل.

جاء ذلك في كلمته خلال مؤتمر حوار أربيل – النجف، الذي يقيمه مركز رووداو للدراسات بالتعاون مع ملتقى النبأ، في محافظة النجف الأشرف، بمشاركة ‏شخصيات دينية وسياسية وأكاديميين وصحفيين وممثلين عن مراكز الأبحاث.

وجاء في نص كلمته:

السيدات والسادة الحضور مع حفظ الألقاب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرحب بكم جميعًا في النجف الأشرف مدينة أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (ع).

حللتم أهلاً ونزلتم سهلا.

ينعقد هذا الملتقى الهام الذي يجمع بين النخب الشيعية والكوردية في لحظة فارقة من تاريخ العراق والمنطقة، حيث نناقش سويا قضايا محورية تؤثر على حاضرنا ومستقبلنا المشترك .

إن هذا الملتقى ليس مجرد لقاء فكري، بل هو فرصة ومنصة مهمة للتواصل والتعاون الرسم ملامح الطريق الذي نريد أن يسلكه بلدنا في ظل التحديات المعقدة التي تواجهنا جميعاً.

ان تاريخ العلاقة بين الكورد والشيعة في العراق مليئة بالدروس والمواقف، فمنذ إسقاط نظام صدام حسين في نيسان العام 2003، سعى الطرفان إلى بناء تحالف استراتيجي لمواجهة التحديات المشتركة، ولكن هذه التحالفات، رغم أهميتها في مواجهة الاستبداد، لم تخل من منافسات وتقاطعات .

ان هذه التحالفات كانت تتسم بالمرونة على طول الخط لكنها في الوقت ذاته تحتاج إلى فهم مشترك للحدود التي يجب ألا تتجاوزها المنافسات السياسية، هذه الديناميكية تمثل درسا مهما في كيفية إدارة العلاقات بين المكونات المتنوعة في بلدنا بشكل يعزز الوحدة ويضمن لنا الاستقرار الدائم.

لا يمكن الحديث عن العلاقات بين الأكراد والشيعة دون الإشارة إلى دور المرجعية الدينية في النجف الأشرف، التي تمثل مرجعية روحية وسياسية هامة في العراق والعالم.

تعود هذه العلاقة الى الفتوى التاريخية التي اصدرها الإمام السيد محسن الحكيم (قدس سره) في العام ١٩٦٥ ، بتحريم قتال أهلنا الكورد آنذاك، والتي عززت التكاتف واللحمة الوطنية بين أبناء البلد الواحد، ورسخت مبدأ حفظ المكونات العراقية لبعضها البعض، وبقي صداها وذكراها شاخصا حتى يومنا هذا.

صولاً إلى مواقف المرجعية الدينية العليا، بقيادة سماحة آية الله العظمى الامام السيستاني (دام الله الوارف، في التوازن بين دعم حقوق الكورد والحفاظ على استقرار العراق كدولة موحدة.

فالعلاقة بين الشعب الكردي والمرجعية الدينية العليا تتميز بحالة من الاحترام المتبادل، ولكنها في الوقت ذاته محكومة بتوقعات متفاوتة، من جهة، يتوقع الكرد دعمًا من المرجعية في تحقيق حقوقهم المشروعة ضمن إطار العراق الموحد، بينما تأمل المرجعية الدينية في التزام الكرد بالحفاظ على وحدة العراق وتماسكه الداخلي.

إن استقرار العلاقة بين بغداد وأربيل يتطلب تجاوز هذه الانقسامات الداخلية وتعزيز القدرة على الحوار والتفاهم .

أما على الصعيد الخارجي، فإن العراق يقع في قلب المتغيرات الإقليمية والدولية، مما يخلق تعقيدات إضافية في تحديد السياسات الوطنية والإقليمية، في ظل التغيرات الجيوسياسية الكبيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

رغم هذه التحديات هناك فرصة حقيقية لتعزيز التعاون بين الأكراد والشيعة، لا سيما في المجالات الاقتصادية والسياسية، بحيث يمكن للطرفين أن يتخذوا مواقف مشتركة تسهم في استقرار العراق وتقويته على الساحة الدولية.

إضافة إلى ذلك، يتعين على العراق أن يلعب دورًا محوريا في بناء تحالفات استراتيجية في المنطقة، مما يستدعي التعاون بين الشيعة والكورد وباقي المكونات على المستويين الداخلي والخارجي، هذا التعاون يمكن أن يكون حجر الزاوية لبناء عراق مستقر، يؤمن مصالح جميع مكوناته ويعزز دوره في المعادلات الإقليمية والدولية.

في الختام علينا أن نتذكر أن التحديات التي نواجهها تتطلب إرادة مشتركة ورؤية استراتيجية من جميع الأطراف لتجاوز الخلافات وتعزيز التعاون.

إن هدفنا المشترك هو بناء عراق قوي ومستقر يلبي تطلعات شعبه ويعزز مكانته في العالم ..

أشكركم جميعًا على حضوركم، وأتمنى لهذا الملتقى أن يكون بداية جديدة وجدية لحوار مثمر وبناء بين النخب الفكرية والثقافية الشيعية والكوردية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 


اضف تعليق