تعمل إيران على اتخاذ خطوات جادة نحو تعزيز بيئة صديقة لكبار السن من خلال توسيع نطاق جهودها في قطاع السياحة.
هذه المبادرة تأتي في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تطوير وسائل النقل، وتعزيز المشاركة الاجتماعية والمدنية، وتحسين فرص التوظيف والإسكان، إضافةً إلى تحسين وسائل الاتصال.
ويرى المسؤولون أن دمج سياحة كبار السن كركيزة أساسية ضمن هذه الاستراتيجية سيعزز من فرص السفر الآمن والمريح لهذه الفئة العمرية.
السياحة كجزء من بيئة صديقة للمسنين
يشير الخبراء إلى أن تطوير المجتمعات الصديقة لكبار السن يتطلب إزالة الحواجز التي قد تواجههم، وضمان استقلاليتهم مع توفير الفرص للمشاركة الفعالة في المجتمع.
وفي هذا السياق، تبرز السياحة كأحد العناصر المحورية، إذ تتيح لكبار السن فرصة استكشاف العالم ضمن بيئة توفر لهم جميع التسهيلات اللازمة لرحلات آمنة ومريحة.
إيران تسعى للاعتراف الدولي بمبادرتها
ويسعى المجلس الوطني لكبار السن في إيران إلى تسجيل سياحة كبار السن كعنصر أساسي في مبادرة منظمة الصحة العالمية للمدن الصديقة لكبار السن.
ووفقًا لرئيسة أمانة المجلس، مجكان رضا زاده، فإن الخصائص الديموغرافية والجغرافية الفريدة لإيران تجعلها مؤهلة تماما لريادة هذه المبادرة.
وفي أكتوبر 2024، تم الإعلان عن دخول الوثيقة الوطنية للبيئات الصديقة لكبار السن حيز التنفيذ، مما يعكس التزام إيران بالاستعداد لمتطلبات الشيخوخة المتزايدة في المجتمع.
تحولات ديموغرافية
شهدت إيران ارتفاعًا ملحوظًا في عدد كبار السن على مدى العقود الماضية، إذ ارتفعت نسبتهم من 5% في عام 1976 إلى حوالي 10.5% في عام 2024، ليصل عدد من هم في سن 60 عامًا فأكثر إلى قرابة 9 ملايين شخص.
ومن المتوقع أن تستمر هذه النسبة في الارتفاع، ما يؤكد الحاجة إلى تحسين البنية التحتية، بما في ذلك خدمات السفر والسياحة التي تلبي احتياجاتهم الخاصة.
من المتوقع أن تلعب السلطات المحلية دورًا أساسيًا في تنفيذ هذه الاستراتيجية، حيث ستقوم كل محافظة بتطوير خطتها الخاصة بناءً على الظروف المحلية، بما يضمن تطبيق نهج شامل يدمج بين الجهات الحكومية والبلديات والمؤسسات المختصة.
كما سيتم تنظيم برامج تدريبية بالتعاون مع خبراء محليين ودوليين لضمان الامتثال للمعايير العالمية.
تم اختيار تسع محافظات لتكون مناطق تجريبية لمشروع سياحة كبار السن، وهي: طهران، جيلان، أصفهان، أذربيجان الشرقية، أذربيجان الغربية، لورستان، همدان، وبوشهر. ويهدف القائمون على المشروع إلى توسيعه ليشمل جميع أنحاء البلاد، مما قد يسهم في تعزيز مكانة إيران كرائدة في هذا المجال، ويجعلها نموذجًا يُحتذى به للدول الأخرى التي تواجه تحولات ديموغرافية مشابهة.
توقعات بنمو أعداد كبار السن في إيران
تشير الدراسات الديموغرافية إلى أن نسبة كبار السن في إيران ستنمو بشكل غير مسبوق خلال العقود القادمة، حيث من المتوقع أن تصل نسبتهم إلى 32% من إجمالي السكان بحلول عام 2050.
وتشير الإحصائيات الحالية إلى أن نسبة النساء المسنات تفوق نسبة الرجال، حيث تبلغ 52.3% مقابل 47.7%.
انعكاسات سياحة كبار السن على الاقتصاد وقطاع السفر
ويتوقع الخبراء أن تساهم سياحة كبار السن في دعم الاقتصاد الإيراني، كما سيكون لها تأثير واسع على صناعة السفر العالمية.
فمع تزايد أعداد المسنين حول العالم، هناك توجه متزايد نحو توفير خدمات سياحية تناسب جميع الفئات العمرية، مما يستدعي تحسين البنية التحتية لقطاع الضيافة والسفر.
التأثيرات المتوقعة على قطاع السفر والضيافة
زيادة الطلب على أماكن إقامة ملائمة لكبار السن: ستحتاج الفنادق والمنتجعات إلى توفير مرافق تضمن راحة هذه الفئة، مثل سهولة التنقل داخل المنشآت.
توسيع نطاق السياحة الصحية والعلاجية: من المتوقع أن يزداد الطلب على السياحة العلاجية ومنتجعات العافية التي تستهدف المسنين.
نمو قطاع السفر البطيء والميسر: شركات الطيران ومشغلو الرحلات سيحتاجون إلى تكييف خدماتهم لتناسب احتياجات كبار السن، مثل توفير مقاعد مريحة وخدمات دعم إضافية.
فرص اقتصادية جديدة: مع توسع سياحة كبار السن، سيكون هناك مجال للشركات للاستثمار في خدمات وتجارب سياحية مصممة خصيصًا لهذه الفئة.
إمكانية تأثير التجربة والمستقبل المتوقع
ومن المتوقع أن تلهم مبادرة إيران دولًا أخرى لتطوير استراتيجيات مماثلة، خصوصًا في ظل زيادة أعداد كبار السن في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا.
وإذا نجحت إيران في تنفيذ هذه المبادرة، فقد تقدم نموذجًا مهمًا في تطوير السياسات السياحية والبنى التحتية الملائمة لهذه الفئة العمرية.
ومع استمرار إيران في مساعيها للاعتراف بسياحة كبار السن ضمن مبادرات منظمة الصحة العالمية، يترقب خبراء القطاع كيفية تنفيذ الخطة.
وعلى الرغم من امتلاك إيران إرثًا ثقافيًا غنيًا وطبيعة جغرافية متنوعة تجذب السياح، فإن تكييف هذه المزايا لتناسب احتياجات كبار السن سيتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والخدمات الصحية.
ووفقًا للتوقعات، فإن عدد كبار السن في إيران سيتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2050، مما يعزز الحاجة إلى تطوير قطاع سياحة متخصص.
وإذا نجحت إيران في تنفيذ هذه المبادرة، فإنها قد تعيد تعريف تجربة السفر لملايين المسافرين من كبار السن، ليس فقط داخل البلاد، ولكن على مستوى العالم.
اضف تعليق