تحت العنوان أعلاه، كتب إيغور سوبوتين، في "نيزافيسيمايا غازيتا"، حول تهديد الولايات المتحدة مستوردي النفط الإيراني بعقوبات، وإمكانية أن تتفق موسكو مع طهران على "النفط مقابل السلع".
وجاء في المقال: تطلب الولايات المتحدة من جميع الدول التوقف عن استيراد النفط الإيراني حتى نوفمبر 2018. خلاف ذلك، سوف يواجه المخالفون عقوبات.
يبرر الجانب الأمريكي الحاجة لمثل هذه الإجراءات بسلوك طهران في المنطقة، والانتهاك المزعوم "للاتفاق النووي" ، الذي انسحبت منه واشنطن في مايو.
"هذا غير واقعي" ، قال فلاديمير ساجين، الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، لـ"نيزافيسيمايا غازيتا"، وأضاف: "إيصال مشتريات النفط الإيراني إلى الصفر فشل، حتى في ظروف نظام العقوبات السابق (الذي كان موجودًا قبل توقيع "الاتفاقية النووية")، اتفقت الدول المستوردة للنفط الإيراني مع الجانب الأمريكي على أنها ستقلص المشتريات، ولا توقفها تمامًا".
وفي الوقت نفسه، أكد ساجين أن الإجراءات التقييدية الأحادية من جانب الولايات المتحدة، ذات الطابع العابر للحدود، ستضخم سعر النفط، فـ "يمكن أن تزيد المملكة العربية السعودية إنتاجها من النفط.. يمكن للجانب السعودي زيادة إنتاج النفط أكثر من روسيا، ما زالت موسكو تعاني من بعض القيود المتعلقة بالمشاكل التكنولوجية"، كما قال ضيف الصحيفة.
يعتقد ساجين أن قلة من البلدان المستوردة ستوافق على الامتثال لمطالب واشنطن. فـ"من سيلبي هذه المتطلبات؟ تشتري الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا كميات كبيرة من النفط من إيران (648 ألفاً و 502 ألفاً و 314 ألفاً و 165 ألف برميل يومياً، على التوالي) في المرة السابقة، عندما كان هناك نظام عقوبات صارم في 2012-2015، الدول الرئيسية التي تشتري النفط من إيران، خفضت بالفعل مشترياتها، لكنها لم توقفها على الإطلاق".
ومع ذلك، إذا ما عُزلت الجمهورية الإسلامية حقاً عن المشترين الدوليين، فإن روسيا يمكن أن تساعدها. فوفقا لساجين "منذ فترة، تحدث كثيرون عن النفط مقابل السلع.. أي أن تزود إيران روسيا بنفطها، ونحن نورد مختلف السلع إلى إيران بما يعادل ثمن النفط. ربما يكون الحل هو التوقيع على هذه الاتفاقية. عندها ستبيع روسيا النفط الإيراني على أنه نفطها".
من جهتها تعيش إيران تحت ضغط فقدان حصتها النفطية في السوق العالمية، ولم تعد أمامها أدوات من الممكن أن تحافظ بها على صادراتها سوى توعد الدول التي من المتوقع أن تعوض النقص المحتمل في العرض.
وانعكست سياسة نفطية اتبعتها إيران خلال تسعينات القرن الماضي لتعويض فراغ المعروض الذي نتج في ذلك الوقت عن توقف صادرات العراق، الذي كان يخضع لحصار قاس من قبل القوى الكبرى تحت حكم صدام حسين.
وخفف بيان نشرته وسائل إعلام سعودية من لهجة فاجأ بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب سوق النفط على تويتر، عندما قال إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وافق على أن ترفع السعودية إنتاجها بمعدل مليوني برميل إضافية في اليوم، وهو ما يعني وصول إنتاج السعودية إلى الطاقة القصوى.
وتقول أمريتا سن، كبيرة المحللين النفطيين في إنرجي آسبكتس، إن هذه المسألة ستدخلنا في "أرض مجهولة. فرغم أن السعودية تمتلك القدرة من الناحية النظرية، فإنتاج هذه الكميات يستغرق وقتا ويتطلب مالا ربما يصل الأمر إلى عام".
وتقلص هذه الترتيبات الجديدة كثيرا من خيارات إيران لمقاومة العقوبات الأميركية، خصوصا بعد تعهد الإدارة الأميركية بتتبع شبكة مهربي النفط الإيراني، خصوصا عبر التحويلات المالية وتتبع مسارات السفن والتهديد بفرض عقوبات على المستوردين.
ورغم ذلك لم يعد أمام النظام الإيراني سوى تنشيط شبكات التهريب مرة أخرى. وقال إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني خلال مناسبة اقتصادية في طهران بثها التلفزيون الرسمي مباشرة، "النفط الخام الإيراني سيُعرض في البورصة والقطاع الخاص يستطيع تصديره بطريقة شفافة".
وأضاف “نريد إجهاض الجهود الأميركية.. لوقف صادرات النفط الإيرانية”.
وهدد جهانغيري بأن "أي دولة تحاول انتزاع حصة بسوق النفط من إيران إنما ترتكب خيانة وستدفع ثمنها يوما ما".
وتحاول إيران استغلال قلة المعروض وزيادة الطلب، خصوصا بعد سنوات من تقليص العرض من قبل الدول الأعضاء في منظمة أوبك، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الخام ليصل، الجمعة الماضي، إلى 79 دولارا للبرميل.
ويقول جوفاني ستاونوفو، محلل السلع الأولية في يو.بي.أس، "يبدو أن بيان وكالة الأنباء السعودية يشير إلى أن المملكة مستعدة لزيادة الإنتاج لكنها تريد أولا أن ترى تحقق نتائج".
وأضاف “من المرجح أن تصبح الأسعار أكثر تقلبا على مدى الأشهر المقبلة وتنحصر بين أمرين: المخاوف من زيادة المعروض عن الطلب وتناقص الطاقة الفائضة ومخاوف السوق من قلة العرض”.
وقال الزعيم الإيراني علي خامئني السبت الماضي، إن "الضغوط الاقتصادية الأمريكية على إيران تهدف إلى تأليب الإيرانيين على حكومتهم".
وأضاف خامئني على موقعه الإلكتروني، أن واشنطن "تمارس ضغوطا اقتصادية لإحداث فرقة بين الأمة والنظام"، لافتا إلى أن "ستة رؤساء أمريكيين قبل الرئيس الحالي دونالد ترامب سعوا إلى تحقيق ذلك لكنهم يئسوا"، بحسب تعبيره.
في وقت سابق، نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن مصدر حكومي في نيودلهي أن الحكومة الهندية طلبت بالفعل من المصافي النفطية التحرك نحو نفط بديل للنفط الإيراني؛ لكنها لم تطلب منهم حتى الآن أن يوقفوا الصادرات بالكامل، وخاصة أن هذا أمر ليس عملياً.
وقال وزير النفط الهندي دراميندرا برادان، للصحافيين في مومباي، إن بلده ستراعي مصالحها حين تتخذ قراراً بشأن واردات النفط. وأضاف: "نحن نعلم أنه من أجل الحصول على مزيج طاقة صحي، يمكننا جلب النفط من أي مكان والبقية تعتمد على العوامل الجيوسياسية.. وستُتخذ هذه القرارات بناءً على الأوضاع، وتابع: "سنتحرك وفقاً لمصالحنا، وسنبلغكم عندما نقرر أي شيء بخصوص إيران".
ايران امام المزيد من التحديات الكبيرة على الصعيد الدولي بإيفاء الدول الحليفة تجاهها لالتزاماتها ازاء العقوبات التي فرضتها الادارة الامريكية عليها وعلى كيفية الحفاظ على العلاقة مع الشراة للنفط الايراني، بينما تواجه في الداخل ازمة حادة مع هبوط في قيمة العملة الايرانية مقابل الدولار والاحتجاجات التي شهدتها ايران مؤخرا، كل ذلك يفضي الى ضرورة اتباع اسلوب متوازن مع الجميع للخروج من عنق الزجاجة. انتهى/ ع
اضف تعليق