مقولة "سوريا أم الفقير" التي كان السوريون يتفاخرون بها، ولى زمنها مع اندلاع الازنةفي البلاد، وخسارة الليرة السورية أكثر من 80 في المائة من قيمتها (الدولار الواحد يعادل 440 ليرة)، وجمود معدل الرواتب والأجور عند حد انعدام القدرة الشرائية في ظل ارتفاع جنوني في الأسعار، قذف بأكثر من 80 في المائة من السوريين إلى ما دون خط الفقر بعدة درجات. بحسب صحيفة الشرق الاوسط السعودية.
اليوم ومع استعادة الدولة معظم الأراضي السورية، بدأ السوريون يسألون متى تعود الليرة إلى سابق عهدها؟ متى ننزع الصِفر المضاف إلى مستلزماتنا اليومية الملحة، والصِفر بحسب ريما (صيدلانية 40 عاماً) "حذف صفر من اليمين لمعرفة القيمة الحقيقية لأي سلعة، فإذا كانت النتيجة مقاربة لسعرها قبل عام 2011 يكون السعر معقولاً". وتعطي نموذج "المظروف الواحد لحبوب المسكن الوطني، كان بعشر ليرات عام 2011، يباع بمائة ليرة الآن"، أي السعر نفسه باعتبار أن الليرة تراجعت عشرة أضعاف.
فكرة القياس تلك تشير إلى أن السوريين ما زالوا يأملون بعودة عقارب ساعة الليرة إلى الخلف، وهو ما التقطه تجار شطار في الشام وغزلوا عليه دعاية تجارية كانت ناجحة جداً لجهة تحقيق هدفها بالوصول إلى أكبر عدد من الزبائن، لكنها فشلت إنسانياً، إذ كشفت عن استغلال للفقراء في الدعاية والإعلان، فلم تعد سوريا الأم الرؤوم للفقير، بل "باتت أماً لا تتورع عن التنكيل بمآسي أبنائها"، حسب تعبير أيمن (شاعر 28 عاماً) لدى تعليقه على قيام مطعم بدمشق بتقديم عرض لزبائنه مؤخراً، بالعودة إلى أسعار أغسطس (آب) 2008 لمدة 80 دقيقة، مع دعوة تحفيزية تقول: "لحقوا حالكن".
المفاجأة غير المتوقعة كانت في تدافع الزبائن إلى المحل، وإغلاق الشوارع المحيطة، ما اضطر أصحاب المحل إلى الإغلاق ووقف العرض، يرافقهم سيل من الشتائم الغاضبة التي انصبت على أصحاب الفكرة. يقول أيمن إن "التلاعب بحاجات الفقراء فكرة مذلة وغير مقبولة".
ويضيف: "أنا من عائلة تحسب ضمن الطبقة الوسطى، ومنذ أكثر من ثلاثة أعوام لم يدخل اللحم الأحمر بيتنا، هناك فقراء لا يعرفون طعم اللحوم من سنوات فكيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بإهانة الناس في حاجاتهم، يدعونهم إلى العرض ثم يقولون: أغلقنا المحل بسبب استجابتكم للعرض!".
اختلاف المواقف حول هذا الموقف، لم يغير في عمق البؤس الذي كشف عنه تدافع الناس على الطعام، في أحد أرقى أحياء دمشق. من جانب آخر هناك من أعجبته الفكرة من التجار الشطار، وقرر تكرار التجربة، لكن هذه المرة في مدينة حماة، مع عرض مغر بالعودة إلى أسعار عام 2011، أي بزيادة طفيفة على أسعار 2008، وتكرر مشهد التدافع وإغلاق الشوارع المحيطة بسبب الازدحام، ومن ثم إعلان صاحب المحل انتهاء العرض الذي اقتصر على من يحمل بطاقة دعوة. انتهى/خ.
اضف تعليق