تصادف اليوم الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاق أوسلو الذي أدّى إلى قيام السلطة الفلسطينية بعد اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل. وبعد مرور ربع قرن على مصافحة تاريخية بين زعيم المنظمة ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين في البيت الأبيض يتوسطهما الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون، يقف الاتفاق أمام مفترق طرق في ظل نيّة السلطة تعليق الاعتراف بإسرائيل إثر إخلال الأخيرة ببنوده، فيما تطالبها فصائل فلسطينية بالتحرر من قيوده.
وكشف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في مؤتمر صحافي عُقد في مقر المنظمة في رام الله أول من أمس، أن الرئيس محمود عباس سيعقد اجتماعاً للمجلس المركزي بعد عودته من نيويورك أواخر الشهر الجاري (حيث سيلقي خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة)، ويبدأ تنفيذ قرارات سابقة للمجلس في شكل كامل، ومنها: تحديد العلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية مع إسرائيل، وبما يشمل كل ما اتخذ من قرارات، وعلى جدول الأعمال إمكان تعليق العلاقة مع إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين.
وطالبت "حماس" السلطة بإلغاء الاتفاق لاعتبارها أنه "فشل في حماية ثوابت الشعب الفلسطيني، وأجّل قضايا القدس واللاجئين والحدود والمياه، وعجز عن وقف الاستيطان"، ودعتها إلى وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل في الضفة الغربية "فوراً".
وقال رئيس كتلة "حماس" البرلمانية في المجلس التشريعي محمود الزهار خلال جلسة للكتلة في ذكرى انسحاب إسرائيل من غزة أمس، أن اتفاق أوسلو "كان بمثابة صك للاحتلال للتنازل عن الحقوق والثوابت، وعمل على تمزيق الوحدة الجغرافية للأراضي الفلسطينية، وشجّع الاحتلال على مزيد من الاستيطان في القدس والضفة الغربية".
ودعا الزهار الفصائل إلى اتخاذ موقف موحّد لرفض استمرار العمل بالاتفاق، وإلى تشكيل فريق من سياسيين واقتصاديين لتقييم تبعاته وصياغة بدائل عنه.
وشدد على رفضه استمرار اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، مطالباً بـ "ضرورة اعتراف فريق أوسلو بفشل الاتفاق والاعتذار للشعب الفلسطيني وإلغاء اتفاقية باريس الكارثية".
وطالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عضو المكتب السياسي لـ "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" تيسير خالد بـ "التحرر من قيود الاتفاقات السياسية والأمنية والإدارية والقانونية والاقتصادية، بما في ذلك وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، ووقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادية، وفك ارتباط سجل السكان وسجل الأراضي وتحريرهما من سيطرة الجانب الإسرائيلي".
واعتبر خالد أن "الإدارة الأميركية من خلال قراراتها ومواقفها العدائية الأخيرة المنحازة في شكل فاضح لإسرائيل... تمنح الفلسطينيين فرصة استثنائية للتحرر من قيود أوسلو المذلّة والمهينة، وفرصة للتحرر من التفاهمات معها". ورأى أن ذلك يبدأ بالانضمام إلى وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها كافة، التي تضع الإدارة الأميركية "فيتو" على انضمام فلسطين إليها، مروراً بقطع العلاقات مع الإدارة الأميركية بعد قرارها إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، بما فيها الاتصالات مع وكالة الاستخبارات المركزية، وانتهاءً باستمرار الضغط على المحكمة الجنائية الدولية ودفعها لفتح تحقيق قضائي فوري بجرائم الاحتلال والاستيطان وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة الدولية".
وشدد خالد على "أهمية تطبيق قرارات الإجماع الوطني والمجلس الوطني والمركزي للمنظمة بإعادة بناء العلاقة مع إسرائيل... والتقدم بخطوات جريئة نحو فك الارتباط بها، وبدء التحضير للدخول في عصيان وطني شامل يدفع الإدارة الأميركية إلى مراجعة حساباتها، والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إعادة الاعتبار والاحترام لقواعد وأحكام القانون الدولي والشرعية الدولية".
وكان مسؤولون فلسطينيون قالوا قبل يومين إن السلطة تعتزم الانضمام إلى المنظمات الدولية التي عارضت الولايات المتحدة انضمامها إليها في السابق، مثل منظمة الملكية الفكرية ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الطاقة النووية، في سياق ردها على الإجراءات الأميركية ضدّها، وآخرها إغلاق مكتبها في واشنطن الذي أتى "عقاباً" لها على تقديمها شكاوى ضد إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية. انتهى/خ.
اضف تعليق