نفت السعودية ادعاءات اختطافها الصحفي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بإسطنبول، لكن استمرار اختفاء خاشقجي أثار العديد من التساؤلات حول تورط الرياض، لا سيما أن حوادث الاختطاف من هذا النوع ليست بجديدة على السعودية، نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرًا يعرض أبرز حالات الاختطاف التي يشتبه تورط السلطات السعودية فيها خلال الأربعين عامًا الماضية.
يستهل التقرير بتوضيح أن المملكة العربية السعودية اتُهمت عدة مرات باختطاف المعارضين من بلدان شتى، وإرسالهم إلى أرض المملكة، فيما تكرر إنكارها لمثل تلك الاتهامات، وأضاف التقرير أن "جمال خاشقجي" توجه إلى القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول يوم الثلاثاء الماضي لاستلام وثيقة، وكان قد سلم خطيبته هاتفه النقال، مخبرًا إياها أن تطلب المساعدة حال لم يخرج من السفارة.
وبعد مرور عدة ساعات، لم يظهر "خاشقجي" الصحفي السعودي الجريئ في أي مكان، ما أثار مخاوف احتمال اختطافه، وربما تسليمه إلى السلطات السعودية. أوضح التقرير أيضًا أنه منذ ذلك الحين، أطلقت الشرطة التركية تحقيقًا، وزعمت أن "خاشقجي" قد اغتيل داخل قنصلية بلاده، وهو اتهام سخرت المملكة العربية السعودية منه.
وعلى الرغم من إنكارها الاتهامات السابقة، لا شك أن المملكة الغنية بالنفط يحكمها نظام ملكي مطلق، ولديها سجل حافل من عدم التهاون مع المنشقين، أو السماح بالمعارضة من مواطنيها، سواء في الداخل أو الخارج.
علاوة على ذلك، ذكر التقرير أن أحد الحسابات على موقع تويتر بعنوان "سجناء الرأي" (Prisoners of Conscience) أشار إلى أن المملكة العربية السعودية احتجزت أكثر من مائة من الأكاديميين، والناشطين، وعلماء الدين السعوديين في العام الماضي فحسب.
فيما يلي تفاصيل حول بعض المواطنين السعوديين، بما في ذلك المعارضين وحتى الأمراء، المشتبه في اختطافهم أو اغتيالهم على يد السلطات السعودية في الخارج على مدار عدة سنوات، مع تأكيد "ميدل إيست آي" على أن الرياض نفت جميع تلك الاتهامات.
ناصر السعيد
أول شخصية يتعرض لها تقرير "ميدل إيست آي" هو "ناصر السعيد"، ويعد مؤسس اتحاد الجزيرة العربية (APPU)، وأول شخصية معارضة للعائلة الملكية في المملكة العربية السعودية، بدأ عمله في المعارضة في الخمسينات من القرن الماضي من خلال إدارة برنامج إذاعي على الراديو للمعارضة.
ثم انتقل إلى اليمن ليؤسس مكتبًا للاتحاد، قبل توجهه إلى بيروت حيث اختفى، وكان ذلك في عام 1979، أي نفس العام الذي أشاد فيه بأحد المجموعات الهامشية التي قامت بالاستيلاء على المسجد الكبير في مكة، ما يزال مكان "سعيد" حتى يومنا هذا مجهولًا، في حين يشتبه الكثيرون في أن السعودية وراء اختفائه.
الأمير سلطان بن تركي
يذكر التقرير أنه في عام 2003، اختطف الأمير "سلطان بن تركي" من مدينة جنيف، وذلك بعد أن دعا علانية إلى إجراء إصلاحات في المملكة العربية السعودية، وتدعي شهادة المحكمة أن الأمير قد استدرج إلى اجتماع خارج جنيف، ثم خُدر بعد محاولات مقاومته، ووضع على متن طائرة متجهة للمملكة العربية السعودية.
وقد أبلغ فريقه المحكمة السويسرية أن الأمير أعيد إلى المملكة العربية السعودية رغمًا عنه، وخلال إجراءات المحكمة التي أُجريت في 2016، قال مدير الاتصالات التابع للأمير تركي إن السفير السعودي في سويسرا كان قد ذهب إلى غرفة الأمير في الفندق الذي كان يقيم فيه، وأمر الجميع بالمغادرة.
نفت الرياض كل تلك الادعاءات وصرحت بأن الأمير تركي قد استدعي للمملكة العربية السعودية لحل نزاع حول تصريحاته مؤخرًا، وبعكس الأمراء الآخرين الذين اعتقلتهم المملكة السعودية، لم يكن الأمير تركي أميرًا ثانويًا أو ليس بذي نفوذ، يضيف التقرير أنه احتجز اولًا في أحد السجون، ثم وضع قيد الإقامة الجبرية وأطلق سراحه في وقت لاحق.
وأضاف التقرير أنه تمكن بعد ذلك من الفرار إلى جنيف مرة أخرى، حيث رفع دعوى مدنية في عام 2016 ضد الحكومة السعودية بسبب اختطافه.
الأمير تركي بن بندر آل سعود
يشير التقرير إلى أن ثمة اشتباه في اختطاف الأمير "تركي بن بندر آل سعود" القائد السابق لقوات الشرطة السعودية، اختطف وتم تسليمه للسلطات السعودية، جدير بالذكر أنه غادر المملكة العربية السعودية بداية على خلفية نزاع عائلي حول ادعاء يتعلق بالميراث، وهو ما انتهى به حبيسًا في سجون المملكة.
انتقل "بندر" عقب ذلك إلى باريس، حيث بدأ عام 2012 بنشر مقاطع فيديو تدعو إلى الإصلاح، واستمرت حتى عام 2015، وما يزال موقعه مجهولاً حتى اليوم، إلا أن أحد الصحف المغربية أوردت أن الأمير المعارض بدلًا من العودة إلى باريس، احتجزته السلطات المغربية ورحلته إلى الرياض بناء على طلب من السعودية.
سعود بن سيف النصر
يذكر التقرير أن "سعود" كان لديه سجلًا حافلًا من الانتقادات الموجهة للمملكة العربية السعودية، ونظرًا لكونه عضوًا صغيرًا نوعًا ما في الأسرة الحاكمة، عادة ما وجه انتقاداته للعائلة الحاكمة السعودية من خلال موقع تويتر، فعلى سبيل المثال، في عام 2014 طالب "سعود" بمحاكمة أفراد العائلة الحاكمة السعودية الذين دعموا الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق "محمد مرسي".
إلا أن قراره في عام 2015 بتأييد رسالتين علنيتين دعتا إلى انقلاب ضد الملك سلمان، على الأغلب كلفه حريته، ويضيف التقرير أن أحد الأمراء المعارضين صرح لشبكة بي بي سي الإخبارية البريطانية بأن الأمير ربما غرر به ليصعد على متن طائرة متجهة إلى المملكة العربية السعودية دون علمه، وما يزال مكانه مجهولًا حتى اليوم.
لجين الهذلول
يتعرض التقرير أيضًا إلى إحدى الناشطات في مجال حقوق المرأة، إذ اشتهرت "لجين الهذلول" بدورها البارز في الحملة المطالبة بقيادة المرأة السعودية للسيارة، ولديها سجل حافل بتنظيم حملات لحقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، يذكر التقرير أن السلطات السعودية كانت قد ألقت القبض على "لجين" الناشطة السعودية البالغة من العمر 29 ربيعًا عدة مرات، وأطلقت سراحها.
ووفقًا لما أوردته صحيفة "واشنطن بوست" فإن قوات الأمن الإماراتية ألقت القبض عليها في إمارة أبوظبي حيث كانت تدرس، ورحلتها الإمارات العربية المتحدة إلى السعودية في عام 2014، وفي أعقاب ذلك، منعت من مغادرة البلاد، ومن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن السلطات السعودية ألقت القبض عليها مجددًا في مايو (آيار) 2018، وسجنت بتهمة محاولة زعزعة استقرار المملكة. انتهى/خ.
المصدر: ساسة بوست
اضف تعليق