نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدثت من خلاله عن الاختلاف بين الحقيقة والخيال فيما يتعلق بممارسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث يبدو أن تصريحاته المنمقة تختلف كثيرا عن أفعاله الموسومة بالقمع والترهيب.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن وسائل الإعلام السعودية وبعض المنابر الصحفية الأمريكية كانت تتغنى بإنجازات ولي العهد محمد بن سلمان، منذ بضعة أشهر فقط، وخلال زيارته إلى كل من العاصمة واشنطن ونيويورك ووادي السيليكون، سعى ابن سلمان إلى إظهار الجانب المشرق من شخصيته والنوايا الحسنة لجولته العالمية.
وأضافت الصحيفة أن "وسائل الإعلام الأمريكية لم تتوان عن الإشادة بمحمد بن سلمان وكتابة أطوار رواية قائمة على صورة الحاكم المعتدل التي يحاول الأمير الشاب الظهور بها، وبادرت بعض الصحف بتوثيق مقابلات بن سلمان مع عدة شخصيات بارزة على غرار مايكل بلومبيرغ وروبرت مردوخ وسيرجي برين، للتأكيد على كونه الأمير العصري الذي كان الغرب بانتظاره".
في المقابل، كان لا بد لهذه الرواية أن تواجه طريقا مسدودا عند أحد فصولها، حيث شاءت الأقدار أن يكون ذلك على يد كاتب سعودي يدعى جمال خاشقجي، والذي اختفى في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، حينما دخل قنصلية بلاده في إسطنبول، ولم يتمكن من الخروج حتى الآن.
وأشارت الصحيفة إلى أن "العديد من التقارير التركية تشير إلى مقتل خاشقجي على يد النظام السعودي، ويندرج اغتيال الكاتب السعودي في إطار حملة اعتقالات وتصفية يقودها محمد بن سلمان ضد معارضيه، من جانبها، لطالما أعرضت واشنطن عن التنديد بالتجاوزات التي يقترفها حليفها السعودي، حتى يتسنى لها تحقيق مكاسب اقتصادية هامة نظير شراكتها مع المملكة".
وأفادت الصحيفة أن "استراتيجية ابن سلمان لتلميع صورته كانت تقوم على استقطاب كبار الشخصيات والمشاهير في الولايات المتحدة الأمريكية، على غرار المصارع والممثل، دواين جونسون، والنجم، مورغان فريمان، ويبدو أن احتفاء رجال الأعمال الأمريكيين بالأمير السعودي لم يأت من فراغ، حيث سعى آري إيمانويل إلى إقامة حفل على شرف بن سلمان بعد إقناعه السعوديين باستثمار 400 مليون دولار في شركته التي تدعى "إنديفور".
لكن، لم يقع التطرق خلال هذه الحفلات والاستقبالات إلى وفيات المدنيين في اليمن بسبب الضربات الجوية التي تشنها السعودية، كما تجنب الأمريكيون التطرق إلى سياسة ابن سلمان القمعية، التي تعتمد أساليب الترهيب والاحتجاز، ضد المعارضين والصحفيين وكل من تسول له نفسه انتقاد الحكومة السعودية، على غرار الصحفي، صالح الشيحي.
وأوردت الصحيفة أن المملكة العربية السعودية تستعد لاحتضان مؤتمر استثماري كبير تحت عنوان "دافوس في الصحراء"، الذي من المتوقع أن يستقطب كبار الشركات ورجال الأعمال حول العالم، وعقب تداول الإعلام لقضية جمال خاشقجي، انسحبت العديد من المؤسسات الإعلامية وأعلنت عن امتناعها عن تغطية الحدث، على غرار صحيفة "نيويورك تايمز" وشبكة "سي إن إن" للبث التلفزيوني.
نتيجة لذلك، تحول محمد بن سلمان من الأمير القائد للتغيير إلى دكتاتور متخصص في التصفية الجسدية، حيث أفادت عدة تقارير أن خاشقجي تم قتله وتقطيع أوصاله بواسطة منشار للعظام، ولا تقتصر تجاوزات ابن سلمان على قضية خاشقجي فحسب، حيث أعلنت لجنة حماية الصحفيين خلال كانون الثاني/ يناير الماضي عن احتجاز ثمانية صحفيين سعوديين في إطار حملة الاعتقالات واسعة النطاق في السعودية.
وبينت الصحيفة أن هناك العديد من المؤسسات الإعلامية التي لم ترضخ لإغراءات المملكة العربية السعودية، فخلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، نشرت صحيفة "نيويوركر" مقالا يندد بالقمع الذي تمارسه السعودية على الصحافة المستقلة في البلاد والجماعات المؤيدة للإصلاح، وحيال هذا الشأن، تضمن مقال الصحيفة الأمريكية اقتباسا لقول ورد على لسان خاشقجي أشار فيه إلى أن "محمد بن سلمان يفعل ما يشاء الآن، لقد زالت جميع الضوابط التي تقيده".
وتحدثت الصحيفة عن تمويل حكومة بن سلمان لإطلاق مجلة أمريكية بعنوان "المملكة الجديدة"، التي ظهرت بشكل غامض في الولايات المتحدة خلال فترة زيارة ولي العهد السعودي لها، وتضمنت هذه المجلة صورا ومقالات تهدف بالأساس إلى إظهار الجوانب الإيجابية لمحمد بن سلمان وفكره الحديث والعصري، تجدر الإشارة إلى أن "المملكة الجديدة" صادرة عن شركة "أميركان ميديا" التي ساعدت دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية لسنة 2016 عن طريق التغطية على أخبار تتعلق بصلته بإحدى نجمات الأفلام الإباحية.انتهى/س
المصدر/ متابعات
اضف تعليق