وكالة النبأ للأخبار/ متابعة:
في الوقت الذي تتوالى فيه الأنباء، حول مصير الإعلامي والكاتب السعودي جمال خاشقجي، الذي اختفى منذ دخوله قنصلية بلاده في اسطنبول بتركيا في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وبينما تشير تقارير لشبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية، إلى أن السعودية في طريقها للإقرار بأن خاشقجي قتل داخل مقر قنصليتها بإسطنبول نتيجة أسلوب استجواب خاطئ، وفق ما نقلته الشبكة، يبدو الشيء المؤكد، من خلال كل تلك التطورات أن صورة السعودية، التي سعى الأمير محمد بن سلمان لتقديمها بشكل مختلف، في العالم وفي الغرب على وجه التحديد، لم تعد بعد تفجر قضية خاشقجي، كما كانت قبلها، وربما لن تعود في المدى المنظور.
وكان قدوم محمد بن سلمان للسلطة وليا للعهد في السعودية، قد رافقته حملة علاقات عامة في الغرب، نظمتها السلطات السعودية لتلميع صورة الأمير الإصلاحي الشاب، تكلفت الملايين من الدولارات، وروجت لفكرة أن الرجل هو الذي سينقل المملكة العربية السعودية نقلة كبيرة، باتجاه التغيير والإصلاح، عبر عدة خطوات قام بها كان بينها السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، وهو حق حرمت منه لسنوات طويلة وكذلك إلغاء الشرطة الدينية في البلاد، والتي عرفت بـ(هيئة الأمر بالمعروف)، ثم السماح بافتتاح دور السينما في البلاد، وإقامة الاحتفالات المختلطة.
غير أنه وما إن استقر الأمر لبن سلمان في السلطة، فإن الكثير من الكتاب الغربيين الذين شاركوا في تلك الحملة، بدأوا في تغيير آرائهم تدريجيا، خاصة بعد مواصلة السلطات السعودية في عهد بن سلمان القبض على النشطاء السياسيين، ونشطاء حقوق الإنسان، بوتيرة مرتفعة، وهو ما جعل من أثنوا على بن سلمان من الكتاب الغربيين في السابق يعودون لتعديل مواقفهم، ويعتبرون أنه ربما يكون جادا في إحداث إصلاح اجتماعي، لكن المؤكد أنه غير جاد في إحداث إصلاح سياسي في البلاد وفق ما قالوه في مقالات لهم.
وكان الخلاف الأخير بين السعودية وكندا في آب/أغسطس الماضي، هو نقطة التحول الكبرى في وجهة النظر الغربية تجاه سياسات محمد بن سلمان، والسعودية في عهده، ففي ذلك الوقت نشرت السفارة الكندية بالرياض، تغريدات أبدت فيها قلقها، من موجة اعتقالات جديدة في السعودية استهدفت ناشطين حقوقيين، بينهم سمر بدوي شقيقة الناشط رائف بدوي المعتقل منذ 2012.
وكان رد الفعل السعودي عنيفا جدا على تلك التغريدات، إذ أعلنت الرياض قطعها كافة علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع أوتاوا، كما قطعت حتى البعثات الدراسية للآلاف من طلابها في كندا، وقطعت أيضا الرحلات العلاجية لمرضى سعوديين هناك ،وأوقفت رحلات الطيران بين البلدين في خطوة أصابت العالم بالذهول.
أما قصة اختفاء أو قتل الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، في مقر قنصلية بلاده في اسطنبول، فربما تكون القشة التي قصمت ظهر البعير، وربما تصبح وفق رأي مراقبين نقطة التحول الأخيرة، في وجهة نظر كل من دعم صورة ولي العهد السعودي كزعيم إصلاحي، وقد بدا ذلك واضحا في كتابات إعلاميين وكتاب غربيين، كانوا قد انحازوا لخطوات ولي العهد السعودي الإصلاحي، إبان وصوله للسلطة، والذين أكدوا على أن كل تلك الحملات التي نظمت للترويج لرؤية ولي العهد السعودي، ربما ذهبت نتائجها أدراج الرياح بعد تفجر قضية اختفاء أو قتل خاشقجي.
يضاف إلى ذلك تراجع مؤسسات إعلامية دولية مرموقة، منها النيويورك تايمز، وشبكة بلومبرج، ومجلة الإيكونومست الاقتصادية البريطانية الرصينة، وصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية أيضا للمال والأعمال، ضمن مؤسسات دولية أخرى كبرى، عن حضور مؤتمر مستقبل الاستثمار في المملكة العربية السعودية، والمزمع انعقاده نهاية الشهر الحالي في العاصمة السعودية الرياض. انتهى/خ.
اضف تعليق