وكالة النبأ للأخبار/ متابعة:
بحسب الرواية السعودية الأخيرة عن ملابسات مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي؛ فإن مجموعة الخمسة عشر أو ما يعرف إعلاميًا باسم "كتيبة الإعدام"، التي تواجدت بالقنصلية في الوقت ذاته الذي وجد فيه خاشقجي لاستلام أوراقه، كانت تخطط لخطفه وإقناعه بالعودة لحظيرة ولي العهد، بيد أن الأمر تطور وبدأ خاشقجي في الصياح، فكتموا أنفاسه، ولقى حتفه.
وزعمت الرواية الأخيرة أن عضو كتيبة الإعدام، الطبيب الشرعي صلاح الطبيقي كان يرافقهم لمحو آثار عملية الخطف وإزالة البصمات من مكان الحادث، لا لتقطيع جثة خاشقجي كما ذكر في التسريبات الصحافية.
الرواية الجديدة تسببت في إثارة تساؤلات البعض عن ماهية الطب الشرعي ومجالاته واختصاص العقيد طبيب صلاح الطبيقي عضو كتيبة الإعدام، فيما تحاول السطور التالية الإجابة عن هذه الأسئلة.
الطب الشرعي.. خدمة العدالة أم طمس الأدلة؟
يُعرف الطب الشرعي (Forensic Medicine) بأنه: "فرع طبي تطبيقي يهدف إلى خدمه العدالة، من خلال تفسير وإيضاح المسائل الطبية موضوع المنازعة القضائية؛ سواء إذا كان موضوع النزاع متعلقا بصحة أو حياة الإنسان، أو إذا كان الأمر متعلقا بأمور فنية طبية ليست مفهومة بالضرورة من قبل الهيئة القضائية المختصة بالفصل في هذا النوع من النزاع".
وكلمة الطب الشرعي مكونة من شقين: طب وشرع، أما الطب فهو كل ما يتعلق بصحة وحياة الإنسان، وأما الشرع فهو القانون ومجاله هو الفصل بين المتنازعين وإثبات الحقوق من أجل إقامة العدالة . ويعرف الطب الشرعي في اللغة العربية أيضا بأسماء عديدة، منها: الطب العدلي، والطب القضائي، والطب القانوني.
والطبيب الشرعي هو الذي أكمل التدريب في علم الأمراض التشريحية، وتخصص في الطب الشرعي، ويقوم بتشريح الجثة لتحديد سبب الوفاة، وتحليل حالات أخرى مرتبطة بحالة الوفاة، مثل جمع الأدلة التتابعية أو تحديد هوية المتوفى، وكذلك فحص و توثيق الجروح والإصابات، سواء في تشريح الجثة، بالإضافة إلى النتائج المجهرية الأخرى، مثل وجود مواد كيميائية في الرئتين، أو جزيئات بارود في جروح إصابات طلق النار، وكذلك جمع وفحص تحليل السموم من أنسجة وسوائل الجسم لتحديد السبب الكيميائي للوفاة، سواء كان تعاطي جرعات زائدة، أو التسمم المتعمد.
أما رفع البصمات وتحريز الأدلة الجنائية وفحص مكان وقوع الحادث أو الجريمة، فهو أمر منوط بعدة أشخاص آخرين، هم: خبير البصمات، والمصور الجنائي، والمحقق الجنائي، وكلهم يعملون مع الطبيب الشرعي في قسم الطب الشرعي بوزارة العدل.
العقيد صلاح الطبيقي.. طبيب شرعي وجزّار ابن سلمان المحتمل
أظهرت التسريبات المصورة التي نشرتها صحيفة الصباح التركية، المقربة من الحزب الحاكم في أنقرة، وجود الطبيب صلاح الطبيقي بين الخمسة عشر سعوديًا الذين قدموا إلى تركيا في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وأعلنت المملكة السعودية عن إيقافهم قيد التحقيقات مع ثلاثة آخرين، في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي.
ومنذ اللحظة الأولى التي كُشف فيها عن هوية كتيبة الإعدام أثار وجود طبيب شرعي ذي حيثية أمنية في الفريق شكوك البعض بأن جثة خاشقجي قد تم التعامل معها والتخلص منها، خاصة بعدما ورد من تسريبات بشأن الصناديق المشبوهة التي أُخرجت من القنصلية ووضعت في سيارة دبلوماسية سوداء لم يُعرف وجهتها.
وصلاح محمد الطبيقي، المقيم الرياض والمولود عام 1971 في مدينة جازان جنوبي السعودية، أتمّ دراسته بكلية الطب، جامعة الملك فيصل في المملكة العربية السعودية عام 1997، ثم التحق بالمعهد السعودي العالي للدراسات الأمنية في الرياض؛ ليحصل على المرتبة الأولى بين أقرانه الدارسين عام 2000، وخلال تلك الفترة عمل أيضًا ممارسًا عامًا في العاصمة السعودية. في مطلع الألفينات، غادر الطبيقي المملكة العربية السعودية مُبتعثًا من أجل الحصول على شهادة الماجستير في الطب الشرعي، من كلية الطب بجامعة "جلاسكو" المرموقة في أسكتلندا، بالمملكة المتحدة.
وعلى مدار السنوات الخمس التالية عمل طبيبا شرعي في الرياض والدمام، ونشر عددًا من الأوراق حول جرائم القتل في المملكة، بالإضافة إلى مساهمته في إعداد كتابًا مدرسيًا باللغة العربية عن علم الأمراض الشرعي، وفي عام 2009 أصبح عضوًا في كلية الطب والطب الشرعي بالمملكة المتحدة، وحصل كذلك على القبول في المعهد السعودي المكافئ في العام التالي، وقضى الطبيقي خلال عام 2015 ثلاثة أشهر في أستراليا، بصفته طبيبًا شرعيًا زائرًا في المعهد الفيكتوري للطب الشرعي.
وعمل الطبيقي ضابطًا جنائيًا داخل العديد من الأجهزة الأمنية السعودية، وتولّى كذلك منصب مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية في مديرية الأمن العام، وعمل أستاذًا مشاركًا في جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية في الرياض؛ وهي واحدة من أشهر الكليات الأمنية التي تقوم بتخريج ضباط المباحث والمخبرين والأكاديميين الحكوميين.
واختص الطبيقي بالمجالين الأمني والطبي، ونشر داخل أروقة أجهزة الأمن السعودية، عددًا من الأبحاث العلمية أثناء ابتعاثه بالخارج، وذلك بالتزامن مع عمله في جامعة نايف للعلوم الأمنية. وبحسب سيرته المهنية على موقع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، فإن صلاح الطبيقي، أول من قام بإجراء عمليات تشريح افتراضية غير دموية في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن صلاح الطبيقي، هو مُبتكر أول مقطورة تشريح افتراضي متنقلة في المملكة والشرق الأوسط، والتي تقوم على أحدث التقنية التي تُمكنها من تشريح الجثة وإخراج النتائج في فترة زمنية لا تتجاوز سبع دقائق، وجرى استخدامها للمرة الأولى في موسم الحج عام 1434 هجريًا؛ إذ تقوم بـ"فحص وتشريح الجثمان في موقع الجريمة، دون الانتظار لنقل الجثة إلى المركز المحدد في المدينة للقيام بمثل هذا الإجراء، الذي قد يستغرق ساعات يمكن فيها رصد أو إيقاف المتورط في جريمة قتل أو غيرها في وقت قياسي".
ولم يعلق الطبيقي على أي من الاتهامات الموجهة إليه، فيما حذف حساب سفراء جازان على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تغريدة كان يشيد فيها بالطبيقي وإنجازاته، وذلك بعد اتهامه مع آخرين بقتل جمال خاشقجي. انتهى/خ.
المصدر: ساسة بوست
اضف تعليق