نشر موقع "مونيتور" مقالا للزميل الباحث في معهد بروكينغز بروس ريدل، يعلق فيه على إعلان السعودية عن نشر قوات أمريكية على أراضيها.
ويرى ريدل في مقاله، الذي ترجمه موقع "عربي21"، أن إعلان السعودية عن نشر قوات أمريكية على أراضيها يؤكد مظاهر القلق لدى الملك سلمان بن عبد العزيز من التوتر المتصاعد في المنطقة.
ويشير الكاتب إلى أن إعلان عودة القوات الأمريكية إلى السعودية، بعد 16 عاما من خروجها، جاء في بيان صدر يوم السبت، وتحدث عن نشر مئات من الجنود الأمريكيين في قاعدة سلطان بن عبد العزيز الجوية خارج العاصمة الرياض.
ويلفت ريدل إلى أن هذا الإعلان يتزامن مع التوتر المتزايد بين إيران وحلفائها وإدارة الرئيس دونالد ترامب والأمير محمد بن سلمان، مشيرا إلى أن نشر القوات الأمريكية في السعودية لم يكن من الأمور التي تحظى بشعبية، وهو من الأمور التي عارضها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بالإضافة إلى أنه يتزامن مع تخلي حلفاء ابن سلمان عنه في الحرب الدائرة على اليمن.
وينوه الكاتب إلى أن الرئيس الأمريكي فرانكلين ديلانو روزفلت رتب عملية بناء أول قاعدة عسكرية جوية في الظهران في المنطقة الشرقية، وذلك في أثناء الحرب العالمية الثانية، فيما أمر جون أف كيندي بنشر الطائرات القتالية الأمريكية في الظهران؛ لمنع الطيران المصري من ضرب السعودية في أثناء الحرب الأهلية في اليمن في بداية الستينيات من القرن الماضي.
ويذكر ريدل أن جورج هربرت بوش أرسل نصف مليون جندي إلى المملكة عام 1990، فيما عرف بعاصفة الصحراء لإخراج القوات العراقية من الكويت، مشيرا إلى أن الطيارين الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين بقوا بعد وقف إطلاق النار عام 1991، وقاموا بمراقبة منطقة الحظر الجوي في جنوب العراق.
ويفيد الكاتب بأنه عندما دعمت إيران الإرهابيين الشيعة السعوديين في مهاجمة أبراج الخبر عام 1996، التي كان يقيم فبها الجنود الأمريكيون، فإن وزير الدفاع في حينه ويليام بيري قرر نقلهم إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية.
ويتذكر ريدل كيف قام بصفته مساعدا لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأدنى، بالتفاوض على تفاصيل الانتشار الجديدة والتمويل السعودي له، مشيرا إلى أنه بالنسبة للأمريكيين فإن القاعدة الجديدة منحت حراسة أمنية مشددة. ويبين الكاتب أنه على خلاف القاعدة الجوية في الظهران، التي كانت وسط منطقة حضرية، وذات غالبية شيعية، فإن قاعدة الأمير سلطان الجوية تقع في وسط الصحراء، ومحاطة بمحاور عازلة من الاتجاهات كلها، مشيرا إلى أن هذا الترتيب عنى للسعوديين ابتعاد الجنود الأمريكيين عن أنظار السكان، وقد تظاهرت السعودية علنا أنهم خرجوا من البلاد.
ويشير ريدل إلى أن الأمريكيين خرجوا من السعودية في عام 2003، ما أدى إلى ارتياح الملك عبدالله بن عبد العزيز، فقد ذهب صدام حسين، ولم تعد هناك حاجة لعملية مراقبة الجنوب.
ويجد الكاتب أن "عودة الجنود الأمريكيين إلى البلاد من جديد تشير إلى حالة التصعيد الناجمة عن انتهاك الأمريكيين للاتفاقية النووية الموقعة مع إيران، وهو ما وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادمي، ودعت الصحافة السعودية التي تتحكم فيها الحكومة لعملية عسكرية ردا على هجمات إيران على ناقلات النفط".
ويرى ريدل أن الحرب السعودية في اليمن تحولت في الوقت ذاته إلى مستنقع مكلف جدا، فصواريخ الحوثيين ضربت مناطق عدة في العاصمة الرياض وأبها في الجنوب، وحصل المتمردون على المساعدة الفنية من إيران وحزب الله.
ويقول الكاتب إنه "عندما بدأت عملية عاصفة الحزم قبل أربعة أعوام، فإن العديد من حلفاء الرياض قدموا الدعم لها، وانتهى معظم ذلك الدعم، وكان آخر شريك مهم هي الإمارات العربية المتحدة، التي سحبت قواتها تاركة المملكة تترنح وحدها، ومن هنا فستجد المملكة صعوبة في إدارة التحالف الهش المعارض للحوثيين".
ويلفت ريدل إلى أن الكونغرس كان واضحا عندما طلب من إدارة ترامب مراجعة سياستها تجاه السعودية، خاصة مع ولي العهد محمد بن سلمان، وصوت مجلس النواب الأسبوع الماضي على مشروع قرار للحد من صفقات السلاح إلى الرياض، وسيواجه القرار فيتو الرئيس لكنه يظهر عدم شعبية المملكة، خاصة ولي العهد في الكابيتال هيل، مشيرا إلى أن المقررة الخاصة للأمم المتحدة في مجال القتل خارج القانون حملت السعودية مسؤولية قتل الصحافي جمال خاشقجي.
ويجد الكاتب أنه "من خلال إرسال الإدارة قوات إلى القاعدة الجوية فإنها تتصرف بطريقة عكسية، وستصبح الولايات المتحدة مشاركا رئيسيا في الحرب اليمنية لو تم استخدام صواريخ باتريوت للدفاع ضد الحوثيين، بالإضافة إلى أن مخاطر سوء التقدير والتصعيد متزايدة".
ويختم ريدل مقاله بالقول: "ربما اعتقد ولي العهد أنه قادر على الهروب من التداعيات المسمومة لتصرفاته المتهورة عبر النزاعات الكبرى، وحتى عبر نزاع إقليمي، وهو ما يستدعي وجود عقول حكيمة لتهدئة الوضع".
اضف تعليق