نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا على أثر التوصل لاتفاق نووي بين إيران والدول الكبرى، نقلت فيه تعليق وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي تحدث عن مدى فاعلية وإلزامية هذا الاتفاق، والإجراءات التي يمكن القيام بها في حالة خرق إيران له، ودوره في فتح الباب للتعاون مع طهران لحل مشاكل الشرق الأوسط، وتأثير التقارب بين فرنسا والعربية السعودية على وضع الشركات الفرنسية في إيران.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن وزير الخارجية الفرنسي أكد أن "منع إيران من تطوير السلاح النووي يعد هاجسا للمجتمع الدولي كافة، وليس فقط لإسرائيل وبلدان الخليج، باعتبار أن الأمر يتعلق بالسلم والأمن العالميين".
وأضاف فابيوس أن "فرنسا قد تشبثت طوال فترة المحادثات بثلاثة مطالب أساسية؛ تهدف إلى تمكين إيران من الطاقة النووية الصالحة للاستعمالات المدنية فقط، ومنعها من تخصيب اليورانيوم للحصول على القنبلة النووية"، موضحا أن هذه المطالب تتمثل خاصة في الحد بصفة دقيقة من إمكانات تطوير اليورانيوم لأهداف عسكرية، والتثبت من التزام إيران ببنود الاتفاق المبرم، ووضع آلية لإعادة تفعيل العقوبات بشكل سريع في حالة عدم التزام إيران بتعهداتها، "وقد ساهم هذا التصلب البنّاء في الموقف الفرنسي في الدفع نحو التوصل لاتفاق"، على حد قوله.
وأفادت الصحيفة أن فابيوس يعتقد أن هذا الاتفاق قد يمهد لبناء تحالف قوي مع إيران، التي تعتبر لاعبا رئيسا في منطقة الشرق الأوسط، من أجل إحلال السلام في المنطقة التي تشهد العديد من النزاعات الدموية. ولذلك فإن بلاده تشجع أي مبادرة في هذا الاتجاه، كما أنه لا يمانع في السفر شخصيا إلى طهران للعمل على تحسين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والسهر على ألا تقوم إيران باستعمال المبالغ المالية الهامة التي ستسترجعها بعد رفع العقوبات، في تمويل المليشيات الشيعية في الشرق الأوسط.
وأكد وزير الخارجية أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه سيضع حدا للبحوث التي تقوم بها إيران، "والتي كانت ستمكنها من الحصول على القنبلة الذرية في غضون شهرين، حيث إن هذا الاتفاق سيجمد البحوث السرية، ويضمن عدم تطوير القدرات النووية العسكرية الإيرانية لمدة لا تقل عن 10 سنوات، الأمر الذي يعد انتصارا في حد ذاته".
وقال إن بلاده، وبقية الأطراف المتفاوضة، قد أصرت على التنصيص على خطة لإعادة تفعيل العقوبات المسلطة على إيران بشكل آلي، في حالة خرقها لبنود الاتفاق، وذلك عبر الدعوة إلى اجتماع دول خمسة زائد واحد بشكل سريع من أجل التصويت حول إعادة تفعيل العقوبات، إذا ما اشتبهت في أن طهران تقوم ببعض التجاوزات.
وأكدت "لوموند" أن فرنسا وحلفاءها قد اتخذوا كافة الاحتياطات كي تستطيع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة إيران عن كثب، "حيث تم تمكينها من حق الولوج إلى كافة المواقع، بما في ذلك موقع بارشان العسكري، بهدف مراقبة مدى التزام طهران ببنود الاتفاق"، مشيرة إلى أن فابيوس قد أخذ على عاتقه مسؤولية التباحث مع مدير الوكالة حول ما إذا كانت المعايير المتفق عليها كافية.
وأوضحت الصحيفة أن الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد موافقة مجلس الأمن، وبعد هذه الموافقة سيتم منح إيران مهلة زمنية تقدر بـ 90 يوما تقوم خلالها بإعداد مؤسساتها لتنفيذ بنود الاتفاق، وتلي هذه المرحلة فترة تمتد بين ستة وتسعة أشهر تبدأ خلالها طهران بالالتزام التطبيقي بما تعهدت به، بينما يتم رفع العقوبات تدريجيا بالتزامن مع ذلك.
ورفض وزير الخارجية الفرنسي التعرض إلى موقف الكونغرس الأمريكي من الاتفاق، مؤكدا في الوقت ذاته أن "الانتعاشة التي شهدتها العلاقات الفرنسية السعودية لن تتأثر بنتيجة هذا الاتفاق، الذي يهدف إلى الحفاظ على السلام العالمي".
ونقلت "لوموند" عن فابيوس قوله إن "الشركات الفرنسية لها خبرة سابقة في العمل بإيران، ولها أساليب عمل اكتسبتها عبر الوقت، تضمن لها إعادة التموقع في السوق الإيرانية بعد رفع العقوبات، رغم الارتفاع المنتظر في مستوى المنافسة بعد انفتاح الاقتصاد الإيراني على العالم".
المصدر/ عربي 21
اضف تعليق