شهد العراق في الأيام الأخيرة جدلاً واسعاً بعد تداول تسجيلات صوتية "مزيفة" نُسبت إلى مسؤولين بارزين ومستشارين حكوميين، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على بدء مبكر لمعركة انتخابية حادة، قبيل الاستحقاق البرلماني المقرر في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وخلال أسبوع واحد، انتشرت ثلاثة تسجيلات على منصات التواصل الاجتماعي، تضمنت تصريحات منسوبة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومدير مكتبه إحسان العوادي، ومستشاره للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين، فضلاً عن تسجيل آخر منسوب إلى بهاء الأعرجي. وقد رُوّج لهذه المقاطع عبر إعلانات ممولة لضمان وصولها إلى جمهور واسع.
ورغم نفي الجهات التقنية صحة هذه المقاطع، وتأكيد خبراء أنها مفبركة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها أثارت جدلاً سياسياً واسعاً.
وأكدت منصة "التقنية من أجل السلام" العراقية أن التسريب المنسوب إلى السوداني "مولّد بأداة Eleven Labs"، مشيرة إلى ضعف تقليد مخارج الحروف العراقية في المقاطع.
في المقابل، أعلن مكتب رئيس الحكومة تقديم شكاوى قضائية ضد المتورطين في نشر هذه التسجيلات، فيما دخلت مؤسسات رقابية كهيئة النزاهة وهيئة الإعلام والاتصالات على خط الأزمة، للتحذير من محاولات "تضليل الرأي العام وتسقيط الخصوم".
ويرى مراقبون أن هذه التسجيلات تعكس تصاعد الاستقطاب السياسي، إذ قال النائب عامر الفايز إن "حملات التشويه تسبق عادة كل انتخابات، لكنها اليوم باتت أكثر سهولة وخطورة مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي".
فيما اعتبر النائب عدنان الزرفي أن "القضية أكبر من مجرد تسريبات، وهي تكشف خللاً أخلاقياً عميقاً في النظام السياسي".
أما المحلل السياسي حسين الشلخ، فربط الظاهرة بطبيعة العملية السياسية بعد 2003، معتبراً أن "التسريبات المفبركة جزء من حرب حزبية غير نظيفة تعكس حجم الفشل والهشاشة".
وتستعد البلاد لإجراء سادس انتخابات تشريعية منذ الغزو الأميركي عام 2003، وسط توقعات بأن تكون المنافسة المقبلة من بين الأعنف، في ظل الانقسامات السياسية العميقة، وتزايد المخاوف من تأثير المال السياسي والدعاية السوداء على مسار العملية الانتخابية.
م.ال
اضف تعليق