تطفو عشرات البالونات الحمراء فوق الركام، بمحاذاة طريق رئيسي في مدينة أنطاكيا، في تحية إلى أرواح الأطفال الذين أودى بهم الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا في السادس من فبراير الحالي.
يعكس انتشار البالونات الحمر وسط الأنقاض، تناقضاً صارخاً مع اللون الرمادي المغبرّ للركام والأساسات المعدنية الملتوية التي كانت تشكّل ذات يوم مبنى من تسع طبقات.
على خلفية أحادية اللون، تشهد حفنة من المقتنيات الشخصية على قاطنين صغار حصد أرواحهم الزلزال.
وترقد لعبة أرجوانية مزينة بصور كرتونية لشخصيات من عالم ديزني للأطفال، من البطة "ديزي" إلى الفأر "ميني"، بالقرب من دراجة سكوتر باللون الزهري ومعطف وردي داكن مزين بقلوب الحب.
ويقول أوغون سيفير أوكور، صاحب فكرة المبادرة، "مات ثلاثة أطفال هنا. وكانوا في سن 18 شهراً وأربع سنوات وست سنوات".
أوكور، وهو مصور ومزارع للورود، تطوع كمنقذ في الأيام التي أعقبت الزلزال في مسقط رأسه في أضنة، قبل أن يتوجه إلى أنطاكية الواقعة على بعد 200 كيلومتر، وهي من أكثر المواقع تضرراً جراء الزلزال.
ويوضح "بدأت عملي هنا ثم انتقلت إلى المبنى الخلفي. هذه المنطقة خلفت صدمة لدي. لم أستطع النوم لليال عدة لأننا لم نتمكن من إنقاذ الأطفال من هنا".
بعد ثمانية أيام من الزلزال، بدأ أوكور في وضع البالونات فوق الأنقاض في المدينة التي يقطنها 400 ألف شخص، والتي باتت أشبه بمدينة أشباح لا يخرق صمتها سوى الحفارين وشاحنات إزالة الردم.
وأودى الزلزال المدمر بحياة أكثر من 42 ألف شخص في تركيا، فيما لم تعلن السلطات التركية عن عدد الأطفال بين هؤلاء الضحايا.
منذ عام 2020، يدعم أوكور الأطفال المحرومين من خلال جمعيته التي تزود الصغار بالألعاب والطعام، وتغطي في بعض الحالات تكاليف الأطراف الصناعية أو العمليات الجراحية.
ويقول أوكور إن البالونات كانت "آخر لعبة (يستطيع) تقديمها" للضحايا الصغار، وقد جرى ربط ما يصل إلى ألف بالون في خمسة أو ستة مبانٍ في أنطاكية وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويوضح أن البالونات الحمراء تمثّل عادة "الفرح والحب"، لكن في أنطاكية بعد الزلزال، "هذه أول مرة تنهمر دموعنا بسبب بالون".
اضف تعليق