أصدر ملتقى النبأ للحوار بحثا علميا بعنوان: "تفويض الاختصاص التشريعي للسلطة التنفيذية في فرض وتعديل الرسوم" للدكتورة شيماء فارس محمد، وذلك ضمن سلسلة "بحوث ودراسات في الإصلاح التشريعي ومكافحة الفساد والحكم الرشيد" التي يصدرها الملتقى.

يتناول البحث مسألة من أبرز إشكاليات الفقه الدستوري في العراق، تتعلق بتفويض السلطة التشريعية لاختصاصها الأصيل في فرض وتعديل الرسوم إلى السلطة التنفيذية، رغم أن المادة (28) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 قد نصّت صراحة على أن "لا تفرض الضرائب والرسوم، ولا تعدل، ولا تجبى، ولا يُعفى منها، إلا بقانون".

وهو ما يجعل هذا الاختصاص حكرًا على السلطة التشريعية دون غيرها.

وتؤكد الباحثة أن هذا التفويض يفتقر إلى السند الدستوري، ما يجعله متعارضا مع مبدأ قانونية الرسوم، ويهدد مبدأ الفصل بين السلطات.

وقد أشارت إلى، أن بعض الفقه يرى في تصرّف السلطة التنفيذية اغتصابا للاختصاص التشريعي، بينما يتحمل البرلمان مسؤولية هذا الخرق الدستوري كونه الطرف الذي منح التفويض.

وتكمن أهمية البحث – بحسب الكاتبة – في تحديد مدى مشروعية هذا التفويض، وبيان تداعياته الدستورية، ولا سيما على صعيد الضمانات القانونية التي تحمي حقوق المواطنين في أن تُفرض الرسوم بموجب تشريعات صادرة عن ممثليهم في البرلمان، لا عن طريق قرارات تنفيذية.

وقد اعتمدت الدراسة المنهج التحليلي الاستقرائي، مستندة إلى تحليل النصوص الدستورية والقانونية وآراء الفقهاء، وسُلِّط الضوء على نية المشرّع العراقي بهدف التوصل إلى حلول قانونية رصينة.

واختتمت الدراسة بجملة من الاستنتاجات المهمة، أبرزها:

• لا يجوز لأي سلطة من السلطات الثلاث أن تفوض اختصاصًا نص عليه الدستور إلا بوجود نص دستوري صريح.

•تفويض السلطة التشريعية لاختصاص فرض وتعديل الرسوم بدون نص دستوري يمثل خرقا لمبدأ قانونية الرسوم.

• ما تقوم به السلطة التنفيذية لا يُعدّ اغتصابا للاختصاص، بل هو نتيجة تفويض غير مشروع من قبل السلطة التشريعية.

• النصوص الدستورية الحالية لا تحتوي على أي تصريح أو تلميح يجيز تفويض الاختصاصات التشريعية للسلطة التنفيذية.

• تفويض من هذا النوع يجب أن يخضع لرقابة المحكمة الاتحادية العليا لضمان الالتزام بالدستور.

وخلصت الباحثة إلى عدد من المقترحات، من بينها:

• ضرورة احترام مبدأ قانونية الرسوم، وعدم الالتفاف عليه من خلال التفويضات غير الدستورية.

• إثارة الرقابة الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا بشأن مدى دستورية هذا النوع من التفويض.

• دعوة البرلمان إلى التراجع عن أي تفويض غير دستوري حفاظا على مبادئ النظام الديمقراطي وسيادة القانون.

• تعزيز الدور الرقابي على الموارد غير الريعية، بما يضمن أن تكون تحت مظلة القانون لا خارجه، لما لذلك من أثر مباشر على الاستقرار المالي والعدالة الضريبية.

يُذكر أن ملتقى النبأ للحوار يواصل إصدار سلسلة من الدراسات المعنية بالإصلاح التشريعي وتعزيز الحكم الرشيد، ضمن مشروعه الهادف إلى دعم بناء دولة المؤسسات وترسيخ قيم الدستور والعدالة في العراق.

اضف تعليق