تشهد الأسواق حاليًا انتشارًا واسعًا للمكملات الغذائية التي تُسوّق على أنها قادرة على خفض مستويات السكر في الدم، والحد من ارتفاعه المفاجئ، وتحسين حساسية الأنسولين، فضلاً عن مساعدتها في إنقاص الوزن. ومع تصاعد هذه الادعاءات، يطرح خبراء الصحة تساؤلات حول مدى مصداقية وفعالية هذه المنتجات، خاصة في ظل غياب رقابة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عليها.
تُسوّق الشركات المصنعة لمكملات مقاومة الأنسولين على أنها تساعد في تقليل خطر الإصابة بهذه الحالة، التي تجعل الجسم أقل استجابة للأنسولين، مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع نسبة السكر في الدم، وقد ينتهي الأمر بالإصابة بمقدمات السكري أو داء السكري من النوع الثاني، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
وتشير العلامات التجارية إلى أن منتجاتها تحتوي على مكونات طبيعية مثل القرع المر، والتوت الأبيض، والقرفة، والتي يُعتقد أنها تساعد في تحسين حساسية الأنسولين، إلا أن الأبحاث العلمية حول هذه المواد لا تزال محدودة، ولا تقدم أدلة قاطعة على فعاليتها في علاج مقاومة الأنسولين أو إنقاص الوزن.
أكدت الدكتورة ريكا كومار، أخصائية الغدد الصماء في مستشفى نيويورك-بريسبتيريان، أن مفهوم حساسية الأنسولين يشير إلى مدى استجابة الجسم للأنسولين، وبالتالي فإن زيادة الحساسية تعني الحاجة إلى كميات أقل من الأنسولين لمعالجة الكربوهيدرات وتحويلها إلى طاقة. في المقابل، تؤدي مقاومة الأنسولين إلى الحاجة لكميات أكبر من الأنسولين لتحقيق النتيجة ذاتها.
من جانبه، أوضح الدكتور كريستوف بوتنر، رئيس قسم الغدد الصماء في جامعة روتجرز، أن ضعف حساسية الأنسولين قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر والدهون في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية، إلى جانب مرض الكبد الدهني.
أما الدكتور مير علي، المدير الطبي لمركز ميموريال كير الجراحي لإنقاص الوزن، فقد أشار إلى عدم وجود دراسات علمية دقيقة تُظهر تأثيرًا كبيرًا لهذه المكملات على مستويات السكر في الدم أو الوزن، مؤكدًا أن الحلول الحقيقية تكمن في اتباع نمط حياة صحي وليس الاعتماد على المكملات فقط.
رغم شيوع استخدام بعض المكونات في هذه المكملات، إلا أن نتائج الأبحاث بشأنها لا تزال غير حاسمة:
- القرع المر: أظهرت دراسة نشرتها مجلة العلاجات التكميلية في الطب عام 2020 أن مستخلص القرع المر لم يُحدث تغييرًا ملحوظًا في مستويات الهيموغلوبين السكري (HbA1c) لدى مرضى السكري من النوع الثاني، لكنه ساهم في خفض متوسط مستوى السكر في الدم أثناء الصيام.
- القرفة: تحليل تلوي نُشر عام 2023 في مجلة Diabetology & Metabolic Syndrome أشار إلى أن القرفة قد تكون "علاجًا إضافيًا" لتحسين مستويات السكر في الدم، إلا أن تأثيرها لا يُعدّ حاسمًا.
- التوت الأبيض: يُستخدم في الطب الصيني التقليدي لعلاج السكري، لكن معظم الأبحاث حوله أُجريت على الحيوانات وليس على البشر، مما يجعل استخلاص نتائج مؤكدة أمرًا صعبًا.
يحذر الخبراء من الاعتقاد بأن المكملات الغذائية وحدها كافية لمعالجة مقاومة الأنسولين أو إنقاص الوزن. وتوصي أخصائية التغذية ليندسي مالون باتباع تغييرات في نمط الحياة، مثل:
- اتباع نظام غذائي متوازن منخفض السكريات وقليل المعالجة.
- ممارسة الرياضة بانتظام لتحسين حساسية الأنسولين.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم لدعم عمليات الأيض.
رغم التحفظات على المكملات الجديدة، هناك بعض الفيتامينات والمعادن التي أظهرت دراسات موثوقة فائدتها في دعم حساسية الأنسولين وفقدان الوزن، مثل:
- إل-كارنيتين: أظهر تحليل تلوي عام 2020 أن هذا الحمض الأميني قد يساهم في تقليل الوزن، لكنه لم يُظهر تأثيرًا كبيرًا على نسبة الدهون في الجسم.
- أوميغا 3: تُساعد في تقليل الالتهابات، وقد تُحسن حساسية الأنسولين، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة.
- فيتامين د: انخفاض مستوياته قد يرتبط بمقاومة الأنسولين، لذا فإن تعويضه قد يُحسن استجابة الجسم للأنسولين، وفقًا لدراسات نشرتها مجلة الغدد الصماء السريرية ومجلة الجمعية الأمريكية للتغذية.
في ظل غياب أدلة علمية كافية، تبقى مكملات مقاومة الأنسولين مجرد منتجات تسويقية تفتقر إلى الاعتماد الرسمي من الجهات الصحية.
ويوصي الخبراء بعدم الاعتماد عليها كحلّ سحري، بل التركيز على تحسين نمط الحياة من خلال نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، والحفاظ على توازن الجسم بشكل عام.
م.ال
اضف تعليق