حذّرت دراسة حديثة من أن درجات حرارة الأرض قد ترتفع بمقدار 7 درجات مئوية بحلول عام 2200، حتى في حال بقاء انبعاثات الكربون عند مستويات متوسطة، وهو ما قد يؤدي إلى تغيرات مناخية كارثية تهدد الأمن الغذائي، وتفاقم الظواهر الجوية المتطرفة، وتؤدي إلى نزوح الملايين من سكان المناطق الساحلية.
وأجرى الدراسة فريق من معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ (PIK) في ألمانيا، ونُشرت نتائجها في مجلة Environmental Research Letters.
ووفقًا للباحثين، فإن السيناريوهات المناخية التي جرى تحليلها أظهرت أن الاحتباس الحراري قد يؤدي إلى:
- زيادة موجات الحر الشديد التي تهدد الحياة البشرية وتزيد من أعباء الرعاية الصحية.
- تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية نتيجة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما قد يفاقم أزمات الغذاء العالمية.
- ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب ذوبان الجليد القطبي، مما قد يغمر مدنًا ساحلية ويؤدي إلى نزوح سكاني واسع النطاق.
- تفاقم الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات، نتيجة الاضطرابات المناخية المتزايدة.
وقالت كريستين كاوفولد، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إن النتائج تشير إلى أن "ذروة الاحترار قد تكون أعلى بكثير من المتوقع، ما يستدعي تسريع الجهود للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وإزالتها من الغلاف الجوي".
ووفقًا للباحثين، فإن عمليات طبيعية مثل تحلل الصخور بفعل الأمطار الحمضية وزيادة حرائق الغابات قد تؤدي إلى إطلاق كميات إضافية من ثاني أكسيد الكربون، مما يسرّع من وتيرة التغير المناخي.
وأظهرت الدراسة أنه حتى إذا توقفت الانبعاثات الكربونية اليوم، فإن هناك احتمالًا بنسبة 10% أن ترتفع حرارة الأرض بمقدار 3 درجات مئوية بحلول عام 2200، وهو ما يتجاوز الحد الذي وضعته اتفاقية باريس للمناخ، التي تهدف إلى إبقاء الاحترار أقل من 2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
واستخدم العلماء في دراستهم نموذج المحاكاة الحاسوبية CLIMBER-X، الذي يحلل تأثيرات المناخ بناءً على العوامل الفيزيائية والجيوكيميائية والبيولوجية، مع التركيز على دور غاز الميثان، الذي يُعد أكثر تأثيرًا من ثاني أكسيد الكربون في رفع درجات الحرارة.
وقال يوهان روكستروم، مدير معهد بوتسدام وأحد المشاركين في البحث: "نتائجنا تؤكد أن القرارات التي تُتخذ اليوم ستحدد مستقبل الأجيال القادمة. نحن نشهد بالفعل إشارات مقلقة على فقدان الأرض لقدرتها على التكيف، مما قد يُسرّع التغير المناخي بشكل يتجاوز جميع التوقعات السابقة"، مشيرًا إلى أن "تحقيق أهداف اتفاقية باريس لم يعد مجرد التزام سياسي، بل هو ضرورة علمية لضمان مستقبل قابل للعيش".
وتأتي هذه الدراسة في وقت تتزايد فيه التحذيرات من تفاقم أزمة المناخ، وسط استمرار اعتماد الدول على الوقود الأحفوري كمصدر رئيسي للطاقة.
ويؤكد الباحثون أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية يتطلب خفض الانبعاثات إلى مستويات قريبة من الصفر، وتوسيع تقنيات امتصاص الكربون من الغلاف الجوي.
ويعدّ هذا البحث بمثابة تحذير جديد لصناع القرار بضرورة تسريع التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتعزيز السياسات البيئية للحد من تداعيات الاحترار العالمي قبل فوات الأوان.
م.ال
اضف تعليق