في إنجاز طبي غير مسبوق، أعلنت دراسة سريرية حديثة عن نجاح علاج تجريبي بالخلايا الجذعية في إنهاء اعتماد عدد من مرضى السكري من النوع الأول على الأنسولين، في خطوة تمهّد لعلاج فعّال وربما نهائي لهذا المرض المزمن.
العلاج الجديد، الذي يحمل الاسم العلمي "Zimislecel"، ساعد 10 من أصل 12 مريضًا على التوقف التام عن استخدام الأنسولين بعد عام واحد فقط من تلقي العلاج، بينما احتاج المريضان الآخران إلى جرعات أقل بكثير من السابق.
ويعتمد هذا العلاج على خلايا جذعية معدّلة في المختبر لتتحول إلى خلايا بنكرياسية متخصصة بإنتاج هرمون الأنسولين.
وبعد حقنها في مجرى دم المريض، تستقر هذه الخلايا في الكبد، حيث تبدأ بإنتاج الأنسولين بشكل طبيعي لتعويض الخلايا التالفة في البنكرياس.
وأظهرت النتائج، أن المرضى تمكنوا من تنظيم مستويات السكر في الدم بشكل أفضل، إذ ارتفعت نسبة الوقت الذي قضوه ضمن النطاق الصحي للجلوكوز من نحو 50% إلى أكثر من 93% خلال عام واحد، كما أصبحت تقلبات السكر بعد الوجبات أقل حدة.
شملت الدراسة مرضى يعانون من نوع فرعي نادر من السكري من النوع الأول يُعرف بـ"عدم الوعي بنقص السكر"، وهي حالة لا تظهر فيها أعراض الانخفاض الحاد في السكر مثل التعرق أو الارتعاش، ما يزيد خطر الإغماء والنوبات وحتى الوفاة.
ومن بين المشاركين كانت أماندا سميث، البالغة من العمر 36 عامًا من لندن، والتي صرحت: "بعد ستة أشهر فقط من تلقي الحقنة، توقفت عن استخدام الأنسولين بالكامل. إنها بمثابة بداية جديدة تمامًا".
ويمتاز العلاج الجديد بأنه لا يعتمد على خلايا مأخوذة من متبرعين متوفين، بل يتم إنتاج الخلايا الجذعية بالكامل داخل المختبر، مما يوفر مصدرًا مستدامًا وقابلًا للتوسع، بعيدًا عن القيود المرتبطة بندرة المتبرعين.
ورغم هذا التطور اللافت، لا يزال البروتوكول العلاجي يتطلب من المرضى تناول أدوية مثبطة للمناعة لمنع رفض الجسم للخلايا الجديدة، وهي مسألة يسعى الباحثون إلى تقليلها مستقبلًا.
الجراح والباحث المشارك في الدراسة، الدكتور تريفور رايخمان، قال إن "هذه هي المرة الأولى التي نُظهر فيها إمكانية الاستعاضة البيولوجية الكاملة عن الخلايا المنتجة للأنسولين في إجراء واحد آمن وفعّال وبأقل قدر من المخاطر".
وأضاف أن الدراسة تقرّبنا خطوة مهمة من التوصل إلى علاج نهائي لمرض السكري من النوع الأول.
بدأ تطوير هذا العلاج قبل 25 عامًا، عندما كرس والد طفلة شُخصت بالسكري حياته لإيجاد علاج شافٍ، وأسفرت الجهود عن أول تجربة ناجحة عام 2021 مع مريض يُدعى برايان شيتون، الذي تعافى من نوبات انخفاض السكر الحادة بعد تلقي العلاج، قبل أن يتوفى لاحقًا لأسباب غير مرتبطة بالعلاج، بحسب الشركة المطوّرة "فيرتكس".
وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن"، فيما يستعد الباحثون لتقديم طلب رسمي بالحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية خلال السنوات الخمس المقبلة، ما قد يمهد لتحول جذري في علاج أحد أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم.
م.ال
اضف تعليق