عندما تواجه مهمة تتطلب تركيزاً عالياً أو تحتاج إلى تعلم مهارة جديدة، قد يكون من الأفضل أن تأخذ قيلولة، وفقاً لما توصل إليه باحثون من كلية الطب في جامعة هارفارد الأميركية.

وأظهرت الدراسة، المنشورة، الاثنين، بدورية (JNeurosci) أن النوم القصير بعد التدريب يساعد الدماغ على تثبيت المهارات المكتسبة، وتحسين الأداء في المهام الحركية.

وتُعد القيلولة عادة صحية شائعة يلجأ إليها كثيرون لاستعادة النشاط والتركيز خلال اليوم. وقد أثبتت أبحاث سابقة أن النوم القصير أثناء النهار، الذي يتراوح عادة ما بين 20 و60 دقيقة، يمكن أن يُحسن كثيراً الوظائف المعرفية، مثل الانتباه، والذاكرة، واتخاذ القرار. وتختلف فوائد القيلولة باختلاف توقيتها ومدتها؛ فالقيلولة القصيرة تُنشط الذهن دون التسبب في الشعور بالخمول، بينما قد توفر القيلولة الأطول فوائد أعمق، لكنها يُحتمل أن تؤثر سلباً على جودة النوم الليلي.

وتُستخدم القيلولة أيضاً بوصفها وسيلة فعّالة لتحسين الأداء العقلي والجسدي في بيئات التدريب والتعليم، خصوصاً بعد فترات من التعلم أو المجهود الذهني المكثف.

وهدفت الدراسة إلى الكشف عن الآليات العصبية التي تجعل من النوم أداة فعّالة في تعزيز تثبيت المعلومات، وتحسين الأداء الحركي. وخلال التجربة، شارك 25 شخصاً طُلب منهم تعلم تسلسل معين على لوحة المفاتيح، وهي مهمة تتطلب تنسيقاً حركياً دقيقاً، في الوقت الذي كان الباحثون يسجلون النشاط الدماغي لدى المشاركين باستخدام أجهزة لرصد الإشارات الكهربائية في الدماغ.

وبعد التدريب، حصل المشاركون على قيلولة قصيرة استمر خلالها تسجيل النشاط الدماغي. وأظهرت النتائج أن المناطق القشرية في الدماغ التي كانت نشطة أثناء التعلم أظهرت خلال النوم نشاطاً إيقاعياً زائداً، وارتبط هذا النشاط بمدى تحسن الأداء في المهمة بعد الاستيقاظ.

ولفتت الدراسة إلى أن أنماط النشاط العصبي المرتبطة بالأداء قبل القيلولة كانت تختلف عن تلك التي ظهرت بعد النوم؛ إذ ارتبط التعلم أثناء التدريب بزيادة الإيقاعات الدماغية في مناطق مسؤولة عن تنفيذ الحركة، بينما ارتبط الأداء المحسن بعد النوم بزيادة النشاط في مناطق تخطيط الحركة.

وقال الباحثون إن «النشاط الإيقاعي في الدماغ يحدث في جميع مناطقه أثناء النوم، لكن المناطق المرتبطة بالتعلم تُظهر زيادة خاصة في هذه الإيقاعات، ويُعتقد أن هذا يساعد على تثبيت الذاكرة وتعزيزها». وأضافوا أن النشاط في مناطق تنفيذ الحركة يُمثل الذاكرة الحركية للمهمة نفسها، بينما يُسهم النشاط في مناطق تخطيط الحركة في تحسين الأداء المستقبلي.

ووفق الباحثين، أظهرت النتائج أن القيلولة لا تمنح الجسم فرصة للراحة فحسب، بل تتيح للدماغ أيضاً فرصة لإعادة تنظيم نفسه وتثبيت المهارات المكتسبة، خصوصاً تلك المتعلقة بالحركة الدقيقة والتنسيق. وخلصوا إلى أن النتائج تفتح المجال لتحسين استراتيجيات التدريب والتعليم في مجالات تتطلب مهارات حركية دقيقة مثل العزف على الآلات الموسيقية أو برامج التأهيل الحركي بعد الإصابات.



متابعات



س ع

اضف تعليق