يواصل فريق من الباحثين الدوليين تجارب سريرية على علاج مبتكر لمرض السكري من النوع الثاني، يعتمد على استخدام دفقة بخار ساخن تُوجه إلى بطانة الاثني عشر – الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة – في محاولة لإعادة ضبط حساسية الجسم تجاه الأنسولين، ما قد يغني المرضى عن الحقن اليومية التقليدية.
ويستند هذا النهج إلى ملاحظة طبية تفيد بأن بطانة الاثني عشر لدى مرضى السكري غالباً ما تصبح أكثر سمكاً نتيجة الأنظمة الغذائية الغنية بالكربوهيدرات والدهون والسكريات، حيث يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تحفيز إفراز الأنسولين بشكل مفرط، مما يرسل إشارات للجسم لتعزيز نمو الخلايا في الغشاء المخاطي ويقلل من حساسية الأنسولين.
ويهدف العلاج إلى إعادة تجديد سطح البطانة بما يسمح بعودة التوازن الطبيعي لحساسية الجسم للأنسولين وضبط مستويات السكر في الدم.
وتُظهر البيانات الأولية من تجارب أُجريت في أوروبا والبرازيل أن مستويات السكر في الدم لدى المرضى انخفضت بشكل ملحوظ بعد عامين من تلقي العلاج، فيما تمكن أكثر من نصف المشاركين من تقليل جرعات أدوية السكري أو تثبيتها عند مستويات منخفضة.
أما تجربة أخرى أصغر في تشيلي، باستخدام نسخة مطورة من التقنية، فأفضت إلى نتائج أكثر إثارة، إذ توقف جميع المرضى عن استخدام حقن الأنسولين بعد تسعة أشهر فقط، مع استمرار بعضهم بتناول أدوية فموية داعمة.
آلية العلاج تعتمد على إدخال جهاز عبر المنظار الداخلي، يشبه البالون ويطلق دفعات من البخار الساخن أو سائل مسخّن بترددات راديوية، تستمر كل دفقة نحو ثلاث ثوان، وتغطي طولاً يصل إلى 60 سنتيمتراً من بطانة الاثني عشر.
ويُشبه تأثير هذا التدخل الجزئي تأثير جراحة تحويل مسار المعدة، التي تتجاوز قسماً من الأمعاء الدقيقة لتحسين السيطرة على سكر الدم.
ويُجرى الإجراء خلال نصف ساعة فقط، ويستطيع المريض العودة إلى منزله بعد ساعتين، فيما يلتئم الغشاء المخاطي خلال أربعة أسابيع.
وحتى الآن، لم تُسجل مضاعفات خطيرة أو مشكلات صحية لدى الخاضعين للعلاج. ووفقاً للنتائج، انخفض متوسط مستوى الهيموغلوبين السكري (HbA1c) من 9.3% إلى 7.6%، مقارنةً بالمستوى المثالي الأقل من 6.5%.
الدكتور ريحان حيدري، قائد التجربة، أكد أن النتائج "مشجعة للغاية" وأعلن عن خطط لبدء تجارب مماثلة في المملكة المتحدة خلال العام المقبل.
فيما وصف أرين ساها، استشاري جراحة الجهاز الهضمي والسمنة، التقنية بأنها "خطوة واعدة قد تغيّر مستقبل التعامل مع مرض السكري من النوع الثاني، وتخفف الأعباء عن ملايين المرضى حول العالم".
ويأتي هذا التطور في وقت يواجه فيه العالم ارتفاعاً متسارعاً في أعداد المصابين بالسكري، مع ما يحمله من أعباء صحية واقتصادية، ما يجعل أي تقدم في مجال العلاجات غير الدوائية محل اهتمام واسع لدى الأوساط الطبية.
م.ال
اضف تعليق