تعهدت كولومبيا بشن "حرب" ضد المتمردين اليساريين في ظل موجة عنف أودت بحياة أكثر من 100 شخص، وأسفرت عن نزوح ما يزيد على 11 ألف شخص، ما يهدد بعرقلة عملية السلام الهشة التي تسعى البلاد لتحقيقها.
وفي غضون خمسة أيام فقط، شهدت ثلاث مناطق مختلفة من كولومبيا، تمتد من غابات الأمازون النائية إلى الحدود المضطربة مع فنزويلا، سلسلة من المواجهات الدامية بين جماعات مسلحة متنافسة.
الرئيس جوستافو بيترو، الذي لطالما تبنى سياسة المصالحة والتفاوض منذ انتخابه عام 2022، أعلن، الاثنين، عن تغيير في استراتيجيته، مؤكدًا أن جيش التحرير الوطني (ELN) "اختار طريق الحرب، والحرب سوف يخوضها".
جاء هذا التصريح بعد مقتل 80 شخصًا في هجمات نسبت إلى جيش التحرير الوطني على جماعات يسارية منافسة في منطقة الحدود.
ودفعت هذه الأزمة السلطات إلى نشر 5000 جندي في المناطق الحدودية لمحاولة كبح تصاعد العنف.
وأفاد مكتب أمين المظالم بأن عناصر جيش التحرير الوطني لجأوا إلى أساليب وحشية، حيث أقدموا على قتل أشخاص يُشتبه في ارتباطهم بوحدات منشقة عن القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، وذلك عبر مداهمة المنازل بشكل ممنهج.
ونزح آلاف السكان المذعورين من مناطق الصراع، مستخدمين الدراجات النارية والقوارب وحتى شاحنات مفتوحة لنقل عائلاتهم وممتلكاتهم، ولجأ المئات إلى مدينة تيبو، حيث أُقيمت ملاجئ طارئة، بينما اختار آخرون عبور الحدود إلى فنزويلا، التي كانت في السابق مقصدًا للهاربين من الأزمات الاقتصادية والسياسية.
وقال جيوفاني فالرو، مزارع كولومبي يبلغ من العمر 45 عامًا لجأ إلى فنزويلا: "بصفتي كولومبيًا، من المؤلم أن أغادر بلدي، آمل أن يتم تسوية هذا الوضع قريبًا لأعود إلى وطني".
وفي الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الكولومبية عن اندلاع اشتباكات جديدة في منطقة نائية من غابات الأمازون، حيث قُتل 20 شخصًا في معارك بين ميليشيات يسارية متناحرة في مقاطعة جوافياري.
ويشكل العنف المتزايد تحديًا جديدًا للرئيس بيترو، الذي تعرض لانتقادات بسبب سياسته التصالحية مع الجماعات المسلحة، إذ يرى معارضوه أن هذه السياسة أعطت المتمردين فرصة لتعزيز نفوذهم والازدهار من عائدات تجارة الكوكايين.
وبالرغم من اتفاق السلام التاريخي لعام 2016 مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، الذي كان بمثابة بارقة أمل لإنهاء الصراع المستمر منذ ستة عقود، لا تزال الفصائل المنشقة عن الحركة تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي، مما يعرقل جهود البلاد لتحقيق سلام شامل ومستدام.
كولومبيا، التي تعد أكبر منتج للكوكايين في العالم، تواجه اليوم اختبارًا حاسمًا، إذ يتوقف استقرارها السياسي والاقتصادي على قدرتها على التصدي لتنامي نفوذ الجماعات المسلحة وإنهاء حلقة العنف المستمرة.
المصدر: the guardian
م.ال
اضف تعليق